يُقال إن اسم بومرداس مشتق من اسم الولي الصالح سيدي علي بومرداس، الذي كانت له زاوية في المنطقة واشتهر بعلمه وصلاحه. وفي العهد الاستعماري الفرنسي كانت تعرف باسم روفيغو (Rovigo)، إلى أن استعادتها الجزائر واستعادت اسمها الأصلي بعد الاستقلال تكريمًا لرمزها الديني والتاريخي.
تتمتع بومرداس بتاريخ عريق يعود إلى العهد الفينيقي والروماني، حيث كانت منطقة تجارية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي العصور الإسلامية، كانت من مناطق الزواوة المعروفة بتقاليدها الأمازيغية الأصيلة. خلال فترة الاحتلال الفرنسي، أصبحت مركزًا زراعيًا واستيطانيًا بفضل خصوبة أراضيها وموقعها الساحلي القريب من العاصمة. شهدت المنطقة أحداثًا مهمة خلال الثورة التحريرية، إذ كانت جزءًا من الولاية التاريخية الرابعة، واحتضنت العديد من المجاهدين. وفي العصر الحديث، تعرضت بومرداس إلى زلزال مدمر سنة 2003 خلّف خسائر بشرية ومادية كبيرة، لكنها نهضت بسرعة لتستعيد جمالها وحيويتها.
تقع ولاية بومرداس في الشمال الأوسط من الجزائر، على ساحل البحر الأبيض المتوسط شرق العاصمة الجزائرية. تبلغ مساحتها حوالي 1,596 كلم²، وتحدها ولايات الجزائر، تيزي وزو، والبليدة. تتميز بتضاريس تجمع بين الشواطئ الرملية، السهول الساحلية الخصبة، وجبال جرجرة الغربية. مناخها متوسطي معتدل، بشتاء ممطر وصيف دافئ ومنعش، مما يجعلها وجهة سياحية مفضلة على مدار السنة.
يعتمد اقتصاد بومرداس على الصناعة، السياحة، والفلاحة. تُعد من الولايات الصناعية الرائدة بفضل المنطقة الصناعية لرغاية والمنطقة الصناعية لتيجلابين، اللتين تضمان مصانع مختصة في البناء، الكيماويات، والميكانيك. تُعتبر الزراعة أيضًا قطاعًا هامًا، خاصة في إنتاج الحمضيات، الزيتون، والخضروات. أما السياحة، فهي ركيزة أساسية في اقتصاد الولاية، بفضل شواطئها الجميلة وموقعها القريب من العاصمة. كما تحتضن الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا (جامعة بومرداس) التي تُعد من أكبر الجامعات الجزائرية.
تُعد بومرداس من أجمل الولايات الساحلية في الجزائر، ومن أبرز معالمها السياحية:
سكان بومرداس يجمعون بين الأصول القبائلية والعربية، ويتميزون بالانفتاح والكرم وحبهم للفن والحياة. اللهجة المحلية مزيج بين العربية الدارجة والأمازيغية، وتُقام في الولاية مهرجانات ثقافية وسياحية مثل مهرجان دلس الثقافي ومهرجان الشواطئ. كما تشتهر المنطقة بموسيقى الشاوي، القبائلي، والعاصمي، وبالحرف التقليدية كصناعة الفخار والجلد.
بومرداس هي لؤلؤة الساحل الجزائري التي تجمع بين الطبيعة الخلابة والتاريخ العريق. مدينة تنهض دومًا رغم الصعاب، لتبقى رمزًا للجمال والحداثة والهدوء على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.