الجزائر

"وجه الكتاب".. من يرسم ملامحه؟ كتاب يحرصون على جمالية الغلاف وآخرون لا يهتمون



يعد غلاف الكتاب من العتبات الهامة التي تشير بشكل ما لمضمون الكتاب. الغلاف كما العنوان نافذة واسعة، ومن خلالها يحدث الانطباع الأول الذي يمثل الدفع الحقيقي للاقتناء ومن ثمة القراءة، لذا ما هي "المخططات الإستعجالية" التي قد يضعها الكاتب من أجل فتح نافذة على نصه تسمى الغلاف؟؟
كتب بلا أغلفة
هناك بعض الكتب لا تحتاج إلى أغلفة، بل يكفيها إطار عادي في الغالب يكون مذهبا حتى يبرز قيمتها التاريخية لا غير.. كتب طالما كانت على رفوفنا لا نحمل لها ذاكرة للغلاف بل تشترك مع الجميع في اللون أحيانا.. اللون الأحمر القاني كان المفضل لدى دار الكتاب للملايين، أو دار النهضة اللبنانية، كتب لا تستند على غلاف ولا تلبس غير اللون وبعض الزخرفة المذهبة ولكنها تستهوينا ونفتح نوافذنا لها.
لا شيء مختلف غير les Harlequins
من زمان وقبل أن تتقدم الطباعة وتصير هناك طباعة رقمية يمكنها تصحيح كل ألوان الدنيا، كان العنوان وسمك الورقة الأولى هو كل شيء، وفي أحسن الأحوال إطار أحمر يحيط بحواف الغلاف كعلامة جمالية وحيدة يدفعك لقراءة الكتاب.. بل وتتخيل العنوان وتفسيراته رسماً بالكمال والتمام، ولا يوجد لون في مكتبتك غير كتب الجيب وles harlequins التي كانت تفتح عينيك على رسوم مدهشة، لاسيما النساء المغريات اللواتي كن يحملن أسلحة أو في تعتصر شقرتهن في قبلة عاصفة.. تلك الكتب وحدها التي كانت تعني لنا الغلاف بكل الألوان وإغراءات القراءة.
وقار الكتاب.. ووقار دور النشر
لكن هناك قاعدة قديمة تشهد عليها مكتباتنا العربية أنه كلما كان الكتاب فكريا كلما كان الغلاف لا يحتوى إلا عنوانه، وكأنما هناك بعض الكتب لها وقار خاص ولا يمكنها أن تحتمل أكثر من ذلك.. ما عدا الكتب الغربية التي ظلت تصنع الفرق.
بعض دور النشر لها قواعد خاصة لا يمكن تجاوزها.. كأن تضع تصميما خاصا بكتب الشعر فلا تحيد عنه وتصميما للكتب الفكرية وآخر للروايات، فلا يتمكن الكاتب من التدخل وعليه أن يمتثل لسياسة النشر.
هناك أيضا حميمية كبيرة بين غلاف الكتاب والفن التشكيلي، بل يعد غلاف الكتاب قالري كبيرة للفن التشكيلي، وقد حدثت تقاطعات أدبية فنية تشكيلية كبيرة مع عدد كبير من الكتاب.. الأمر تراجع في السنوات الأخيرة السبب هو لا شك انتشار التكنولوجيا وسهولة تركيب الصور وكذلك سهولة النشر في الجزائر، صار الكاتب يتدخل في الغلاف بشكل أوسع.. حتى أننا نقرأ أن الغلاف من تصميم الكاتب نفسه، وفي الكثير من الأحيان يكون الأمر مبتذلا كأن تلتقط أي صورة سريالية من الاأترنت وتوضع بلا دراية، فلا تشعر بقيمة الإبداع ولا التصميم، ما ينتج في المرات تشابهاً أو تقاطعا في اختيار صورة غلاف واحد، وهذا ليس تناسخ أرواح ولا تليباتي وإنما ابتذال لأن الإبداع الحقيقي واحد أوحد.
