سوق-أهراس - Revue de Presse

واقع الصناعة التقليدية في سوق أهراسموروث لا يرى النور إلا في المناسبات


دعا الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز الاتحاد الأوروبي للتدخل لدى الحكومة المغربية من أجل حملها على وقف أعمال القمع الذي تمارسه قواتها ضد المواطنين الصحراويين في المدن المحتلة.وجاءت دعوة الرئيس الصحراوي في رسالة بعث بها إلى رئيس البرلمان الأوروبي جيرزري بوزيك اطلعه فيها على اعتداء القوات المغربية الأخيرة على السكان الصحراويين في مدينة الداخلة المحتلة.
وقال ''لقد اعتدى المغرب مرة أخرى على السكان المدنيين في مدينة الداخلة بجنوب الأراضي الصحراوية المحتلة بشكل غير قانوني في امتداد مقلق للاعتداء على المظاهرة السلمية في مخيم اكديم ايزيك (قرب العيون) في 8 نوفمبر .''2010 وندد الرئيس عبد العزيز في هذا الإطار بالقمع الممارس في هذه المدينة الصحراوية المحتلة والذي قال انه ''بلغ ذروته'' ويشهد ''تصاعدا'' ممنهجا.
كما أشار الأمين العام لجبهة البوليزاريو في رسالته إلى اغتيال المناضل الصحراوي الشاب محمد لمين ميشان لحبيب البالغ 28 سنة على يد مستوطنين مغربيين وتحت أعين قوات الأمن المختلفة، إضافة إلى إصابة نساء وأطفال ومسنين كانوا بين المتظاهرين بجروح من بينهم سبعة وصفت حالاتهم بالخطيرة كما يوجد 25 في عداد المفقودين واعتقال العديد من الشبان الصحراويين.
وبينما أكد على ضرورة إيفاد بعثة إعلامية للتحقيق في الأحداث المأساوية الاخيرة دعا الرئيس الصحراوي إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين الصحراويين واحترام الحقوق الأساسية لشعب بلاده في تقرير المصير ورفع الحصار المفروض على الأراضي المحتلة.
كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى دعم النداءات الموجهة لمنح بعثة الأمم المتحدة من أجل الاستفتاء في الصحراء الغربية صلاحيات لمراقبة وإعداد تقارير حول حقوق الإنسان.
وجاءت رسالة الرئيس الصحراوي مع تأكيد وزيره الأول عبد القادر طالب عمر على انه ''ليس هناك أي قانون دولي يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية بينما تدعي السلطات المغربية ان الصحراء مغربية''. وقال في حديث أورده العدد الأخير للمجلة الايطالية للسياسيات الاستراتيجية ''ليم'' الصادر أول أمس ''نحن لا ننتمي إلى المغرب وليس هناك أي قانون دولي يعترف بملكية المغرب للصحراء الغربية''. وأكد ''أن الصحراويين بعد تخلي الجميع عنهم مستعدون لحمل السلاح مرة أخرى''.
وعن سؤال حول ما ينتظره الشعب الصحراوي من الجولة القادمة من المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب قال طالب عمر ان الأمين العام للأمم المتحدة أكد لهم انه ''سيتم اطلاعنا بتاريخ هذه الجولة في أعقاب الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن أقول اليوم انه أي احد منا لم يكن يعلق آمالا كبيرة على هذه المفاوضات''.
وعاد للحديث عن الجولات السابقة والفشل الذي منيت به وأكد انه لم يتم إلى غاية الآن الدخول في صميم المشكلة كون المغرب لا يتكلم إلا عن الاستقلال الذاتي بينما مبعوث الأمم المتحدة كريستوفر روس يلح على الاستفتاء وبان كي مون يمارس من جهته ضغوطا لإنجاح المفاوضات.
وفيما يتعلق بإمكانية قبول الصحراويين خيار الاستقلال الذاتي كمرحلة أولى في اتجاه الاستقلال أشار طالب عمر إلى ان ''جيمس بيكر المبعوث السابق للأمم المتحدة كان قد اقترح هذا المسعي وها هو المغرب يؤكد ان الاستقلال الذاتي هو الحل الوحيد إلا انه يستحيل التعاطي مع هذا الخيار''.
