يُعتقد أن اسم جيجل مشتق من الكلمة الفينيقية إيغلِجلي (Iglisgil)، التي تعني الدوامة أو الالتفاف، في إشارة إلى طبيعتها الجبلية المتعرجة وسواحلها الملتفة على البحر. كما يرى بعض المؤرخين أن الاسم له جذور بربرية قديمة، بينما في العهد الروماني كانت تعرف بـGigel، ثم استمر الاسم حتى اليوم بصيغته العربية جيجل.
تُعدّ جيجل من أقدم المدن الساحلية في الجزائر، إذ عُرفت منذ العهد الفينيقي كميناء تجاري هام. ثم خضعت للحكم الروماني الذي ترك فيها آثارًا عديدة، خاصة في منطقة سلامندر والأشواط. في العهد الإسلامي، كانت جيجل مركزًا بحريًا وتجاريًا نشطًا، وتعرّضت لغزوات عديدة من الإسبان في القرن السادس عشر قبل أن تُحرر على يد الإخوة بربروس وتدخل تحت حماية الدولة العثمانية. خلال الثورة التحريرية، كانت جيجل من الولايات النشطة في الكفاح المسلح، خاصة في منطقة القل والعوانة، وقدمت شهداء كُثر في سبيل الاستقلال.
تقع ولاية جيجل في شمال شرق الجزائر، وتطل على البحر الأبيض المتوسط بساحل يمتد لأكثر من 120 كلم. تبلغ مساحتها حوالي 2,398 كلم²، وتحدها ولايات سكيكدة، ميلة، وبجاية. تتميز تضاريسها بجبالها الوعرة مثل جبال السّلطان وإراقن، وغاباتها الكثيفة التي تغطي أكثر من 70% من مساحتها. مناخها متوسطي رطب، يتميز بشتاء ممطر وصيف معتدل، مما يجعلها من أكثر الولايات خضرة وجمالًا طبيعيًا في البلاد.
يعتمد اقتصاد جيجل على الصيد البحري والفلاحة والسياحة. تشتهر بزراعة الحمضيات، الزيتون، الكروم، والتين، إضافة إلى إنتاج العسل الطبيعي عالي الجودة. يُعدّ ميناء جن جن من أكبر الموانئ التجارية في الجزائر وأهمها على المتوسط، ما جعله شريانًا اقتصاديًا حيويًا. كما تُعد السياحة الساحلية والجبلية ركيزة أساسية لاقتصادها، خاصة في الصيف، حيث تستقبل آلاف الزوار من داخل وخارج البلاد.
تُلقّب جيجل بـالجوهرة الخضراء نظرًا لتنوع مناظرها الطبيعية الخلابة، ومن أبرز معالمها:
يتميّز سكان جيجل بكرمهم وتشبّثهم بتقاليدهم الأمازيغية والعربية، ولهجتهم المميزة التي تمزج بين العربية والقبائلية. الثقافة الجيجلية غنية بالموروث الشعبي كالأغاني الساحلية والرقصات الجبلية، إضافة إلى الصناعات التقليدية مثل الفخار والنسيج وصناعة القوارب. تُقام سنويًا مهرجانات عديدة، أبرزها مهرجان الكهوف العجيبة ومهرجان السياحة البحرية، اللذان يبرزان الوجه الثقافي والسياحي للولاية.
جيجل ولاية تتنفس الجمال في كل زاوية منها، تجمع بين زرقة البحر وخضرة الجبال وعبق التاريخ. إنها جوهرة الجزائر الخضراء، حيث تلتقي الطبيعة بالتاريخ لتُبدع لوحة لا تُنسى في ذاكرة كل من يزورها.