ورقلة - A la une

"ينّاير" في ورقلة.. عودة إلى الذات في زمن العولمة


أخذت احتفالات يناير بمنطقة ورقلة عموما طابعا مغايرا نوعا ما خلال السنوات الأخيرة، غلب عليها النشاط الرسمي والتظاهرات المنظمة في سياق إحياء هذا اليوم وفق ما أجمعت عليه آراء الكثير من المهتمين بالتراث المحلي، إلا أنّها تظلّ جزء مهما لتكريس الحفاظ على العادات والتقاليد وتعريف الأجيال بالموروث الثقافي والتاريخي.أكّد العيد زوخ المهتم بالتراث المحلّي المادي واللامادي والعضو في جمعية القصر للثقافة والإصلاح أنّ معالم الاحتفال ب "يناير" في قصر ورقلة العتيق، تغيرت عما كانت عليه قديما، موضّحا أنّه ونظرا لارتباط المنطقة قديما بنشاط زراعة النخيل والتي ترتكز خاصة على منتوج التمور، كان يحظى موسم جني التمور بمكانة خاصة لدى سكان المنطقة وتبدأ عملية الجني من سبتمبر إلى أواخر ديسمبر وبداية جانفي.
واحتفالا بالانتهاء من عملية جني التمر تحضّر العائلات عادة مأدبة لأهل البيت بعد غيابهم عن البيت خلال فترة جني التمور، ويقدّمون هذه الأكلة وهي عبارة عن كسكس برأس ماعز ومرق حلو محلى بتمر الغرس، تعبيرا على رأس السنة وتفاؤلا بسنة جديدة قادمة تحمل معها كلّ الخير.
وأشار هنا إلى أنّ القدامى كانوا يسحبون اللّحم من رأس الماعز ويدفنون العظام، ويكون هذا من باب اعتقادهم بأنّهم بذلك يكرمون أهل البيت، كما يغيرون حجارة الموقد ويكون الاحتفال مقتصرا على العائلة، حيث تحتفل كلّ عائلة على حدا ويوزعون بعض الأكل على الجيران.
أما اليوم فقد تغيرت العادات كثيرا حسبه، لأسباب عديدة ولعلّ أبرزها اعتماد الإنسان المحلي على مصادر دخل جديدة وظهور وظائف حديثة، جعلته يبتعد نوعا ما عن إحياء هذه العادات، حيث لم تعد غابات النخيل مصدرا أساسيا في رزق الكثير من العائلات كما كانت في السابق.
ومع ذلك فإنّ توجّه إحياء يناير على أنه عيد وطني خلال السنوات الأخيرة يعتبر خطوة إيجابية جدّا، سمحت بالاحتفال بهذا اليوم في مجال أوسع وعبر تظاهرات مختلفة تنظمها الجمعيات وتحتضنها الهيئات والهياكل الرسمية، حيث تتنوّع الفعاليات بين مسابقات في الطبخ التقليدي وخاصة طعام الكسكس بالمرق الحلو، هذه الأكلة التي تكون حاضرة بقوة في مثل هذه المناسبة من بين قائمة الأكلات التقليدية ووصلات فلكورية وأيضا معارض للصناعات والحرف التقليدية.
وبالإضافة إلى أهميتها التاريخية وفعالية إحياء هذا اليوم في سياق الحفاظ على عادات وتقاليد الاحتفال بيناير حتى تتعرف عليها الأجيال اليوم، يعتبر هذا اليوم تعريفا بنمط العيش الذي اعتمد عليه الآباء والأجداد ونافذة على أنشطة الإنسان في القديم والتي كان يعتمدها كمصدر رزق ومكّنته من البقاء والتطوّر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)