يرجع اسم المسيلة إلى الكلمة العربية السيل، أي مجرى الماء، ويُقال إن أصلها من مسيلة الوادي نظرًا لكثرة الأودية التي تعبرها. كما كانت تُسمى في بعض المصادر القديمة المازونة الشرقية. أما في العهد الإسلامي، فقد برزت المدينة باسم المسيلة وأصبحت عاصمة إقليم التيطري لقرون طويلة.
تُعتبر المسيلة من أعرق المدن الجزائرية ذات الجذور العميقة في التاريخ. تعود أصولها إلى العهد النوميدي والروماني، حيث كانت مركزًا زراعيًا وتجاريًا هامًا في منطقة الهضاب العليا. وفي العصر الإسلامي، أسسها الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي سنة 927م لتكون قاعدة إدارية وعسكرية، وسُميت حينها المحمدية. ازدهرت المسيلة خلال العهد الزيري والحفصي، وكانت محطة علمية ودينية مهمة في شمال إفريقيا. وفي فترة الاحتلال الفرنسي، كانت معقلًا من معاقل المقاومة الشعبية، وقدمت خلال الثورة التحريرية الكبرى آلاف الشهداء.
تقع ولاية المسيلة في الوسط الشرقي للجزائر، وتغطي مساحة تُقدّر بـ18,718 كلم². يحدها شمالًا البويرة وبومرداس، وجنوبًا الجلفة، وشرقًا باتنة وسطيف، وغربًا المدية والبويرة. تتكون من تضاريس متنوعة تشمل السهول الخصبة، الهضاب، والمناطق الجبلية. مناخها شبه قاري، بشتاء بارد وصيف حار جاف، مما يجعلها منطقة فلاحية متميزة.
يعتمد اقتصاد المسيلة أساسًا على الفلاحة وتربية المواشي. تشتهر بزراعة الحبوب، الزيتون، الكروم، والفواكه الموسمية، إلى جانب تربية الأغنام والإبل. كما تعرف نموًا في القطاع الصناعي خصوصًا في مجالات الإسمنت، مواد البناء، والصناعات الغذائية. تحتضن المسيلة كذلك مناطق صناعية حديثة مثل منطقة بوخميسة الصناعية. القطاع التجاري نشط، بفضل موقعها الاستراتيجي الرابط بين الشرق والغرب والجنوب الجزائري.
تُعد المسيلة من الولايات الغنية بالمواقع الأثرية والطبيعية، ومن أبرز معالمها:
سكان المسيلة مزيج من القبائل العربية والأمازيغية، يتميزون بالكرم وحب العمل والتمسك بالعادات الأصيلة. المدينة مشهورة بتراثها الشعبي الغني، خاصة في الفروسية، الشعر الملحون، والأغاني البدوية. تُقام فيها مهرجانات سنوية مثل مهرجان بني حماد الثقافي الذي يحتفي بالتاريخ والتراث الحمّادي. كما تُعرف المسيلة بصناعاتها التقليدية مثل النسيج، الفخار، وصناعة البرانيس.
المسيلة مدينة الأصالة والتاريخ، تجمع بين عبق الماضي الحمّادي وحيوية الحاضر. هي ولاية متجذّرة في الحضارة الإسلامية والعربية، وتبقى شاهدًا خالدًا على روعة الجزائر في قلبها النابض بالحياة.