يُقال إن اسم ورقلة مشتق من الكلمة الأمازيغية ورجلان أو ورقلي، وهي اسم قبيلة أمازيغية قديمة سكنت المنطقة منذ قرون. كما تذكر بعض الروايات أن الاسم مأخوذ من العربية الورق في إشارة إلى خصوبة واحات النخيل التي تميز المنطقة. كانت تعرف في العصور الإسلامية باسم ورجلان، وهي من أقدم الواحات المأهولة في الصحراء الكبرى.
ورقلة من أعرق مدن الجنوب الجزائري، يعود تاريخها إلى العهد الروماني حيث كانت محطة تجارية هامة على طريق القوافل بين شمال إفريقيا والسودان. في العصر الإسلامي، ازدهرت كواحة زراعية وتجارية، وأصبحت مركزًا علميًا ودينيًا في الصحراء الكبرى. عرفت في القرون الوسطى بنشاطها التجاري الكبير مع تامنغست وبلاد النيجر ومالي. وفي الحقبة الحديثة، اكتسبت أهمية استراتيجية كبرى بعد اكتشاف النفط سنة 1956 في حاسي مسعود، ما جعلها تُعرف بـعاصمة النفط الجزائري. كما ساهمت بشكل فعّال في الثورة التحريرية، حيث كانت من القواعد الخلفية للمجاهدين في الجنوب.
تقع ولاية ورقلة في جنوب شرق الجزائر، وتغطي مساحة شاسعة تُقدّر بـ211,980 كلم²، ما يجعلها من أكبر ولايات البلاد. تحدها ولايات غرداية، إليزي، تمنراست، والوادي. تتكون تضاريسها من كثبان رملية، واحات نخيل، وهضاب صحراوية. مناخها صحراوي جاف، يتميز بارتفاع درجات الحرارة صيفًا، وانخفاضها شتاءً، مع أمطار نادرة جدًا.
تُعتبر ورقلة القلب النابض للاقتصاد الجزائري، بفضل احتضانها لأكبر حقول النفط والغاز في البلاد مثل حاسي مسعود وحاسي بن عبد الله. القطاع الطاقوي هو العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وتتمركز في ورقلة شركات وطنية وعالمية مختصة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز. إلى جانب ذلك، تُعرف ورقلة بنشاطها الفلاحي في الواحات، خصوصًا إنتاج التمور الفاخرة مثل دقلة نور. كما تشهد المنطقة تنمية متسارعة في مجالات السياحة الصحراوية، والصناعات التحويلية.
ورقلة وجهة ساحرة لعشاق الصحراء والهدوء والروح البدوية الأصيلة، ومن أبرز معالمها:
سكان ورقلة مزيج من العرب، الأمازيغ، والطوارق، يجمعهم حب الأرض والتمسك بالعادات الصحراوية الأصيلة. تُعرف ثقافتهم بالثراء والتنوع، حيث تمتزج فيها الموسيقى البدوية، والرقصات الصحراوية، والأهازيج الشعبية. من أبرز المناسبات الثقافية مهرجان الواحات وموسم التمور، اللذان يعكسان عمق التراث المحلي. كما تُعتبر الزوايا القرآنية والمدارس التقليدية ركيزة أساسية للحياة الروحية والتعليمية في المنطقة.
ورقلة ليست فقط عاصمة النفط، بل هي قلب الصحراء الجزائرية النابض. تجمع بين غنى الطبيعة الصحراوية وقوة الاقتصاد الوطني وعمق الجذور التاريخية. مدينة الأصالة والتحدي، تواصل إشعاعها كمصدر للطاقة والحياة في الجنوب الجزائري.