هاجر.ق/حياة.س
حبيب السايح:
نعاني الجهل الفني من قبل المصممين

"أذكر أني كنت دائما شريكا لدار النشر وأحيانا المتصور الوحيد في تصميم أغلفة نصوصي الروائية؛ بدءا من "زمن النمرود"، نشر (ENAL سابقا) مرورا ب "ذاك الحنين" (نشر CMM)ثم دار الحكمة. و"تماسخت" (دار القصبة) و "تلك المحبة" (نشرANEP ثم دار ريحانة) و"مذنبون" و" زهوة" (نشر دار الحكمة)ومع الدار نفسها ترجمة "تلك المحبة" إلى الفرنسية". هكذا يدخل الروائي الحبيب السايح في موضوع متشبثا بذاكرة إصداراته التي أودعها لدور نشر عدة، وهي دور نشر ليس لها جميعا قارئ متخصص يقترح على المصمم الغلاف الذي يعكس شيئا من طبيعة النص؛ كما هي لا تطلب من الكاتب "خلاصة" عن نصه لتكون للمصمم فكرة عن الغلاف المفترض.
وهذا يعني، حسب السايح، أن هناك نقصا فادحا جدا في اعتبار الكتاب الأدبي الرواية خاصة صناعة تتطلب المهنية والكفاءة والجودة بما يؤهلها للتسويق وللتنافس. ومن ثمة، يقول صاحب "تماسخت"، إنه "يمكن لي القول إني كنت دائما أدخل في نقاش مع الناشر؛ الذي غالبا ما يحيلني على المصمم الذي أجد عنده كثيرا من الاستماع والتفهم؛ خاصة ممن هو من المدرسة القديمة؛ الذين لم يتعاملوا كثيرا مع النصوص بالعربية! بل إني أستطيع أن أذكر لك أني أنا الذي يقوم بالتصفيف وباختيار نوعية الخط المناسب للرواية".
وفي هذا الصدد يلاحظ السايح "جهلا" كبيرا بالأمر؛ نظرا إلى أن كثيرا الناشرين بالعربية وافدون على المهنة لا يملكون مؤهلات احترافية، حسبه.
أمين الزاوي:
"متعة الغلاف هي جزء من متعة النص الروائي"

يرى الروائي امين الزاوي الذي صدر له مؤخرا "لها سر النخلة" و"يهودي تمنطيط الأخير"، أن "الكتب بأغلفتها هي معرض تشكيلي أوهكذا يجب أن تكون، هي رواق للفنون الجميلة تكشف عن حضارة و ثقافة العين لشعب من الشعوب، ما في ذلك شك". فالكتاب، حسب الزاوي، متعة في المضمون ومتعة أيضا في الشكل، للعين حق المتعة في الكتاب كما هو للعقل و القلب. لكن للأسف الكتب العربية بئيسة بأغلفتها، أو على الأقل أغلبها لازالت صناعة فن أغلفة الكتب متخلفة عندنا، لا يولي لها الناشر كبير اهتمام..
في تجربته الشخصية ككاتب تعامل الزاوي مع دور نشر فرنسية وعربية وكذا مع دور نشر أوروبية من خلال ترجمات رواياته إلى لغات أوروبية و أسيوية كثيرة. ويلخص الزاوي هذه التجربة فيما يتصل بأغلفة رواياته كما يلي:
"مع رواياتي بالفرنسية ما هو ملاحظ بأن المشرف على إخراج الرواية وتصميم غلافها هو أولا قارئ للرواية ولا يصمم من الخارج، بل يفكر في الغلاف من خلال النص و هذا يجعل تصميم الغلاف قراءة من القراءات التي تقام للرواية. في جميع رواياتي بالفرنسية كانت الأغلفة إما باقتراح مني أي في هذه احالة يمثل الغلاف فصلا من فصول الرواية أو بتشاور بيني وبين المصمم وهذه شراكة في القراءة، مثلا روايتي "الخنوع " "La Soumission" كان الغلاف من اقتراحي أردته أن يكون فصلا من الرواية أو مشهدا من مشاهدها، في روايتي "الغزوة" "La Razzia" كان ابني هزار هو الذي اختار الغلاف وكنت في ذلك أبحث عن عين مراهق كيف يرى وكيف يتصور "العنف" السياسي، وكان الغلاف ناجحا كثيرا، و في رواياتي الأخرى "حارة النساء" "Haras de femmes" أو "ناس العطر" "Les gens du parfum" أو "وليمة الأكاذيب" "Festin de mensonge" طبعة "فايار" كانت الأغلفة من اقتراحي. وأما "غفوة الميموزا" "Sommeil du mimosa" و"غرفة العذراء المدنسة" «La chambre de la vierge impure » فهي من تصميم دار النشر الفرنسية فايار بالتشاور معي بل وبتعديل مني.
