يرتبط اسم الوادي بوادي سوف، الذي يُعتبر الشريان الرئيسي للحياة في المنطقة، إذ يجري تحت الرمال في شبكة من المياه الجوفية. ويُقال إن كلمة سوف ذات أصل أمازيغي أو عربي قديم، تعني الوادي الخصيب أو الأرض التي تنبت وسط الرمال. ومن هنا جاءت تسمية وادي سوف، التي أصبحت رمزًا لولاية الوادي المعروفة اليوم باسم ولاية الوادي.
تُعد ولاية الوادي من أقدم مناطق الاستقرار البشري في الصحراء الجزائرية، حيث استوطنها الإنسان منذ آلاف السنين بفضل مواردها المائية الجوفية. كانت عبر التاريخ معبرًا للقوافل التجارية بين شمال إفريقيا والسودان، وشهدت نشاطًا اقتصاديًا مزدهرًا في العهدين الزناتي والحفصي. في فترة الاحتلال الفرنسي، ظلت منطقة مقاومة قوية رغم عزلتها الجغرافية، وكانت من أهم مراكز الزوايا والعلم الديني التي ساهمت في الحفاظ على الهوية الوطنية. بعد الاستقلال، أصبحت رمزًا للتنمية الصحراوية بفضل مشاريع الري والزراعة تحت الرمال.
تقع ولاية الوادي في الجنوب الشرقي للجزائر، وتحدها شمالًا ولاية بسكرة، شرقًا تونس، جنوبًا إيليزي، وغربًا ورقلة. تبلغ مساحتها حوالي 54,573 كلم². تُعرف بأنها ولاية الرمال الذهبية، إذ تغطي الكثبان الرملية معظم أراضيها، بينما تنتشر فيها الواحات الخضراء التي تشكل لوحات طبيعية فريدة. مناخها صحراوي جاف، يتميز بحرارة مرتفعة صيفًا وبرودة شتاءً، مع ندرة الأمطار. لكن رغم ذلك، تزدهر فيها الزراعة بفضل نظام ري مدهش يُعرف باسم الفُقارة.
يعتمد اقتصاد الولاية على الزراعة بشكل أساسي، وتُعد من أكبر منتجي التمور في الجزائر، خاصة صنف دقلة نور الشهير. كما تُعرف بزراعة البطاطا الموسمية التي تُصدر إلى مختلف مناطق البلاد. تم تطوير مشاريع حديثة في مجالات الفلاحة الصحراوية، إلى جانب الصناعات الغذائية والتجارة الحدودية. في السنوات الأخيرة، أصبحت الوادي مركزًا هامًا لمشاريع الطاقة الشمسية بفضل موقعها المثالي وكثافة الإشعاع الشمسي. ويُعد القطاع السياحي أيضًا واعدًا بفضل المعمار الفريد للمدينة ومناظرها الطبيعية الخلابة.
تتميز ولاية الوادي بسحرها المعماري والطبيعي الفريد، ومن أبرز معالمها:
سكان الوادي يُعرفون باسم السوافة، وهم مشهورون بذكائهم التجاري وبساطتهم وكرمهم. يحافظون على لهجتهم الخاصة الغنية بالمفردات العربية القديمة. اللباس التقليدي في المنطقة يتمثل في البرنوس الأبيض والعمامة السوفية. تُقام في الولاية مهرجانات ثقافية واقتصادية عديدة، منها مهرجان التمور ومهرجان الرمال. كما تُعتبر الزوايا والمساجد القديمة مراكز إشعاع ديني وتعليمي منذ قرون. المرأة السوفية لها حضور قوي في الحرف التقليدية، كصناعة الزرابي والنسيج والفخار.
الوادي هي لؤلؤة الصحراء الجزائرية، أرض الرمال والواحات، والتاريخ والحداثة. من بين كثبانها الذهبية تولد الحياة، ومن عبقرية أهلها تولد الحضارة. إنها ولاية فريدة تجمع بين الأصالة والابتكار، وتستحق عن جدارة لقب مدينة الألف قبة.