تعود تسمية سكيكدة إلى الكلمة الأمازيغية إيسكّودن أو إيسكّودار، وتعني الأسوار أو الحصون، في إشارة إلى طبيعتها الجبلية الحصينة وموقعها الدفاعي المطل على البحر. في العهد الاستعماري كانت تُعرف باسم Philippeville (فيليبفيل) قبل أن تستعيد اسمها الأصلي سكيكدة بعد الاستقلال سنة 1962.
عرفت سكيكدة منذ العصور القديمة كمدينة ساحلية استراتيجية، أسسها الفينيقيون تحت اسم Rusicade، أي رأس النار، نظرًا لكونها نقطة مضيئة للسفن على البحر المتوسط. في العهد الروماني، كانت مركزًا تجاريًا وميناءً هامًا لتصدير المنتجات الزراعية من الداخل نحو أوروبا. دخلها الإسلام في القرن السابع الميلادي وأصبحت محطة تجارية مزدهرة، ثم عرفت فترات ازدهار في العهد العثماني. أثناء الثورة التحريرية، لعبت سكيكدة دورًا محوريًا في العمليات الساحلية، وقدّمت تضحيات جسامًا من أجل الاستقلال.
تقع ولاية سكيكدة في شمال شرق الجزائر، وتطل على البحر الأبيض المتوسط بساحل يمتد على أكثر من 130 كلم. تبلغ مساحتها حوالي 4,137 كلم²، وتحدها ولايات جيجل، قسنطينة، عنابة، وميلة. تتميز بتضاريس تجمع بين الجبال (جبال القل وتمالوس)، والغابات الكثيفة، والسهول الساحلية الخصبة. مناخها متوسطي رطب، بشتاء ممطر وصيف معتدل، مما يجعلها من أجمل المناطق الساحلية في الجزائر.
تُعدّ سكيكدة من أهم المراكز الاقتصادية في الجزائر، بفضل موقعها الساحلي ومينائها التجاري الكبير. يعتمد اقتصادها على الصناعة، الفلاحة، والسياحة. تضم المنطقة البتروكيميائية بسيدي أرزين، وهي من أكبر المجمعات الصناعية في البلاد، إضافة إلى نشاط ميناء سكيكدة في تصدير النفط والغاز. أما في الفلاحة، فتشتهر بزراعة الحمضيات، الزيتون، والخضر، كما تُعدّ من أهم مناطق إنتاج العسل الطبيعي في الشرق الجزائري.
تُعتبر سكيكدة من أجمل الولايات الساحلية في الجزائر، وتُلقب بـلؤلؤة الشرق، ومن أبرز معالمها:
يتميّز سكان سكيكدة بطيبتهم وارتباطهم بالبحر، وتتنوع أصولهم بين القبائل الأمازيغية والعربية. الثقافة المحلية غنية بالفنون البحرية والموسيقى الساحلية مثل المالوف والشاوي البحري. تشتهر المدينة بمأكولاتها البحرية المتنوعة، وبمهرجاناتها الصيفية التي تجمع بين الغناء، الفلكلور، والحرف التقليدية. كما تُعدّ من الولايات الرائدة في التعليم والثقافة بفضل جامعتها ومؤسساتها الأكاديمية.
سكيكدة ولاية تتنفس الجمال والتاريخ من كل ركن فيها، تجمع بين عمق البحر وهدوء الجبال وكرم الإنسان. إنها لؤلؤة الشرق الجزائري التي لا تفقد بريقها مهما مرّ الزمن.