ولعل أجمل وأكبر تجربة عشتها مع أغلفة كتبي هو ذاك الغلاف الذي صممه الديزاينير الفرنسي الشهير، فليب ستارك "Philippe Starck"، لواحدة من قصصي وهي قصة "أحكي لهيلين" "Je raconte à Hélène" و التي كانت عبارة عن تحفة فنية، وفليب ستارك هو مصمم قصر الإليزيه.
أما تجربتي مع أغلفة رواياتي بالعربية فما يمكن قوله هو أن هناك بداية ظهور بعض الذوق في تصميم الأغلفة ولكن الطريق لا يزال طويلا، وما أريد قوله أيضا هو أن أغلفة رواياتي بالعربية: "صهيل الجسد" و"رائحة الأنثى" و"الرعشة" المنشورة في بيروت، لم أستشر حولها حتى صادفت الرواية إما في السوق أوتصلك نسخة في صندوق البريد. ولكن تجربتي مع الدار العربية للعلوم ومنشورات الاختلاف فهي تجربة محترمة، فتصميم غلافي "شارع إبليس" و"لها سر النحلة" كان من اقتراح مصمم الدار، وهو فنان متميز، وكان بالتشاور. أما غلاف "حادي التيوس" فهو من تصميم ابنتي لينا الزاوي وتنفيذ الدار.
أما مع منشورات دار البرزخ الجزائر التي أعادت نشر ثلاث روايات لي بالفرنسية هي "وليمة الأكاذيب" "Festin de mensonges" ورواية "غرفة العذراء المدنسة" "La chambre de la vierge impure" و رواية "اليهودي الأخير في تمنطيط" "Le Dernier Juif de Tamentit" فجميعها كان من تصميم الدار وبالتشاور معي. وفي ترجمة "الغرفة العذراء المدنسة" إلى الألمانية التي صدرت هذه الأيام احتفظ الناشر الألماني بنفس تصميم غلاف الطبعة الجزائرية. أما الترجمات الأخرى لرواياتي إلى الصينية و اليونانية والسويدية والصربية فجميع أغلفتها من مصممي دور النشر، وهي غريبة في ذوقها، ربما لثقافة شرقية أخرى ولم أستشر في اختيار هذه الأغلفة. أما أغلفة الترجمات الإيطالية والإسبانية والإنجليزية والتشيكية فهي أغلفة مستوحاة عادة من أغلفة ناشري الفرنسي فايار و بالتشاور مع وكيلي الأدبي في باريس بيير أستيي، وهي قريبة من الذوق الأصلي لغلاف الرواية في أصلها.لكل ذلك أقول مايزال طريق صناعة جماليات غلاف الكتاب العربي بعيدا عن منافسة جماليات أغلفة الكتاب الأوروبي على تنوع، سواء كان الكتاب شعبيا أو تقنيا أوأدبيا أو فنيا.
وأريد أن أنبه إلى أن المتعة التي يمنحها غلاف الكتاب هي جزء أساسي من متعة الرواية نفسها كنص لغوي تخييلي.
