الجزائر

أوّل تفسير جزائري‮ ‬للقرآن



أوّل تفسير جزائري‮ ‬للقرآن
من فضل الله عز وجل على الناس وإكرامه لهم أن أنزل لهم كتابا يهدي إلى الرُشد وإلى التي هي أقوم، وتعهّد بحفظه حتى لا يُصيبه ما أصاب ما سبقه من كتب من تحريف، حيث لم يحفظها الذين استُحفِظوا عليها، بل كانوا "يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، وما هو من عند الله".ومن الأمم التي مَنّ الله عليها بأن هداها للإيمان بالإسلام القويم، وبرسوله الكريم، وبكتابه العظيم الأمة الجزائرية التي لم يبق فيها بعد أمة من اعتناقها الإسلام لا يهودي، ولا نصراني، ومن يزعمون بأن هناك يهودا أو مسيحيين جزائريين فقد تشابه عليهم البشر.لقد عُنِيَ الجزائريون منذ فجر إسلامهم بهذا الكتاب العظيم، الذي هو القرآن الكريم، الذي لم يأته، ولا يأتيه، ولن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن مظاهر عنايتهم بهذا القرآن أن حفظوه في الصدور، ونشروه في أقطار بلادهم، فأنشأوا الكتاتيب، وأسسوا الجوامع والمساجد، وشيّدوا الزوايا، واهتموا بكل ما له صلة بهذا القرآن من رسم، وتجويد، وقراءات، وتفسير...وأودّ اليوم أن أذكر العارفين وأعلِم الذين لا يعلمون بأول تفسير للقرآن الكريم وصل إلينا من تأليف عالم جزائري، إنه "تفسير كتاب الله العزيز"، للشيخ هود بن مُحكّم الهواري من نواحي الأوراس، وقد حققه وعلّق عليه الشيخ الأستاذ بلحاج بن سعيد شريفي، ونشرته دار الغرب الإسلامي لحبيب الجزائر وصالح الجزائريين الحاج الحبيب اللمسي، وعدد أجزائه أربعة.لقد قدّم أستاذنا الشيخ بلحاج لهذا التفسير بمقدمة ضافية (39 صفحة) اجتهد فيها ليُحيط علما بكل ما له صلة بهذا التفسير، الذي ذكر الدكتور عمار طالبي في مقدمته لتفسير الشيخ عبد الرحمن الثعالبي (الجواهر الحِسان في تفسير القرآن) "أنه أول تفسير عُرف في الجزائر"، حيث يرجع إلى "النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة والنصف الأول من القرن الثالث". (التفسير والمفسرون في غرب إفريقيا. محمد طرهوني. ج01. ص 367/368).ويُلخص الدكتور طرهوني منهج هود بن محكم في التفسير بأنه "منهج أثريّ، إذ كان مُختصرا لتفسير ابن سلاّم، لذا فمنهجه هو نفس منهج ابن سلاّم، لا يختلف عنه إلا في تدخل هود في المواضع التي يريد فيها تأييد مذهبه اعتقادا وفقها". (ج02. ص 808). وعلى ذكر مذهب الشيخ هود فهو إباضي المذهب، وهو يميل إلى تأييد مذهبه كما يميل غيره إلى تأييد مذاهبهم الكلامية، أو الفقهية، أو الصوفية، ولن تتخلص أمتنا الإسلامية من هذا المنهج الذي يُخضع أحيانا للمذهب ولو كان مرجوحا إلا إذا تخلصت من التعصب المذهبي المقيت، وارتقت في أفكارها إلى أفق الإسلام الرَحيب، وتخلصت من مثل تعصّب القائل:أنا حنبليّ ما حَييتُ فإن أمُتْ ***** فأوصي أحِبائي أن يتحنبلواإن الرجاء في هذا التقارب المذهبي، بل التسامح المذهبي ممكن بعد هذا الانفتاح العلمي لطوائف الأمة على بعضها، وعلى هذه المؤتمرات العلمية التي تعقد في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وعلى مجمع الفقه الإسلامي. وإن علِم الله في قلوبنا جميعا خيرا فسيؤتينا خيرا.





سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)