
يفتتح صالون الجزائر الدولي للكتاب (SILA) أبوابه في دورته الـ28 من 29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025 بقصر المعارض بالصنوبر البحري، تحت شعار "الكتاب، ملتقى الثقافات". يجمع هذا الحدث الأدبي الأبرز في إفريقيا 1254 دار نشر من 49 دولة، منها 290 جزائرية، للاحتفاء بتنوع التعبيرات الأدبية العالمية. ومن أبرز محطات هذه الدورة، تكريم موريتانيا كضيفة شرف، ما يمثل لحظة فارقة في التعاون الثقافي بين الجزائر ونواكشوط، ويسلط الضوء على أدب غني ومتنوع، متجذر في رمال الساحل ونسائم الصحراء، يحاور بين التقاليد الشفوية والكتابات الحديثة.
تأسس صالون الجزائر الدولي للكتاب عام 1992، ليصبح مركزًا لا غنى عنه للناشرين والكتاب والقراء في المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء. تشمل الدورة الحالية مؤتمرات وجلسات توقيع وورش قراءة وعروضًا فنية، تملأ عشرة أيام من اللقاءات الفكرية. وبحضور متوقع يفوق 200 ألف زائر، يجسد الصالون شعاره في تعزيز التبادلات الثقافية.
تصل موريتانيا، بلد التباينات حيث يلتقي الصحراء الكبرى بنهر السنغال، بوفد قوي يقوده وزير الثقافة والفنون والاتصال الحسين ولد ميدو. يقدم البرنامج الموريتاني معارض للأعمال الأدبية، وندوات حول التراث المشترك العربي الإفريقي، وعروضًا تجمع بين موسيقى الغريوت والشعر الحساني. من أبرز الفعاليات، ندوة حول "المرجعيات المشتركة بين الجزائر وموريتانيا"، التي تستعرض الروابط التاريخية واللغوية بين البلدين، بالإضافة إلى مناقشات ثنائية مع الوزيرة الجزائرية مالكة بن دودة حول إنشاء حدائق ثقافية مشتركة – واحدة في أدرار الجزائرية، وأخرى في تكانت الموريتانية – لحفظ التراث المشترك. هذه المبادرات تؤسس "ديناميكية ثقافية جديدة" بين البلدين، تعزز الروابط عبر الحدود الصحراوية.

يُعد الأدب الموريتاني مرآة لتعددية ثقافية ولغوية فريدة، حيث يلتقي التراث العربي البدوي بالإرث الإفريقي الغريوتي، في بلد يضم أربع لغات رسمية: العربية الحسانية، البولارية، السوننكية، والولوفية. هذا التعدد ينعكس في أجناس أدبية متنوعة، من الشعر الحساني الكلاسيكي إلى الرواية الحديثة، مرورًا بالملاحم الشفوية والنثر المعاصر، مما يجعل موريتانيا "جسرًا أدبيًا" بين المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء.
الشعر الحساني هو العمود الفقري للأدب الموريتاني، يُكتب باللهجة الحسانية (فرع من العربية المغاربية) ويحمل إيقاعات الإبل والخيام. يتغنى بشجاعة المحارب، حب الصحراء، والقيم القبلية. من أبرز شعرائه:
يُحفظ هذا الشعر شفويًا في "المحاظر" (المدارس التقليدية)، ويُنشر اليوم في دواوين مطبوعة ومنصات رقمية.
لغة البولار، التي يتحدث بها حوالي 30% من السكان، تنتج أدبًا غنيًا بالملاحم والأغاني. الغريوت (الرواة التقليديون) يحفظون تاريخ القبائل عبر قصص مثل ملحمة "تييدن" (مسجلة في اليونسكو). من الكتاب المعاصرين:
في جنوب موريتانيا، على ضفاف نهر السنغال، تزدهر الأدبيات السوننكية والولوفية. تروي قصص التجارة القديمة، مقاومة الاستعمار، والهجرة. من أبرز الأعمال:
في العقود الأخيرة، برزت أصوات تكتب بالعربية الفصحى واللهجات المحلية، وتنشر في نواكشوط وباريس والجزائر:
تتناول هذه الأعمال مواضيع مشتركة: التعايش العرقي، آثار الاستعمار، المرأة، البيئة الصحراوية، والوحدة الوطنية. كما تدمج بين الشفوي (الأمثال، الأغاني، الملاحم) والمكتوب، مما يخلق جمالية هجينة.

موريتانيا في صالون الجزائر 2025 ليست مجرد احتفاء، بل تأكيد. من خلال عرض تنوعها الثقافي – من الغريوت إلى الشعر الحساني، ومن الرواية إلى الملحمة – تبني جسورًا دائمة مع الجزائر والعالم العربي الإفريقي. للكتاب الموريتانيين، هذه فرصة لكسر العزلة والحوار مع أقلام مغاربية وصحراوية. في عالم متصدع، يذكّر هذا "ملتقى الثقافات" أن الأدب، كالصحراء، يجمع أكثر مما يفرق. موعدنا في الجزائر، حيث تلتقي رمال موريتانيا بأمواج المتوسط.
مضاف من طرف : litteraturealgerie
صاحب المقال : Rédaction