تعود تسمية قالمة إلى الكلمة الأمازيغية إقَالْمَنْ أو إِقَالْمَة، والتي تعني المكان المرتفع أو الهضبة، نظرًا لطبيعتها الجبلية وموقعها بين الهضاب والجبال. وفي بعض الروايات، يُقال إن الاسم مشتق من قلم أو قالمة التي كانت تطلق على القبائل الأمازيغية التي استوطنت المنطقة منذ القدم. في العهد الروماني، كانت تعرف باسم Calama، وكانت من أبرز المدن الرومانية في شمال إفريقيا.
قالمة مدينة ضاربة في عمق التاريخ، إذ تعود جذورها إلى العهد النوميدي، وكانت عاصمة لمملكة نوميديا الشرقية تحت حكم الملك مسينيسا. في الفترة الرومانية، ازدهرت Calama كمركز تجاري وزراعي، واحتضنت العديد من المنشآت الرومانية التي لا تزال آثارها قائمة إلى اليوم، مثل المسرح الروماني الشهير. في العصر الإسلامي، أصبحت قالمة محطة تجارية بين قسنطينة وعنابة، وازدهرت تحت حكم الزيانيين والحفصيين. وفي الثورة التحريرية، لعبت قالمة دورًا بطوليًا، خصوصًا في مجازر 8 ماي 1945، التي كانت شرارة وعي وطني عميق ساهم في إشعال الثورة الجزائرية.
تقع ولاية قالمة في الشرق الجزائري، وتبعد حوالي 60 كلم عن قسنطينة و50 كلم عن عنابة. تبلغ مساحتها نحو 4,898 كلم²، وتحدها ولايات سوق أهراس، الطارف، عنابة، قسنطينة، وسكيكدة. تتميّز بتضاريسها الجبلية مثل جبال ماونة وجبال بوحمدان، إضافة إلى سهولها الخصبة ووهادها الغنية بالمياه. مناخها متوسطي شبه قاري، بشتاء بارد ممطر وصيف معتدل، مما يجعلها منطقة زراعية وسياحية بامتياز.
يعتمد اقتصاد قالمة على الفلاحة والصناعة والسياحة. فهي معروفة بإنتاج القمح، الزيتون، الكروم، والخضر الموسمية، كما تُعدّ من أهم ولايات تربية المواشي. تحتضن أيضًا عدة منشآت صناعية، منها مصنع الإسمنت بحمام دباغ ومصانع النسيج. وتُعتبر الولاية وجهة مفضلة للسياحة العلاجية بفضل حماماتها المعدنية الشهيرة التي يقصدها الزوار من داخل وخارج الجزائر.
قالمة ولاية سياحية بامتياز، تجمع بين التاريخ والطبيعة، ومن أبرز معالمها:
يتميّز سكان قالمة بحبهم للعلم والفن، وبتمسكهم بالعادات الجزائرية الأصيلة. الثقافة في قالمة غنية ومتنوعة، وتُعرف المدينة بموسيقاها الخاصة مثل الأغنية القالمية ذات الطابع الشعبي الأصيل. كما تُقام فيها مهرجانات ثقافية وسياحية سنوية، أبرزها مهرجان حمام دباغ ومهرجان الأغنية القالمية. اللهجة المحلية مزيج بين العربية والأمازيغية مع تأثيرات من اللهجات الشرقية المجاورة.
قالمة ولاية التاريخ والمياه الدافئة، تجمع بين التراث العريق والطبيعة الساحرة. هي مدينة لا تُنسى، تُدهشك بجمالها الطبيعي وبطابعها الأصيل، وتبقى من أبرز رموز الهوية الجزائرية في الشرق.