تعود تسمية ميلة إلى الكلمة اللاتينية Milah أو Miliana، التي كانت تُطلق على المدينة في العهد الروماني، ومعناها المرتفعة أو المكان العالي. وفي اللغة الأمازيغية القديمة يُقال إنها تعني العين الجارية أو المنبع، إشارةً إلى كثرة الينابيع والعيون المائية في المنطقة. كما ذُكرت ميلة في كتب الجغرافيين العرب باسم ميّلة، وظلت محتفظة باسمها عبر العصور.
تُعد ميلة من أقدم وأعرق المدن الجزائرية، إذ تعود جذورها إلى العهد النوميدي، ثم أصبحت في العصر الروماني مدينة مزدهرة تُعرف باسم Milah. كانت مركزًا عسكريًا وتجاريًا مهمًا، واحتوت على معابد وحصون وأسوار لا تزال آثارها قائمة. في العهد الإسلامي، كانت ميلة من أول المدن التي دخلها الإسلام بعد الفتح، وأصبحت مركزًا علميًا بفضل علمائها ومساجدها، ومن أشهر علمائها عبد الله بن مسعود الميلي. كما كانت من أبرز المناطق المقاومة للاحتلال الفرنسي، وشهدت أحداثًا بطولية خلال الثورة التحريرية، قدّم فيها أهلها أرواحهم دفاعًا عن الوطن.
تقع ولاية ميلة في الشرق الجزائري، وتتوسط ولايات قسنطينة، جيجل، سطيف، وميلة. تبلغ مساحتها حوالي 9,375 كلم²، وتتميز بتنوع تضاريسها بين الجبال، الوديان، والسفوح الخضراء. تُعتبر من المناطق الزراعية الخصبة بفضل وادي الرمال ووادي الكبير. مناخها متوسطي معتدل، بشتاء بارد ممطر وصيف دافئ، ما يجعلها من أجمل ولايات الهضاب الشرقية.
يرتكز اقتصاد ميلة على الفلاحة بدرجة كبيرة، حيث تشتهر بزراعة الحبوب، الزيتون، الكروم، والتين. كما تُعرف بتربية الماشية وإنتاج العسل الطبيعي. أما في المجال الصناعي، فتوجد بها مصانع الإسمنت، مواد البناء، والتحويل الزراعي. شهدت السنوات الأخيرة مشاريع تنموية مهمة، خاصة في البنية التحتية والطاقة، كما أصبحت السياحة الثقافية والطبيعية قطاعًا واعدًا بفضل ما تزخر به من معالم تاريخية.
تزخر ميلة بمعالم تاريخية وطبيعية كثيرة، ومن أبرزها:
يُعرف سكان ميلة بتمسكهم بعاداتهم الأصيلة وكرمهم الكبير، ويتحدثون العربية بلهجة شرقية جزائرية تتخللها بعض المفردات الأمازيغية. تُقام في الولاية مهرجانات فلاحية وثقافية مثل مهرجان الزيتون ومهرجان بني هارون السياحي. كما تشتهر بالصناعات التقليدية، خاصة الفخار والنسيج. الموسيقى الشعبية في ميلة تحمل طابعًا مميزًا يجمع بين التراث الشرقي والبدوي.
ولاية ميلة هي مدينة التاريخ والعلم، تجمع بين الماضي المجيد والحاضر المزدهر، وبين الجبال والأنهار. هي منارات حضارية شهدت ميلاد حضارات واحتضنت أجيالًا من العلماء والمجاهدين. ميلة، بكل ما تحمله من جمال وعمق، تبقى جوهرة الشرق الجزائري الأصيلة.