سُمّيت قسنطينة بهذا الاسم نسبةً إلى الإمبراطور الروماني قسطنطين الأكبر، الذي أعاد بناءها بعد أن دُمّرت سنة 311م، فسُمّيت Constantina تكريمًا له. أما أسماؤها القديمة، فكانت سيرتا في العهد النوميدي، وهي عاصمة الملك ماسينيسا، أحد أبرز ملوك نوميديا. تُعرف اليوم بلقب مدينة الجسور المعلقة وعاصمة الشرق الجزائري.
قسنطينة من أعرق مدن الجزائر والعالم، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة. كانت في العهد النوميدي عاصمة للمملكة تحت حكم ماسينيسا وخلفائه، ثم أصبحت مدينة رومانية مزدهرة عُرفت بثرائها وثقافتها. بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، أصبحت مركزًا حضاريًا وعلميًا كبيرًا في المغرب الأوسط، واشتهرت بمدارسها وزواياها ومساجدها العريقة. وفي العهد العثماني، كانت من أهم المدن الإدارية في الإيالة الجزائرية، وعُرفت بمقاومتها البطولية بقيادة البي أحمد باي ضد الاحتلال الفرنسي سنة 1837م. وتظل قسنطينة اليوم رمزًا للعلم والفن والتاريخ الجزائري الأصيل.
تقع ولاية قسنطينة في الشرق الجزائري، وتبلغ مساحتها نحو 2,297 كلم². تحيط بها ولايات ميلة، قالمة، أم البواقي، وسكيكدة. تُبنى المدينة فوق صخور عالية تحيط بها الوديان العميقة مثل وادي الرمال ووادي بومرزوق، ما جعلها تعرف بمدينة الجسور. مناخها متوسطي شبه قاري، بشتاء بارد ممطر وصيف معتدل.
يُعتبر اقتصاد قسنطينة متنوعًا بين الصناعة، التعليم، والخدمات. تُعدّ مركزًا صناعيًا مهمًا في مجالات الصناعات الكيماوية، الأدوية، والإلكترونيات. كما تتميز بنشاط تجاري قوي بفضل موقعها الرابط بين الشرق والغرب الجزائري. أما القطاع الفلاحي، فيرتكز على زراعة الحبوب والزيتون. قسنطينة أيضًا مركز جامعي وثقافي بارز، ما يجعلها من أكثر الولايات حيوية اقتصاديًا.
قسنطينة من أبرز الوجهات السياحية في الجزائر والعالم العربي، بفضل طابعها الجبلي وتاريخها العريق. ومن أبرز معالمها:
قسنطينة مدينة الثقافة والفن والعلم. تُعرف بموسيقاها الخاصة، المالوف القسنطيني، وهو تراث أندلسي راقٍ يُؤدّى بنكهة محلية أصيلة. كما تُعتبر مهد العديد من العلماء والمفكرين مثل عبد الحميد بن باديس، رائد النهضة الجزائرية الحديثة. سكانها معروفون بتمسكهم بالعادات الأصيلة، وبحسّهم الجمالي والروح الفنية العالية. تُقام سنويًا عدة مهرجانات، منها مهرجان المالوف الدولي، وقسنطينة عاصمة الثقافة العربية سنة 2015 كانت محطة ثقافية بارزة في تاريخها الحديث.
قسنطينة ليست مجرد مدينة، بل هي تحفة من الصخور والتاريخ والموسيقى. بجسورها المعلقة، وعمارتها الفريدة، وثقافتها العريقة، تبقى قسنطينة قلب الشرق الجزائري النابض وواحدة من أجمل مدن البحر الأبيض المتوسط.