مرزاق بقطاش:
"أحبذ منح إبداعاتي الأدبية بصمتي الخاصة"

منذ صدور روايته الأولى "طيور الظهيرة" طلب الروائي مرزاق بقطاش من الفنان الطاهر ومان أن يصمم له غلاف الرواية، باعتبار أن بقطاش يؤمن أن ومان من الفنانين الموهوبين ويملك ثقافة واسعة وهو من المحبين لمنجزاته التشكيلية، وقد وُفِق ومان حسب بقطاش في ذلك الغلاف أيما توفيق، إلى درجة أنه طلب منه أن ينجز غلاف مجموعته القصصية الأولى "جراد البحر" بالإضافة إلى بعض الرسوم الداخلية التي تزين القصص والتقى معه مرة ثانية بمناسبة إعداد غلاف لروايته "دم الغزال".
أما عن الأغلفة الأخرى، يقول بقطاش، فهي من وضع فنانين آخرين تابعين لمؤسسات دور النشر "ولعل غلاف روايتي "خويا دحمان " من أروع ما أنجز من أغلفة في الجزائر، وهي عبارة عن لوحة لفنان تشكيلي فرنسي كانت من اختيار دار النشر القصبة تمثل مشهدا بحريا تتخلله سفن شراعية، وقبل ذلك كنت قد اخترت لوحة أخرى للفنان التشكيلي الفرنسي "كلود موني" تحمل عنوان "انطباع"، لكن لم يتسن تنفيذ اللوحة كغلاف لروايتي".
كما أنني، يضيف بقطاش، "أجتهد في اقتراح أغلفة إصداراتي وأحيانا أتكفل برسم لوحات الأغلفةعلى غرار روايتي "يحدث ما لا يحدث" التي رسمت غلافها، لأن الفن التشكيلي كان أول اهتماماتي الأدبية لأنني درسته إبان الحقبة الاستعمارية، قبل أن أتحول إلى كتابة القصة والرواية، بالإضافة إلى غلاف أنجزته بمناسبة صدور أعمالي الروائية الكاملة، ولدي كتاب سيصدر في جزئين باللغة الفرنسية يحمل عنوان "أبجديات: من ضفة إلى أخرى" سأقترح على الناشر رسما للغلاف من تصميمي، علما أنني من رسم غلاف المجموعة القصصية التي صدرت عن دار الفضاء الحر لزينب الأعوج التي تحمل عنوان "آخر القعدات".
فضيلة الفاروق:
"لا سلطة لي على أغلفتي"

الكاتب في نظر الروائية المقيمة ببيروت، فضيلة الفاروق، موظف مهضوم الحقوق عند الناشر، يكتب الكتاب و ينتهي دوره هنا، وتقصد هنا طبعا الكاتب العربي، حتى الغلاف لا رأي له فيه أحيانا، يصمم الناشر الغلاف حسب متطلبات السوق، وينتهي عند هذا الحد، قلة هم الكتاب الذين كانت لهم سلطة على أغلفتهم، مثل غادة السمان، لأنها صاحبة الدار.
وتضيف الفاروق أن أول كتاب صدر لها كانت هي من قامت باختيار الغلاف وكان لوحة للرسام الجزائري عيسى سماري، لأن الكتاب دفعت ثمن طبعه، أما بعد ذلك، فلم أوفق في فرض رأيي، كتبي التي نشرت عند رياض الريس رسم أغلفتها الرسام الكاريكوتوري حسن إدلبي لهذا كنت مقتعنة بها، ما عدا آخر رواية أقاليم الخوف، لم أقتنع بالغلاف، وانتقد كثيرا، لكني لم أهتم، ولم أدخل في أي نقاش مع الأستاذ رياض، فمصيبتي مع هذا الرجل - حسب المتحدثة - أنها تحب التعامل معه كثيراً ما جعلها تتعامل معه بعواطفها لا بالمنطق، وهذا لا يعني إلا أنه كناشر محترم فوق العادة، ولا ينظر للكتاب كبضاعة، لهذا أصبحت تقتنع وتثق في وجهة نظره، كما كان سيقنعني في كل الحالات لو سألته.
أما بخصوص عملها المترجم إلى اللغة الفرنسية الموسوم ب"تاء الخجل"، وصدر عن الاختلاف والدار العربية للعلوم، فتؤكد الفاروق أن الأستاذ بشار شبارو مسؤول الدار قام بإرسال الغلاف لها، قبل اعتماده، وحدث أن قاموا بتغييره في عدة مرات، حتى استقرينا على غلاف نهائي، وأظن هذه طريقته في التعامل مع أغلب الكتاب، لكن ليس كل الناشرين مثله لهذا فهي تعتبره استثناء.