وذكر بان القانون الدولي لا يعتبر الصحراء الغربية ملكا للمغرب وان منظمة الأمم المتحدة لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية''.
من جانبها دعت جمعية القانونيين الأوروبيين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم الكائن مقرها بمدينة دوسلدورف الألمانية المغرب إلى احترام الحقوق المدنية للصحراويين وقبول أشكال احتجاجهم السلمي.  واطلعت الجمعية بـ''قلق كبير'' على المعلومات التي تشير إلى القمع ''الهمجي'' من قبل الشرطة والجيش المغربيين للمظاهرة السلمية بالداخلة وطالبت بوقف فوري للقمع ''الهمجي والتعسفي'' الذي يتعرض له الصحراويون.

جددت العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مساندتها للحق الثابت للشعب الصحراوي في تقرير مصيره ودعمها لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كريستوفر روس لإيجاد آليات عملية لإنهاء هذا النزاع.
وفي تدخله في مناقشات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في الأمم المتحدة أكد اوكتافيو اراثوريث ممثل دولة الشيلي الذي تحدث باسم دول مجموعة معاهدة ''ريو'' أن بلدان أمريكا اللاتينية الـ 24 تجدد دعمها لكل اللوائح التي صادقت عليها الجمعية العامة ومجلس الأمن حول النزاع القائم في الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليزاريو.
وقال إن مجموعة ''ريو'' تدعم الجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي من اجل التوصل إلى ''حل سياسي يقبله الطرفان يكون عادلا ودائما ويسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره''.
من جانبه؛ أكد دانيلو روسالس دياث نائب سفير دولة نيكاراغوا بالأمم المتحدة أن بلده يؤكد مرة أخرى ''التزامه وتضامنه مع كفاح الشعب الصحراوي من اجل تقرير مصيره واستقلاله''. وعبر عن امله ''في أن يستأنف مسار المفاوضات بين الجمهورية الصحراوية والمغرب دون شروط مسبقة طبقا للائحة 1514 وميثاق الأمم المتحدة''.
واعتبر موتلاتسي راما فولي ممثل مملكة لوسوتو الدائم لدى الأمم المتحدة الذي شارك في هذه النقاشات أن مسألة الصحراء الغربية تعتبر دون شك ''أهم قضية في أجندة الأمم المتحدة''.  
وتأسف رامافول الذي ذكر بأن بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية إنما أنشئت سنة 1991 بهدف تسهيل عملية استقلال وسيادة الصحراويين على اعتبار أن الصحراء الغربية تبقى  آخر مستعمرة في القارة الإفريقية.
وتختتم مناقشات اللجنة الرابعة للأمم المتحدة حول تصفية الاستعمار بعد غد الجمعة ومن المفروض أن تكون متبوعة بالمصادقة على مشروع تسوية لمسألة الصحراء الغربية الذي سيطرح على الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر أو ديسمبر القادمين.
وخلال هذه المناقشات أعربت عدة وفود عن أسفها لكون العالم وبعد خمسين سنة من مصادقة الجمعية العامة على اللائحة 1514 المتعلقة بتطبيق ''التصريح حول منح الاستقلال للبلدان ولشعوب المستعمرة'' ما يزال يحصي اليوم 16 إقليما مستعمرا منها الصحراء الغربية.
ويذكر أن اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار أنشئت سنة 1961 مهمتها دراسة وضعية الدول المستعمرة بهدف منح شعوبها الاستقلال وهي معروفة أيضا بـ ''اللجنة الخاصة الـ''24 وهي مكلفة أيضا ببحث الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكل هذه الأقاليم غير المستقلة.
ويأتي الدعم الدولي لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره في وقت انتقد فيه دبلوماسي أوروبي سياسة الاتحاد الأوروبي إزاء النزاعات الإقليمية وخاصة غيابه ''شبه التام'' فيما يتعلق بمشكل الصحراء الغربية.
وفي محاضرة حول ''الهندسة الأوروبية الجديدة في مجال السياسة الخارجية وانعكاساتها على الشراكة الأوروـ متوسطية'' أكد هوغ مينغاريلي المدير العام لسياسة الجوار الأوروبية وشمال إفريقيا والشرق الأوسط من أجل العمل الخارجي أن ''الاتحاد الأوروبي كان متحفظا في مجال التدخل في النزاعات الإقليمية وغيابه شبه التام عن النزاع بالصحراء الغربية محل نقاش تماما كما هو الأمر بالنسبة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي''.
