تعود تسمية تبسة إلى الكلمة الأمازيغية القديمة تبسث أو تبسا، ويُقال إن معناها المنطقة المرتفعة أو المكان المشمس، نظرًا لموقع المدينة فوق هضبة عالية في الشرق الجزائري. كما كانت تُعرف في العهد الروماني باسم Theveste، وهو الاسم الذي لا يزال محفورًا في ذاكرة التاريخ.
تُعدّ تبسة من أقدم المدن في الجزائر، إذ تعود جذورها إلى العهد النوميدي، ثم أصبحت مدينة رومانية مزدهرة تُعرف باسم Theveste، وكانت مركزًا عسكريًا وتجاريًا مهمًا للإمبراطورية الرومانية. لا تزال آثار تلك الحقبة شاهدة على عظمتها، مثل البوابة الرومانية والمعابد القديمة. في العهد الإسلامي، كانت تبسة محطة مهمة على طريق القوافل، وازدهرت ثقافيًا ودينيًا. كما شارك أبناؤها ببطولة في الثورة التحريرية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، وقدمت العديد من الشهداء.
تقع ولاية تبسة في أقصى الشرق الجزائري على الحدود مع تونس، وتبلغ مساحتها حوالي 14,000 كلم². تتميز بتضاريسها الجبلية والهضابية، وتضم سلاسل جبلية مثل جبل النمامشة. المناخ شبه قاري، يتميز بشتاء بارد وصيف حار وجاف، مع تساقط أمطار معتدلة في الربيع والخريف.
يعتمد اقتصاد تبسة على الفلاحة واستغلال الثروات المنجمية. تشتهر بزراعة الحبوب، الزيتون، والكروم، إلى جانب تربية الماشية. كما تُعدّ من أهم مناطق استخراج الفوسفات في الجزائر، خاصة في مناجم بئر العاتر، التي تُعتبر من أكبر المناجم في إفريقيا. القطاع الصناعي في تبسة مرتبط أساسًا بالنشاط المنجمي وبالصناعات التحويلية المرتبطة به.
تحتضن تبسة عددًا كبيرًا من المعالم التاريخية والأثرية التي تعكس حضارات متعاقبة، من أبرزها:
يُعرف سكان تبسة بكرمهم وشجاعتهم، وينتمون في غالبيتهم إلى قبائل النمامشة وأولاد سيدي عبيد، إضافة إلى مجموعات أمازيغية وعربية عريقة. الثقافة المحلية تمزج بين التقاليد الأمازيغية والعربية، وتنعكس في اللباس التقليدي، والموسيقى الشعبية، وفنون الفروسية. كما تُقام مهرجانات ثقافية وفلاحية سنوية، مثل مهرجان الفوسفات ومهرجان الفروسية بالنمامشة.
تُعدّ تبسة بوّابة الشرق الجزائري، تجمع بين عبق التاريخ وثروات الحاضر. هي ولاية الأصالة والبطولة، تزخر بالآثار الرومانية والطبيعة الجبلية، وتشهد على حضارة ممتدة منذ آلاف السنين. إنها مفخرة الجزائر في الشرق.