يرتبط اسم غليزان بأصل أمازيغي، ويُعتقد أنه مشتق من كلمة إغليزَن التي تعني الأرض الخصبة أو المكان الذي تكثر فيه المياه. وهذا يتناسب تمامًا مع طبيعة المنطقة الغنية بالوديان والسهول. في العهد العثماني، كانت تُعرف باسم غليزان أيضًا، واشتهرت بعيونها الطبيعية مثل عين طامنة وعين الرحمة التي كانت تزود السكان بالمياه. أما الفرنسيون فاحتفظوا بالاسم الأصلي، لما له من طابع محلي عريق.
تُعتبر غليزان من أقدم المدن الجزائرية، إذ تعود جذورها إلى العهد النوميدي والروماني. وقد كانت جزءًا من الطريق التجاري الذي يربط بين الساحل والداخل الجزائري. في العهد الإسلامي، ازدهرت المنطقة بفضل موقعها الإستراتيجي وخصوبة أراضيها، وأصبحت مركزًا زراعيًا وتجاريًا هامًا. في فترة الاحتلال الفرنسي، لعبت غليزان دورًا بطوليًا في المقاومة الوطنية، وشهدت العديد من الانتفاضات الشعبية والمعارك، وكان أبناؤها من أوائل المشاركين في الثورة التحريرية ضد الاستعمار. بعد الاستقلال سنة 1962، تطورت المدينة بسرعة وأصبحت ولاية قائمة بذاتها سنة 1974.
تقع ولاية غليزان في الجهة الغربية من الجزائر، وتحدها شمالاً مستغانم ومعسكر، وجنوباً تيارت، وغرباً سيدي بلعباس والشلف. تبلغ مساحتها حوالي 4,968 كلم². تتكون من سهول فسيحة على طول وادي الشلف، وهو ثاني أطول وادٍ في الجزائر. مناخها متوسطي شبه قاري، بشتاء ممطر وصيف حار، مما يجعلها بيئة مثالية للزراعة وتربية الماشية.
يُعد الاقتصاد في غليزان زراعيًا بالدرجة الأولى، إذ تشتهر بزراعة الحبوب، الزيتون، الحمضيات، والطماطم الصناعية. كما تُعد من أهم مناطق تربية الأبقار والأغنام في الغرب الجزائري. عرفت في السنوات الأخيرة تطورًا في المجال الصناعي، خصوصًا في الصناعات الغذائية، التحويل الزراعي، ومواد البناء. وتمتاز بوجود مناطق صناعية واعدة مثل المنطقة الصناعية بوادي رهيو. كما تشهد نشاطًا تجاريًا متزايدًا بفضل موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب.
تزخر ولاية غليزان بمعالم تاريخية وطبيعية جميلة، من أبرزها:
يتميّز سكان غليزان بكرمهم وارتباطهم القوي بالقيم الدينية والوطنية. تُعرف المنطقة بتنوعها الثقافي، حيث تمتزج فيها التقاليد العربية والأمازيغية والبدوية. تُقام سنويًا عدة مهرجانات، مثل مهرجان الزيتون ومهرجان الفروسية. كما تشتهر بالموسيقى الشعبية والغناء البدوي الأصيل، وبالأكلات التقليدية كـالكسكس والبركوكس. تُعد مدينة مازونة من أقدم مراكز التعليم الإسلامي في الجزائر، وقد أُطلق عليها لقب الزيتونة الثانية نظرًا لدورها في نشر العلم والفقه.
غليزان هي قلب الغرب الجزائري النابض بالحياة، تجمع بين الأصالة الزراعية، التاريخ العريق، والروح الوطنية. بسهولها الخصبة ووديانها الخضراء ومعالمها الدينية والتاريخية، تبقى غليزان ولاية العطاء والتجذر، ورمزًا من رموز الجزائر التي تُجسد توازن الإنسان مع الأرض والتاريخ.