يعود اسم الجلفة إلى الكلمة العربية الجلف، التي تعني الأرض الخشنة أو الصلبة، في إشارة إلى طبيعة أراضي المنطقة الصخرية وشبه الصحراوية. وهناك من يرى أن الاسم مشتق من اللفظ المحلي جلفاء الذي يدل على المكان المرتفع، نظرًا لوقوع المدينة على الهضاب العليا.
تاريخ الجلفة ضارب في القدم، إذ كانت موطنًا للقبائل الأمازيغية والعربية منذ العصور القديمة. وقد عُثر في نواحيها على آثار ونقوش صخرية تعود إلى العهد الحجري، خاصة في مناطق زعفران وعين الناقة. في العهد الإسلامي، كانت الجلفة منطقة عبور هامة بين الشمال والجنوب، ومعقلًا لقبائل أولاد نايل الشهيرة التي لعبت دورًا هامًا في الدفاع عن البلاد ونشر الثقافة العربية. وخلال الثورة التحريرية، ساهم أبناؤها في المعارك ضد الاستعمار الفرنسي، مما جعلها من الولايات المعروفة بتضحياتها الجسام.
تقع ولاية الجلفة في قلب الجزائر، بين الهضاب العليا والصحراء، وتبلغ مساحتها حوالي 32,256 كلم². تحدها ولايات البويرة، المسيلة، الأغواط، تيارت، والمدية. تضاريسها متنوعة بين الهضاب الواسعة، الجبال مثل جبال العمور وجبال أولاد نايل، والمناطق الصحراوية الجنوبية. المناخ شبه جاف إلى صحراوي، يتميز بشتاء بارد وصيف حار وجاف، مع تساقطات مطرية متوسطة في الربيع والخريف.
يُعتبر النشاط الفلاحي والرعوي أساس اقتصاد الجلفة، حيث تشتهر بتربية الأغنام والإبل، خاصة سلالة أولاد جلال المعروفة بجودتها. كما تُزرع بها الحبوب مثل القمح والشعير، إضافة إلى بعض أشجار الزيتون واللوز في المناطق الشمالية. تشهد الولاية أيضًا تطورًا في الصناعات التحويلية ومواد البناء، وتُعتبر مركزًا تجاريًا هامًا يربط الشمال بالجنوب الجزائري.
تزخر ولاية الجلفة بعدة مواقع سياحية وتاريخية، تجمع بين الجمال الطبيعي والبعد الثقافي، من أبرزها:
سكان الجلفة معروفون بكرمهم وشهامتهم، وينحدر معظمهم من قبائل أولاد نايل العريقة. الثقافة المحلية مزيج من الأصالة العربية والبداوة الأصيلة، وتُعقد فيها سنويًا مهرجانات الفروسية واللباس التقليدي، إلى جانب تظاهرات ثقافية تُبرز الشعر الشعبي والتراث البدوي. اللهجة المحلية تمتاز بعذوبة نطقها وأصالتها، وتعكس هوية المنطقة الغنية بالقيم والتقاليد.
الجلفة ولاية تجمع بين صلابة الأرض ودفء الإنسان، بين البداوة والتمدّن، بين التاريخ والحاضر. إنها مرآة حقيقية للهوية الجزائرية الأصيلة، وبوابة الصحراء التي تعانق السماء في أفق لا حدود له.