يعود اسم معسكر إلى الكلمة العربية المعسكر أي المكان الذي تُقام فيه المعارك أو تُنصب فيه الخيام العسكرية. ويُقال إن الاسم يعود إلى كونها كانت معسكرًا لجيش المسلمين خلال الفتوحات الإسلامية الأولى في المغرب الأوسط. وفي العهد الروماني كانت تُعرف باسم Castra Nova أي المعسكر الجديد، مما يدل على استمرار المعنى العسكري للاسم عبر العصور.
معسكر مدينة ذات تاريخ مجيد، شهدت عبر القرون أحداثًا بارزة في تاريخ الجزائر. عرفت الاستقرار البشري منذ العهد النوميدي، ثم أصبحت قاعدة رومانية عسكرية مهمة. وفي العهد الإسلامي، ازدهرت تحت حكم المرابطين والزيانيين، وكانت مركزًا تجاريًا وزراعيًا مزدهرًا. لكن أبرز صفحاتها كانت خلال القرن التاسع عشر، حين جعلها الأمير عبد القادر عاصمة لدولته الناشئة بين سنتي 1832 و1839م، فصارت مهد الدولة الجزائرية الحديثة. شهدت المدينة مقاومة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي، وظلت رمزًا للجهاد الوطني حتى الاستقلال سنة 1962.
تقع ولاية معسكر في الجهة الغربية من الجزائر، على بعد حوالي 80 كلم جنوب شرق وهران. تغطي مساحة تُقدّر بـ5,135 كلم²، وتحدها ولايات غليزان، سعيدة، وهران، ومستغانم. تتكون تضاريسها من جبال الونشريس في الجنوب، وسهول خصبة في الشمال مثل سهل غريس. مناخها متوسطي، بشتاء ممطر معتدل وصيف حار وجاف.
يُعتبر القطاع الفلاحي العمود الفقري لاقتصاد معسكر، إذ تُعدّ من أبرز مناطق إنتاج الكروم والزيتون والحوامض في الجزائر. كما تُنتج كميات كبيرة من الحبوب، والفواكه مثل الخوخ والمشمش والعنب. القطاع الصناعي يشهد تطورًا مستمرًا، خصوصًا في مجالات الصناعات الغذائية، النبيذ، مواد البناء، والتحويل الزراعي. تُعرف معسكر أيضًا بنشاطها التجاري وحيويتها الاقتصادية بفضل موقعها الاستراتيجي بين ولايات الغرب الجزائري.
تتميز معسكر بتنوع طبيعي وتاريخي كبير، يجذب الزوار من داخل وخارج الجزائر. ومن أبرز معالمها:
سكان معسكر معروفون بكرمهم وشجاعتهم وارتباطهم بالهوية الوطنية. المدينة تُعدّ مهدًا لرموز وطنية وثقافية مثل الأمير عبد القادر الجزائري، الذي أسس أول دولة جزائرية حديثة. تُعرف المنطقة بموروثها الشعبي الغني، خصوصًا في الفروسية، الغناء البدوي، والموسيقى الأندلسية. كما تُقام فيها مهرجانات ثقافية وسياحية، مثل مهرجان الأمير عبد القادر وموسم سيدي قادة الروحي.
معسكر ليست مجرد ولاية، بل هي صفحة مجيدة من تاريخ الجزائر. من بين جبالها وسهولها ووديانها، وُلدت الدولة الحديثة على يد الأمير عبد القادر. تبقى معسكر اليوم رمزًا للبطولة والعلم والكرم، وواحدة من أجمل ولايات الغرب الجزائري.