الجزائر

[ الأطفالضحايا العنف الأسري يحتاجون لرحلة علاج طويلة لأن شخصيتهم هشة ]



كشف الأستاذ الجامعي ماحي براهمي بكلية علم النفس بجامعة وهران على أن الوصمة تعد من أهم العوامل المساهمة في عودة الشخص الذي مر بحالة مرضية نفسية خطيرة في فترة معينة ناجمة على سبيل المثال في تورط أحد الوالدين في قتل الآخر و التي تعد نكسة في حد ذاتها،تبعا لطبيعة مجتمعاتنا العربية التي لا تزال لم تتخلص من بعض السلوكيات الراسخة والمتوارثة عبر الاجيال والتي لم تمحى من ذهنيات الأفراد رغم التحولات الطارئة في كافة المجالات ،كأن ينعت الطفل ضحية والد جاني في حق والدته والعكس مما يكون لها أثر حاد في نفسية هذا الشخص الذي ما كاد الاخصائيون في علم النفس إن كان قد خضع لهذا النوع من العلاج يبذلون جهد في محاولة تخطيه لهذه الأزمة لتساهم في عودته الى المشكلة وكأنها وقعت من جديد.[ انهيار الأسرة يكسر الصورة المثالية للأمان ]
إن الأسرة في مفهومها الشائع هي الركيزة الأساسية للمجتمع ومنبع الأمان للطفل فكل فرد منا يحتفظ بصورة مقدسة عن والديه ويحن اليها كل ما مسته مشكلة أو مر بمأزق لأنه يشعر بالأمان لحظتها فما بلك الأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين بهذا النوع الاجرامي فإنه لا محالة يتحولون إلى أشخاص لا يشعرون بالأمان أي فقدان الجانب المعنوي والإحساس بأنهم مهددين وطغيان الشك في أوساطهم وزعزعة ثقتهم في كل ممن حولهم مادام أن الشخصين اللذين عملا على ترسيخ فكرة أن الأسرة أو الوالدين هما مصدر الأمان قد اقترفا هذا الجرم فكيف للآخر أن لا يفعل أكثر من ذلك .
و قد تؤثر على علاقاتهم بالآخر وتنعكس على شخصهم حتى ولو لميبذلوا جهدا بان لا يظهروها .
وبالتالي قد يفتح له مجال للاندفاع نحوى هاوية الانحراف ما لم يجد محيط ملائم يخفف له من حدة هذه الحادثة على الاقل ظاهريا لتخفيف من جروحه لا سيما الوسط القريب كالأقارب والأصدقاء بالحي.
[ التنشئة الاجتماعية أثبتت فشلها ]
كما أكد الأستاذ المختص في علم النفس التربوي على أن وقوع هذا الصنف من الجرائم يحيلنا لا محالة الى القول بفشل في التنشئة الاجتماعية ،أي أن طرق العنف حلت محل أساليب التهذيب والتوجيه السليم المبني على أساس الحوار وتبادل الأفكار وترسيخ مبدأ الاحترام أي أن الأسرة أصبحت عاجزة و غير قادرة عن مواجهة عودة الانسان إلى بدائيته بحكم أن كل فرد منا بداخله صورة انسان بدائي يعود إليها سرعان ما لم يحافظ على أسس التهذيب للارتقاء بسلوكه عن صورة الشخص البدائي الذي يحكمه قانون الغاب يقتل ويصارع ويعمل كل ما تخوله له نفسه من تصرفات .
[ أساليب التربية بحاجة إلى تجديد ]
كما أضاف محدثنا أنه أمام التحولات الطارئة في وقتنا الراهن فإن أساليب التربية الاجتماعية قديمة العهد أصبحت غير قادرة وكافية لاحتواء نماذج مختلفة ومتزايدة تبعا لتحولات المتسايرة مع عالم الرقمنة والتكنولوجيا التي اكتسحت بتقنياتها كامل الأسروزرعها لأفكار حولت العالم لقرية صغيرة أيأصبحت غير محصنة وغير متماسكة ثقافيا ولا عقائديا ولا قيميا والواقع يعكس لنا ذلك اكتساح المسلسلات التركية لأفكار للأسر وما فعلته بهم من انتشار عادات وقيم غريبة عن مجتمعنا بما فيها جرائم القتل وطرق التخطيط لها .
[ الإعلام سلاح ذو حدين ]
كما يعد الاعلام أحد أهم الوسائل في التنشئة الاجتماعية بامتيازه بذو حدين فالطفل في وقتنا الحالي أصبح يقضي معظم وقته بالتعامل مع هذه الوسائل التكنولوجية بما فيها أجهزة التلفاز و الهواتف المحمولة وما تتضمنه شبكات التواصل الاجتماعي وما تفعله في ذهن هذا الطفل المستقبل لجل ما تنظمنه وتطرحه من أفكار هي خارجة عن أطر ما تنظمه أساليب التنشئة الاجتماعية المعتادة فهنا يوضح الاستاذ على أنه في هذه الحال يفتح المجال لسلطة لاحتواء الخطر بتبنيها لمشروع مجتمع واضح الأسس والأهداف يتماشى وظروف عيشنا بالعودة إلى الإرث الثقافي و البحث عن الهوية في تاريخنا فعلى سبيل المثال إن فرنسا استعمرتنا نحو قرن و30 سنة إلا انها لم تستطع أن تمس ركائز التنشئة الاسرية آنذاك كانت بمثابة حصن لسد كل ما من شأنه التغير فمثلا لم تستطيع أن تغير من هندام الجزائري (البرنوس. الطربوش ،الخشابية ، العمامة) وهذا مرده إلى التماسك الأسري و أسس التلقين السليم لأساليب التنشئة السليمة المواتية للظروف وليس مجتمع عبارة عن خليط يصبح فيه الفرد تائه بأي طريق يسلكه .
وهذا ما تبرزه التحولات التي طرأتعلى أسرنا خلال فترة لا تقل عن 50 سنة تحول جذري وتغير سريع في السلم القيمي وهذا ما تجسده انتشار الجرائم من قتل وسرقات وتعدي على الأصول وغيرها وهذا مرده لعدم تبنينا لمجتمع خاص تجسد أطره أساليب وطرق سليمة تسهر عليها مؤسسات تنشئة قادرة على مواكبة التحولات .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)