ترجع تسمية تيبازة إلى الكلمة الفينيقية القديمة Tipasa، والتي تعني المرور أو المعبر، إذ كانت المدينة في العصور القديمة محطة عبور بين قرطاج في الشرق وطنجة في الغرب. وقد حافظت المدينة على هذا الاسم منذ العهد الروماني إلى اليوم، لتبقى شاهدة على تاريخ طويل من الحضارات التي تعاقبت على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
تُعتبر تيبازة من أعرق المدن الجزائرية تاريخًا وحضارة، حيث كانت في الأصل مستعمرة فينيقية، ثم أصبحت مدينة رومانية مزدهرة تعرف باسم Tipasa. كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا على المتوسط، واشتهرت بمعابدها ومدرجاتها وحدائقها المطلة على البحر. دخلها الإسلام في القرن السابع الميلادي لتصبح مدينة مزدهرة في العهد الزيري والحمادي. خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية، أُعيد اكتشاف آثارها الرومانية التي صنفتها اليونسكو لاحقًا ضمن التراث العالمي. أما اليوم، فهي من أبرز الوجهات السياحية في الجزائر، تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق.
تقع ولاية تيبازة في الشمال الأوسط للجزائر، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها حوالي 2,160 كلم². يحدها شمالًا البحر، جنوبًا عين الدفلى، شرقًا البليدة، وغربًا الشلف. تتنوع تضاريسها بين الشواطئ الرملية، المرتفعات الخضراء، والسهول الزراعية الخصبة. مناخها متوسطي معتدل، يتميز بصيف دافئ وشتاء ممطر، ما يجعلها منطقة سياحية مثالية على مدار السنة.
يعتمد اقتصاد تيبازة على ثلاثة قطاعات رئيسية: السياحة، الفلاحة، والصناعة. فهي من أبرز الولايات السياحية في الجزائر، بفضل شواطئها الجميلة وآثارها العالمية. أما الفلاحة، فتزدهر فيها زراعة الحمضيات، الكروم، الزيتون، والخضر الموسمية. كما تعرف نشاطًا صناعيًا في مجالات التحويل الزراعي، مواد البناء، والصناعات الغذائية. ميناء تيبازة وميناء شرشال يلعبان دورًا مهمًا في النشاط التجاري والصيد البحري. وتشهد الولاية مؤخرًا اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في السياحة البيئية والثقافية.
تيبازة تُعد من أجمل المدن الجزائرية، تجمع بين البحر والتاريخ والطبيعة. ومن أبرز معالمها:
يتميّز سكان تيبازة بكرمهم وحبهم للحياة والبحر، ويحافظون على العادات المتوسطية المميزة في المأكل والملبس والموسيقى. تُقام سنويًا عدة تظاهرات ثقافية وسياحية، مثل مهرجان تيبازة السياحي ومهرجان شرشال للفن الأثري. المنطقة أيضًا غنية بالفنون الشعبية، أبرزها المالوف، الغناء الأندلسي، والرقصات البحرية التقليدية. كما تُعد موطنًا لتعايش ثقافي مميز بين الأصالة الريفية والروح الساحلية الحديثة.
تيبازة هي جوهرة المتوسط، ولاية تجمع بين البحر والتاريخ، بين الرومانية والعربية، بين الجبل والموج. من يتجول في شوارعها القديمة أو يقف على أطلالها الأثرية يشعر أنه يسافر عبر الزمن. إنها مدينة السحر والجمال، تستحق أن تُكتشف وتُحفظ كواحدة من أروع كنوز الجزائر.