تعود تسمية النعامة إلى طائر النعامة الذي كان يعيش بكثرة في المنطقة قديمًا، خاصة في سهولها الشاسعة وصحاريها الواسعة. وقد اتخذت الولاية هذا الاسم لما يرمز إليه هذا الطائر من الحرية، السرعة، والصبر، وهي صفات تعكس طبيعة سكانها وبيئتها. كما يُقال إن بعض القبائل القديمة كانت تتخذ من النعامة شعارًا لها نظرًا لقيمتها الرمزية في الثقافة الصحراوية.
عرفت منطقة النعامة استيطانًا بشريًا منذ العصور القديمة، ويتجلى ذلك في النقوش الصخرية المنتشرة في جبالها، خاصة في مغارات طبلوق وضاية القراوي، التي تُظهر مشاهد من الحياة القديمة والصيد. في العهد الإسلامي، كانت المنطقة معبرًا للقوافل التجارية بين الشمال والجنوب، وساهمت في نشر العلم والتجارة عبر زاوية الشيخ بوعمامة، أحد رموز المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. وقد خاض الشيخ بوعمامة معارك بطولية في أواخر القرن التاسع عشر دفاعًا عن الهوية والدين والوطن. بعد الاستقلال، أصبحت النعامة ولاية مستقلة سنة 1984، وشهدت تطورًا ملحوظًا في مجالات الزراعة والطرق والخدمات.
تقع ولاية النعامة في الجنوب الغربي للجزائر، على الحدود مع المغرب الأقصى، وتغطي مساحة تُقدّر بـ29,950 كلم². تتكون تضاريسها من السهوب الواسعة، الجبال، والواحات. ومن أبرز سلاسلها الجبلية: جبال القصور وجبال عيساوية. مناخها قاري شبه صحراوي، بشتاء بارد وصيف حار، لكنها تحتفظ بمناطق خضراء جميلة خاصة في فصل الربيع. وتُعتبر من المناطق الغنية بالثروة الحيوانية، خصوصًا الغنم والماعز.
يرتكز اقتصاد النعامة على تربية الماشية باعتبارها منطقة رعوية بامتياز، وتُعد من أكبر منتجي الصوف والجلود في الجزائر. كما تُعرف بزراعة الشعير والقمح والبطاطا في بعض مناطقها الفلاحية. في السنوات الأخيرة، بدأت مشاريع الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة تنتشر في الولاية، إضافة إلى الاهتمام بالسياحة الصحراوية والإيكولوجية. وتُعتبر مدينة المشرية مركزًا اقتصاديًا وإداريًا نشطًا في الولاية.
تزخر النعامة بمعالم طبيعية وتاريخية ساحرة، من أهمها:
يُعرف سكان النعامة بكرمهم وشهامتهم، ويتحدث أغلبهم العربية بلهجة بدوية صحراوية. تحافظ القبائل المحلية على تقاليدها الأصيلة في اللباس، الفروسية، الشعر الملحون، والأعراس. تُنظم سنويًا مهرجانات للفروسية والإبل تُجسد الروح البدوية والتراث الشعبي العريق. كما تشتهر المنطقة بالمأكولات التقليدية مثل الكسكس، الشخشوخة، والمرق الحار. تُعتبر النعامة أيضًا مركزًا ثقافيًا وروحيًا بفضل زواياها ومدارسها القرآنية المنتشرة في القصور القديمة.
ولاية النعامة هي بوابة السهوب إلى الصحراء، تجمع بين الأصالة البدوية والجمال الطبيعي الممتد بلا حدود. بسهولها الواسعة وتاريخها المجيد وتراثها الغني، تبقى النعامة رمزًا للصمود، والكرم، والهوية الجزائرية العميقة. إنها ولاية تعانق الأفق وتهمس بروح الصحراء الحرة.