عز الدين ميهوبي:
"كتابي بمثابة مولودي ألبسه كما تستحسنه عيناي"

يرى الشاعر والروائي عز الدين ميهوبي أنه استثناء المبدعين الجزائريين في هذه النقطة بالذات، فدراسته للفنون الجميلة منحته خلفية فنية جميلة في انتقاء أغلفة إصدارات الأدبية لأنه يهتم اهتماما بالغا بإيقاعات الألوان، لذلك وبشكل عام هم من يقترح دوما المظهر الخارجي لكتبه سواء تعلق الأمر بشكل الخط، اللوحة الفنية وكذا الألوان، وغيرها من الأمور الفنية ذات الصلة بالمضمون والتي تملك إيحاءات معينة ترتبط ارتباطا ما بالفكرة. هذه الخلفية أيضا جعلته يحرص على انتقاء لوحات لفنانين يعرفهم من داخل ومن خارج الوطن، وهذا أتاح له الفرصة في التعامل مع الفنانة الأردنية هيلدا حياري، التي كانت لوحاتها غلافا لعددين من إصداراته هما "اعترافات أسكرام" و"لا إكراه في الحرية"، كما تعامل ميهوبي أيضا مع الفنان العراقي محمد سامي في الطبعة المترجمة إلى الفرنسية من كتاب "اعترافات أسكرام".
وينوه المتحدث إلى أنّ مجموعة اقتراحاته تدخل دوما ضمن شروط العقد الذي تربطنه بدار النشر لأنه يعتبر إصداره الجديد بمثابة مولود جديد يحب أن يلبسه على ذوقه الخاص، لذلك يضيف ميهوبي قائلاً "أنا من ينتقي تفاصيل لباسه والألوان التي تليق به، ولم يحدث أن دخلت في جدال مع دار النشر حول أغلفة إصداراتي ماعدا أثناء ميلاد كتابي الأول "في البدء كان أوراس" الذي صدر سنة 1985 عن دار الشهاب، أين تعذر على المطبعة تنفيذ اللوحة التي اخترتها للفنان التشكيلي صالح ضيف رحمه الله التي رسمت خصيصا لإصداري، ولا أزال إلى غاية اليوم أحتفظ باللوحة لاستعمالها في إصدارات قادمة تتلاءم معها لأن لكل عمل هوية"، فهو كما يقول عن نفسه من الأشخاص الذين يركزون في اختياراتهم على المزاوجة بين الحداثة والتراث أو بالأحرى الأصالة والمعاصرة.
بشير مفتي:
"أنا الذي أصمم أغلفة منشورات الاختلاف"

بالنسبة لبشير مفتي فالأمر يختلف كونه ناشرا وكاتبا في نفس الوقت، أي أن سلطة القرار تعود له في الأول وفي الأخير. وعن هذه التجربة يقول مفتي:"باعتباري الناشر والمؤلف فدائما تكون لي كلمة في الغلاف بل أنا من يختارها عادة واشعر أنها تناسب الرواية التي سأنشرها.. طبعا، أما حين تعامل مع ناشرين خرين فيقول مفتي إنه حين تعامل مع ناشره السابق البرزخ، كان اختيار لوحات وتصميم الغلاف من اختصاص الناشر وأبديت رأيي بالموافقة فلم يكن عندي ما أعترض عليه، وفي مرحلة سابقة قمت بتصميم أغلفة منشورات الاختلاف قبل أن ننتقل إلى النشر المشترك مع الدار العربية للعلوم، حيث تمتلك الدار فنانا مهنته تصميم أغلفة الأعمال التي تصدرها الدار، فلم يعد هناك إلا تقديم اقتراحات أو لوحات وكصور للأغلفة وهو يقوم بالباقي.
