يرجع أصل تسمية خنشلة إلى كلمة أمازيغية قديمة يُعتقد أنها تعني الماء الصافي أو العين الجبلية، وقيل أيضًا إنها مأخوذة من اسم أميرة أمازيغية كانت تحكم المنطقة في العصور القديمة. وفي روايات أخرى، تشير إلى صوت الخنشل الذي تصدره ينابيع الماء وهي تتدفق من الجبال. ومهما يكن الأصل، فإن خنشلة تجسد اسمها بصدق، فهي مدينة العيون الصافية والجبال الخضراء.
تُعتبر خنشلة من أعرق مدن الجزائر، إذ تعود جذورها إلى العهد النوميدي والروماني. كانت تُعرف قديمًا باسم ماسيكولا، وكانت مركزًا هامًا لقبائل الأمازيغ. شهدت المدينة مقاومة شرسة ضد الاحتلال الروماني ثم البيزنطي، وفي العهد الإسلامي أصبحت محطة مهمة في طريق القوافل بين الشرق والغرب. خلال الاحتلال الفرنسي، كانت خنشلة من أبرز معاقل الثورة التحريرية، وقد انطلقت منها ثورة أول نوفمبر 1954 في منطقة الأوراس ببطولة الشهيد مصطفى بن بولعيد. ولا تزال المدينة حتى اليوم تحمل لقب مهد الثورة الجزائرية.
تقع ولاية خنشلة في قلب جبال الأوراس شرق الجزائر، وتبلغ مساحتها حوالي 9,275 كلم². يحدها شمالًا باتنة، شرقًا تبسة، جنوبًا وادي سوف، وغربًا بسكرة وأم البواقي. تتميز بتضاريس جبلية رائعة وسهول خضراء ووديان متدفقة. أشهر جبالها جبل شليا، أعلى قمة في الأوراس بارتفاع يتجاوز 2,300 متر. مناخها قاري جبلي، بشتاء بارد تتساقط فيه الثلوج وصيف معتدل منعش.
يعتمد اقتصاد خنشلة على الفلاحة وتربية المواشي بشكل أساسي، حيث تشتهر بإنتاج التفاح، الكرز، الزيتون، والقمح. كما تُعتبر من أهم مناطق الرعي وإنتاج الصوف في الجزائر. القطاع الصناعي محدود لكنه يشهد تطورًا في مجالات الصناعات الغذائية والمواد الإنشائية. أما السياحة، فهي قطاع واعد بفضل مناظرها الطبيعية وجبالها وغاباتها الكثيفة. تشجع الدولة اليوم الاستثمار في السياحة الجبلية والبيئية بالمنطقة.
تزخر خنشلة بمواقع سياحية وتاريخية مبهرة، ومن أبرزها:
يتميز سكان خنشلة بانتمائهم إلى الأمازيغ الشاوية، وهم معروفون بشجاعتهم وكرمهم وتمسكهم بهويتهم الوطنية والدينية. يتحدث أغلبهم اللهجة الشاوية إلى جانب العربية، ويحافظون على عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة في اللباس والموسيقى والاحتفالات. من أبرز الفنون المحلية رقصة الحيدوس والموسيقى الشاوية التراثية. تُقام سنويًا مهرجانات ثقافية مثل مهرجان الأوراس الثقافي ومهرجان التفاح بخنشلة. كما تشتهر النساء بصناعة الزرابي الصوفية واللباس التقليدي الشاوي.
خنشلة هي روح الأوراس وموطن الأحرار، ولاية تجمع بين التاريخ والمقاومة، وبين الجمال الطبيعي والهوية الأمازيغية الأصيلة. هي أرض الشهداء والبطولات، ووجهة لكل من يبحث عن الأصالة في قلب الجبال الجزائرية.