يرتبط اسم سعيدة بالرغبة في التفاؤل والبهجة، إذ يُقال إن الاسم مشتق من الكلمة العربية سعيدة بمعنى السعادة أو الفرح، وقد أُطلق عليها هذا الاسم لجمال طبيعتها واعتدال مناخها وصفاء جوّها. ويُرجّح بعض المؤرخين أن الاسم يعود إلى عين سعيدة، وهو منبع مائي معروف في المنطقة منذ القدم.
عرفت منطقة سعيدة استيطانًا بشريًا منذ العصور القديمة، وشهدت مرور العديد من الحضارات، من الفينيقيين والرومان إلى العرب المسلمين. في العهد الروماني، كانت تُعرف باسم Pomaria أي بساتين الفاكهة، نظرًا لخصوبة أراضيها. في القرن التاسع عشر، كانت سعيدة مركزًا هامًا للمقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، إذ جعلها الأمير عبد القادر الجزائري قاعدة عسكرية له في سنوات جهاده الأولى (1835م). وفي فترة الثورة التحريرية، لعبت الولاية دورًا بارزًا في دعم المجاهدين بالرجال والإمدادات، خاصة في جبال الضاية وسيدي أحمد.
تقع ولاية سعيدة في الهضاب العليا الغربية، وتبلغ مساحتها حوالي 6,764 كلم². تحدها ولايات سيدي بلعباس، البيض، معسكر، وتيارت. تتميز بتضاريسها المتنوعة بين الجبال كجبال الضاية والمنصورة، والسهول الواسعة الخصبة. مناخها شبه قاري، بشتاء بارد تتساقط فيه الأمطار والثلوج على المرتفعات، وصيف معتدل إلى حار، مما يجعلها منطقة فلاحية بامتياز.
يعتمد اقتصاد سعيدة أساسًا على الفلاحة وتربية المواشي، حيث تُعدّ من أهم ولايات إنتاج اللحوم الحمراء، الحبوب، والحوامض. تشتهر أيضًا بمنتجاتها الطبيعية مثل العسل والزيتون. كما تحتوي على الينابيع المعدنية الحارة التي تُستغل في السياحة العلاجية، مثل حمام ربي وحمام سيدي أحمد. القطاع الصناعي في تطور مستمر، خاصة في الصناعات الغذائية والتحويلية.
تُعدّ سعيدة من الولايات التي تجمع بين الجمال الطبيعي والثراء التاريخي، ومن أبرز معالمها:
يتميّز سكان سعيدة بكرمهم وبساطتهم، وهم مزيج من أصول عربية وأمازيغية. تشتهر الولاية بثقافتها الفلكلورية الغنية مثل الرقصات البدوية والأغنية السعيدية التي تحمل نغمة الصحراء والجبال معًا. تُعرف المدينة أيضًا بحبها للفروسية، إذ تُقام فيها سنويًا مهرجانات للفروسية والشعر الشعبي تجذب الزوار من مختلف المناطق.
سعيدة ولاية تحمل اسمها في طابعها — سعيدة بجمالها، بسكانها، وبطبيعتها. تجمع بين الجبل والوادي، بين التاريخ والمستقبل، وتبقى إحدى أجمل مدن الجزائر وأكثرها صفاءً وهدوءًا.