أظن أن أي ناشر يقدر كاتبه يعرض عليه الغلاف عليه ليعطي رأيه طبعا للناشر الحق في أن يصمم الغلاف على الصورة التي يرتضيها وتناسبه، لكن من حق المؤلف أن يقترح تعديلات معينة أو يوافق معجبا بالغلاف. بالنسبة لي لم أدخل إلا مرات قليلة في نقاش حول أغلفتي، ولكن أطالب ببعض التحويرات مرات قليلة.
بالنسبة للروايات التي ترجمت لي وصدرت بفرنسا "أرخبيل الذباب" فلم استشر في الغلاف لكن النتيجة كانت جيدة، أما "شاهد العتمة" فلقد صدرت ضمن سلسلة روائية عن منشورات عدن وبالتالي لم يكن عندي اعتراض كذلك.
أحمد حمدي:
"الحاسوب أبعد عنا العناء"

اختار الشاعر أحمد حمدي، منذ انطلاقته الأولى في عالم الإبداع، أن يتعامل مع الفنان الطاهر ومان، الذي يراه فنانا راقيا يمكنه فهم النص ومن ثمة ترجمة كل ذلك في لوحة فنية وإبداعية، وهو يؤكد من هذا المنطلق بأنه هو من يشرف على انتقاء أغلفة أعماله الأدبية، وأن الناشر الذي يتعامل معه يتفهم هذه الخصوصية التي يفرضها أحمد حمدي كمبدع من حقه إبداء رأيه في الكيفية التي يصدر بهام ولوده الأدبي، لأنه يؤمن أن الغلاف هو واجهة يجب أن تكون صادقة ومعبرة عن المحتوى، وهذا ما اشتغل عليه لحدّ الآن المتحدث. أما بخصوص إصداراته في مجال المسرح، فيقول أحمد حمدي"إن الفرصة لم تتح له ليشارك في انتقاء الصورة النهائية لهذه الأعمال لأنها طبعت ونشرت في دمشق و القاهرة، وذلك للبعد، أما الدراسات العلمية ومع تطور الحاسوب فقد وضعتها بنفسي وكذلك الرواية".
ربيعة جلطي:
"لكل غلاف حكاية.. واختياراتي لم تكن اعتباطية"

تؤمن الشاعرة والروائية ربيعة جلطي أنّ الأغلفة هندام الكتب، مثل هندام الناس، قد تعكس القليل أو الكثير مما تحتويه أو قد توحي به أوإليه، وتضيف "كنت أُومنُ بهذا دائما منذ مجموعتي الأولى "تضاريس لوجه غير باريسي" الصادرة في دمشق 1981 عن دار الكرمل، فقد اقترحت دار النشر عليّ غلافا جميلا للفنان الفلسطيني محمد أبو صلاح، لطفلة تعانق لعبة على شكل حصان وتنساب في الحلم.. طلبتُ بدوري حينئذ أن ترافق قصائد الكتاب لوحات داخلية للفنان الجزائري الكبير محمد حنكور الذي كانت لوحاته المعبرة العميقة ترافق قصائدي حين نشرها على الصفحة الثقافية لجريدة الجمهورية أوفي ملحق "النادي الأدبي" الذي كان يشرف عليه الكاتب والإعلامي بلقاسم بن عبد الله. مع الأسف لم نعد نسمع بالفنان محمد حنكور لأن حالة اختفاء كل موهبة فذة في بلادنا أصبحت مسألة عادية".
من قصص الأغلفة أيضا التي تحتفظ بها ذاكرة ربيعة حكاية كتاب ".. وحديث في السر" فقد أخذ الفنان المغترب رؤوف براهمية المخطوط، وبعد قراءة أشعاره بترجمة الشاعر الكبير عبد اللطيف اللعبي لها، خرج بمجموعة كبيرة من اللوحات، اخترت لوحة الغلاف منها، واخترت أيضا اللوحات الداخلية المرافقة للقصائد.. ثم أقام الفنان رؤوف براهمية معرضا في ما بعد بمعهد العالم العربي بباريس، ومعارض أخرى ،عارضا لوحاته وبجانبها قصائدي مكتوبة بخط جميل أثارت - حسب رأيه ورأي الصحافة والمتتبعين - كثيرا من الإعجاب.
