يعود اسم عنابة إلى شجرة العناب التي كانت منتشرة بكثرة في المنطقة، وهي شجرة مثمرة تُعرف بثمارها الحمراء الصغيرة. في العصور القديمة، كانت المدينة تُعرف باسم هيبّو ريجيوس (Hippo Regius)، أي هيبّو الملكية، وكانت عاصمة لمملكة نوميدية قوية. في العهد الاستعماري الفرنسي، سُمّيت Bône (بونة)، ثم استعادَت اسمها الأصلي بعد الاستقلال: عنابة.
عنابة من أقدم المدن في الجزائر والمغرب العربي، إذ تعود جذورها إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد عندما أسسها الفينيقيون كميناء تجاري هام. في العهد الروماني، ازدهرت المدينة تحت اسم هيبّو ريجيوس وكانت مقرّ إقامة القديس أوغسطين، أحد أبرز الشخصيات الدينية والفكرية في التاريخ المسيحي. مرّت عنابة بمراحل ازدهار خلال العهد الإسلامي، خاصة في العصر الحفصي والعثماني، حيث أصبحت مركزًا تجاريًا نشطًا. وأثناء الثورة التحريرية، كانت من المدن الفاعلة في دعم جيش التحرير الوطني بحكم موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود التونسية.
تقع ولاية عنابة في أقصى الشمال الشرقي للجزائر، وتطل على البحر الأبيض المتوسط بساحل طوله حوالي 80 كلم. تبلغ مساحتها 1,439 كلم²، وتحدها ولايات الطارف، قالمة، وسكيكدة. تتميز بتضاريس تجمع بين الساحل الرملي، الغابات الكثيفة كغابة الإيدوغ، والسهول الخصبة لوادي سيبوس. مناخها متوسطي رطب، بشتاء ممطر وصيف دافئ معتدل، مما يجعلها من أجمل المدن الساحلية في الجزائر.
تُعتبر عنابة من أهم المراكز الاقتصادية في الجزائر بفضل مينائها التجاري الكبير وصناعاتها المتنوعة. تضم المركب الصناعي للحديد والصلب بالحجار، وهو من أكبر المنشآت الصناعية في إفريقيا. كما يعتمد اقتصادها على الزراعة (الحمضيات، الزيتون، والخضر)، والسياحة البحرية بفضل شواطئها الجميلة. تُعدّ أيضًا مركزًا تجاريًا نشطًا بين الجزائر وبلدان البحر المتوسط.
عنابة تُلقّب بـعروس الشرق الجزائري لجمالها الطبيعي وتنوّع معالمها السياحية، ومن أبرزها:
يُعرف سكان عنابة بانفتاحهم وطيبتهم وارتباطهم بالبحر. تجمع ثقافتهم بين التراث الأمازيغي والعربي والمتوسطي، ما يجعلها مدينة متعددة الثقافات. تشتهر بالموسيقى العنّابية مثل المالوف، الشعبي، والراي الكلاسيكي، وبأطباقها الشهيرة كـالكَسكس العنّابي والسمك المشوي. كما تُعدّ من أبرز المدن الجامعية والثقافية في الجزائر.
عنابة ليست مجرد مدينة ساحلية، بل هي متحف مفتوح على التاريخ والطبيعة. منذ عهد الفينيقيين حتى اليوم، ظلت تحمل عبق البحر وبهجة الحياة، لتبقى بحق عروس الشرق الجزائري وسيدة الجمال المتوسطي.