يُعتقد أن اسم الطارف مشتق من الكلمة العربية الطرف بمعنى الحافة أو الحد، وذلك لأن الولاية تقع في الطرف الشرقي للجزائر على الحدود مع تونس. كما تُشير بعض الروايات إلى أن الاسم مأخوذ من الجذر الأمازيغي الذي يعني المكان المرتفع المطلّ على البحر. ومهما يكن الأصل، فالطارف هي بحق الطرف الجميل من الجزائر الخضراء.
عرفت منطقة الطارف استقرار الإنسان منذ العصور القديمة بفضل طبيعتها الغنية بالمياه والغابات. في العهد الفينيقي والروماني، كانت تابعة لمدينة هيبون (عنابة)، وتضم آثارًا تدل على النشاط الزراعي والتجاري آنذاك. وفي العهد الإسلامي، أصبحت منطقة عبور مهمة بين الشرق والغرب، خاصة خلال حكم الحفصيين والزيانيين. أثناء الاحتلال الفرنسي، كانت الطارف منطقة زراعية وغابية غنية، وشهدت عدة ثورات محلية، أبرزها ثورة الحنانشة. كما كانت من المناطق النشطة خلال الثورة التحريرية، بحكم موقعها الحدودي مع تونس الذي جعلها مركزًا مهمًا لإمداد جيش التحرير الوطني.
تقع ولاية الطارف في أقصى الشرق الجزائري، وتبلغ مساحتها نحو 2,859 كلم². يحدها شمالًا البحر الأبيض المتوسط، شرقًا تونس، جنوبًا قالمة، وغربًا عنابة وسكيكدة. تتميز بتنوع طبيعي مذهل، حيث تجمع بين الساحل، الغابات الكثيفة، والبحيرات. من أبرز معالمها الطبيعية بحيرة الطيور وبحيرة أوبيرة المصنفتان ضمن التراث البيئي العالمي. مناخها متوسطي رطب، بشتاء ممطر وصيف معتدل منعش، مما يجعلها من أكثر المناطق خضرة في الجزائر.
يعتمد اقتصاد الطارف على الزراعة والغابات والسياحة. تُعد من أغنى الولايات بالموارد الطبيعية، حيث تشتهر بزراعة الحمضيات، الزيتون، الذرة، والخضروات. القطاع الغابي يحتل مكانة هامة نظرًا لتوفر غابات الصنوبر والبلوط والفلّين التي تغطي مساحات واسعة. كما تُعد من أهم المناطق السياحية بفضل شواطئها العذراء مثل الكركرة، المسيدا، والحمدانية. تحتوي أيضًا على مناطق رطبة محمية تُعتبر ملاذًا للطيور المهاجرة، ما يعزز مكانتها في السياحة البيئية والإيكولوجية.
الطارف جنة طبيعية مفتوحة للزائرين، ومن أبرز معالمها:
سكان الطارف معروفون بطيبتهم وكرمهم وارتباطهم الوثيق بالطبيعة. تغلب على لهجتهم العربية الشرقية مع بعض التأثيرات الأمازيغية والتونسية بحكم القرب الجغرافي. الحياة الثقافية تتجلى في الاحتفالات الفلاحية والمهرجانات البيئية، مثل مهرجان الطيور المهاجرة وموسم القالة السياحي. كما يُعتبر المطبخ المحلي من أغنى المطابخ الساحلية، حيث يتميز بأكلات بحرية وأطباق تقليدية ريفية.
الطارف هي الرئة الخضراء للجزائر، تجمع بين البحر والغابة والبحيرة في لوحة طبيعية فريدة. ولاية الجمال الهادئ والبيئة النقية، تظل مقصدًا لكل من يبحث عن السكينة والطبيعة البكر في أحضان الشرق الجزائري.