يرجع اسم البيض إلى بياض أرضها وصخورها الكلسية التي تميزها عن باقي مناطق الهضاب العليا، حيث كانت تعرف في القديم بـالأبيض سيدي الشيخ نسبةً إلى الشيخ سيدي الشيخ، الولي الصالح الذي أسس زاوية روحية وعلمية كبرى في المنطقة خلال القرن السادس عشر الميلادي. ومع الوقت، اختُصر الاسم ليصبح البيض.
عرفت ولاية البيض تاريخًا حافلًا بالأحداث والمقاومات. كانت موطنًا لقبائل أولاد سيدي الشيخ الذين قادوا واحدة من أشرس الثورات ضد الاحتلال الفرنسي ابتداءً من سنة 1864م. وقد لعبت الزاوية الشيخية دورًا كبيرًا في الحفاظ على الدين والهوية العربية الإسلامية في الجنوب الغربي الجزائري. وفي العهد العثماني، كانت المنطقة تابعة لبايلك الغرب، وتعد مركزًا للتبادل التجاري بين الشمال والصحراء. وخلال الثورة التحريرية، قدّمت البيض العديد من الشهداء والمجاهدين الذين ساهموا في استقلال الجزائر سنة 1962.
تقع ولاية البيض في الجنوب الغربي للجزائر، وتغطي مساحة تُقدّر بحوالي 78,870 كلم². تحدها ولايات السعيدة، النعامة، الأغواط، غرداية، وتيارت. تتكون تضاريسها من هضاب عليا وجبال وأودية، مثل جبل العمور وسلسلة القور التي تمنحها مناظر طبيعية خلابة. مناخها شبه جاف إلى صحراوي، يتميز بشتاء بارد قارس وصيف حار وجاف، مع تساقطات مطرية محدودة.
يعتمد اقتصاد البيض أساسًا على الفلاحة وتربية الماشية، خصوصًا الأغنام والإبل. تشتهر المنطقة بإنتاج الصوف واللحوم الحمراء، وتُعتبر من أهم مناطق الرعي في الجزائر. كما تنتشر فيها زراعة الحبوب، الشعير، والقمح في الواحات والسهول المحيطة. بدأت في السنوات الأخيرة مشاريع في مجالات الطاقات المتجددة، الصناعة الفلاحية، والسياحة البيئية، للاستفادة من موقعها الاستراتيجي بين الشمال والجنوب.
تتميز ولاية البيض بمزيج من الجمال الطبيعي والتراث الروحي، ومن أبرز معالمها:
سكان البيض معروفون بكرمهم وتمسكهم بالعادات العربية الأصيلة وبالروح البدوية. تتميز ثقافتهم بمزج بين العادات الصحراوية والتقاليد الزاوية الدينية. تشتهر المنطقة بمهرجاناتها الشعبية مثل مهرجان الفروسية وموسم سيدي الشيخ، الذي يُقام سنويًا احتفاءً بالتراث الصوفي والتاريخي للمنطقة. كما يُعتبر الشعر الملحون والغناء البدوي جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المحلية.
البيض ولاية تجمع بين الأصالة والتاريخ والروحانية. هي رمز للثبات في وجه الطبيعة القاسية، ومصدر فخر للجزائريين بتاريخها المجيد وثقافتها الغنية. إنها بوابة الجنوب الغربي، وأرض الرجال الأحرار الذين سطّروا أسماءهم في سجل الوطن.