تعود تسمية وهران إلى الكلمة الأمازيغية إوهران، وهي جمع وهر وتعني الأسود، في إشارة إلى الأسود التي كانت تعيش في جبالها قديمًا، خاصة في جبل مرجاجو. ويروى أن الصيادين الأمازيغ تمكنوا من اصطياد آخر أسدين في المنطقة، ومن هنا جاء الاسم وهران أي مكان الأسود. وقد سماها العرب لاحقًا الباهية، لما تتميز به من جمال طبيعي وعمراني فريد.
تأسست مدينة وهران سنة 903م على يد بحارة من الأندلس، وكانت منذ نشأتها ميناءً تجاريًا هامًا يربط بين المغرب العربي والأندلس. عرفت المدينة فترات ازدهار تحت حكم الزيانيين والمرينيين، قبل أن يحتلها الإسبان سنة 1509م ويستمر وجودهم فيها أكثر من قرنين. استعادها العثمانيون سنة 1792م، لتزدهر من جديد كأحد أهم الموانئ في غرب المتوسط. خلال الاحتلال الفرنسي (1831م)، تحولت إلى مركز استعماري كبير وميناء تجاري رئيسي. وفي الثورة التحريرية، كانت معقلًا للنشاط الوطني، خاصة في الأحياء الشعبية مثل الحمري والمديوني. اليوم، تُعتبر وهران العاصمة الاقتصادية والثقافية لغرب الجزائر.
تقع وهران على الساحل الغربي للجزائر، وتطل على البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها نحو 2,121 كلم². يحدها شمالًا البحر، وجنوبًا ولايتا معسكر وسيدي بلعباس، وشرقًا مستغانم. تتميز بتضاريس متنوعة تجمع بين السهول الساحلية والمرتفعات مثل جبل مرجاجو الذي يعلوه حصن سانتا كروز الشهير. مناخها متوسطي معتدل، بشتاء لطيف وصيف دافئ ومنعش بنسيم البحر.
وهران من أهم المراكز الاقتصادية في الجزائر. يُعتبر ميناؤها من أكبر الموانئ التجارية في إفريقيا، كما تضم مطارًا دوليًا ومنشآت صناعية كبرى. تتميز باقتصاد متنوع يشمل الصناعة، التجارة، الخدمات، والسياحة. تُعدّ منطقة أرزيو البترولية من أكبر المجمعات الصناعية في الجزائر، وتضم مصانع للبتروكيماويات وتكرير النفط والغاز. كما تعرف المدينة بنشاطها السياحي والثقافي المزدهر، ما يجعلها وجهة مفضلة للزوار من داخل وخارج البلاد.
تُعدّ وهران من أجمل المدن المتوسطية، وتمزج بين التراث الأندلسي والحديث، ومن أبرز معالمها:
تُعرف وهران بثقافتها المتنوعة وكونها مدينة الفن والموسيقى. هي مهد موسيقى الراي التي انطلقت من أحيائها الشعبية لتغزو العالم. سكانها معروفون بخفة دمهم وحبهم للحياة والفن، ولهجتهم المميزة التي تمزج بين العربية والأندلسية والفرنسية. تحتضن المدينة سنويًا مهرجان وهران للفيلم العربي ومهرجان الراي الدولي. كما تضم جامعة وهران ومؤسسات ثقافية كبرى جعلتها منارة للعلم والإبداع.
وهران ليست مجرد مدينة ساحلية، بل هي قلب الجزائر الغربي النابض، ووجهها الفني والثقافي على المتوسط. تجمع بين عبق التاريخ الأندلسي ونبض الحداثة، وتبقى الباهية رمزًا للجمال والبهجة الجزائرية الأصيلة.