وتواصل المتحدثة سرد حكاياتها أعمالها وكيفية انتقاء الشكل النهائي لها، حيث تقول لي قصة جميلة ومؤثرة مع غلاف مجموعتي "كيف الحال" الصادرة عن دار حوران بدمشق، حيث عرض علي الفنان الكبير مصطفى الحلاج رحمه الله اختيار لوحة من لوحاته، ففتح بشهامة وكرم الفنان الكبير صناديق التي كانت مهيئة للشحن للإرسال إلى معرض دبي، ولأنني اخترت واحدة واقترح واحدة ثانية فأخذ من وقته وجهده وجمع بفنية بين اللوحتين وأهداني لوحة رائعة فكانت غلاف كيف الحال قائلا "حتى لا تنسيني يا ربيعة الجزائر".
ونفس الأمر حدث مع "تضاريس لوجه غير باريسي" مرورا ب"التهمة" و"شجر الكلام" و"كيف الحال" و".. وحديث في السرّ" و"بلغة الطير" و"من التي في المرآة" و"حجر حائر" و"بحار ليست تنام" و"الذروة" و"نادي الصنوبر".. لم تنفرد أي دار نشر بالاستحواذ على اختيار الغلاف وحدها، فإن رأيي أساسي بالنسبة لها ربما لمهنية تلك الدور وتجربتها وتمرسها، وعموما فإن اختيار دور النشر سواء الجزائرية أو المغربية أو اللبنانية أوالسورية، وجدت فيه دائما اندغاما مع مضمون كتبي، ولم يحدث أي تنافر في الذوق بين اقتراحاتهم واختياري.. ربما لأن مهنيتهم تشترط من الفنان الذي يوكل إليه إنجاز لوحة الغلاف أن يقرأ النص الروائي أو الشعري بعمق قبل أن يبدأ العمل، لذلك فإن ثمرة فنه تكون لوحة يلبسها الكتاب بزهو وتصبح علامة له وعليه.
خالد بن صالح:
"الرهان الحقيقي على العمل وليس الغلاف"

واجهة أي كتاب تمثل ملمحاً أوليا للمحتوى الذي نقرأ بين دفتيه، هكذا فضل الشاعر خالد بن صالح الحديث عن إشكالية ملفنا لهذا العدد، فمن خلال مجموعته الشعرية الأولى التي صدرت له ترك الشاعر كامل الحرية لناشره لاختيار التصميم المناسب الذي حمل لوحة للفنان ثامر داوود وكان من تصميم سامح خلف.. وحين عرض عليه الناشر الشكل النهائي للعمل وافق عليه برضا كامل وجاء بلون أزرق فاتح عكس أجواء السعال أقصد العنوان "سعال ملائكة متعبين". أما في المجموعة الثانية التي صدرت للمتحدث عن منشورات ضفاف ببيروت والاختلاف بالجزائر وحملت عنوان "مائة وعشرون متراً عن البيت"، فيقول بن صالح إن الفرصة أتيحت له لاختيار غلاف العمل مما دفعه لانتقاء لوحة الفنان السريالي رينييه ماغريت "الموديل الأحمر" لتشمل كامل واجهة الكتاب الذي صممه علي القهوجي وطبعا الاختيار تم بالتشاور مع الناشر.. ويرى المتحدث أن التشاور بين الناشر والمؤلف لانتقاء غلاف الأعمال الأدبية هي الطريقة المثلى لكي يكون الغلاف إضافة جمالية للعمل.
وفي الأخير نوه المتحدث إلى أنه طالما شهد الموسم الأدبي الواحد أغلفة كتب متشابهة لكاتبين أو ثلاثة، وهذه الطريقة تشعر المؤلف بالإحباط خاصة إذا ما رفض الناشر أن يشركه في عملية انتقاء الغلاف، ولكن هذا لا يمنع أن الرهان الحقيقي على العمل، التفرد جزء من العملية الإبداعية، وهذا يتعلق أيضا بالعنوان والغلاف.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)