واعتبر أن الاتحاد الأوروبي ''بصفته قوة اقتصادية وبالنظر لمعرفته بحقيقة الأوضاع في دول الجوار لديه دور أكبر يجب أن يلعبه في مجال تسيير وحل النزاعات الإقليمية''.
ومن خلال هذا ''الالتزام الفعلي'' بإمكان الاتحاد الأوروبي تحفيز بروز فضاء أورو ـ متوسطي للسلام والأمن والاستقرار.
وتزامن ذلك مع تأكيد لمين باعلي ممثل جبهة البوليزاريو بالمملكة المتحدة أن الوضع في مدينة الداخلة المحتلة يستدعي ''التعجيل'' في وضع آلية لحماية حقوق الإنسان من قبل الأمم المتحدة.
وقال إن ''الداخلة محاصرة منذ أيام بحيث تمنع السلطات المغربية الصحافة من الدخول إلى المدينة من أجل التستر على المعاملات الوحشية التي يتلقاها الصحراويون المحاصرون'' موجها نداء عاجلا لإرسال بعثة تحقيق دولية للصحراء الغربية.      

خصص كل من قصر الثقافة وديوان رياض الفتح برنامجا ثقافيا متنوعا لشهر أكتوبر يضم محاضرات وحفلات موسيقية ومعارض للفنون التشكيلية ومسرحيات.
وفي هذا السياق، ينظم قصر الثقافة، اليوم، محاضرة للأستاذ حدادو بعنوان: ''الأدب واللغة: أبحاث لغوية''، يعقبها تقديم محاضرة أخرى يوم 12 من الشهر الجاري وهذه المرة من تنشيط السيدة امحيس جوهر وتحت عنوان: ''طاوس عمروش الروائية''، كما سيعرف في اليوم نفسه إحياء حفل فني في الموسيقى السمفونية تحت قيادة المايسترو الياباني هيلكانورو يازاكي.
وسيعرف قصر الثقافة في الفترة الممتدة من 16 إلى 19 أكتوبر، احتضان الأسبوع الثقافي الروسي بالجزائر العاصمة، وفي هذا الإطار سيتم تنظيم معرض للفنون التشكيلية والصور وكذا إحياء سهرة موسيقية لفرقة ''كادار دينكا'' ومن ثم حفل آخر لفرقة ''زلاتوتسفيتس.
بالمقابل، يقدم المسرحي سليمان بن عيسى مونولوغ ''والموجة وصلت''، لتكون خاتمة نشاطات قصر الثقافة لشهر أكتوبر بافتتاح الطبعة الرابعة لصالون الخريف والذي تتواصل فعالياته إلى غاية 31 من جانفي من السنة القادمة.
أما عن ديوان رياض الفتح، فقد خصص عرض فيلم ''شرطة سيئة جدا'' طيلة شهر أكتوبر بقاعة ابن زيدون، وسيتم في هذا الفضاء عرض الأفلام وتقديم المحاضرات المبرمجة في إطار المهرجان الدولي للشريط المرسوم الذي تدور فعالياته من ابتداء من أمس وإلى غاية الثامن من الشهر الجاري.
وفي هذا السياق، يعرض اليوم بقاعة ابن زيدون، فيلم ''مراجعة الكلاسيك''، وفيلم ''الفانوس الأخضر'' يومي الغد وبعد الغد، وفيلما: ''برج في السحاب'' و''سنتيمتر في الثانية'' في اليوم الثامن، في حين سيتم في اليوم الأخير لهذا المهرجان تقديم الجوائز للفائزين في مسابقات المهرجان.
هذا عن الافلام، أما عن المحاضرات التي تنظم في إطار مهرجان الشريط المرسوم وتحتضنها قاعة المحاضرات بساحة رياض الفتح هي بالترتيب: ''دور الشريط المرسوم في تحقيق السلام والمصالحة في إفريقيا''، ''النشر،كيف يتم؟''، ''تان تان، عبور في القرن العشرين''، ''قصة ألف والشريط المرسوم''، ''الآخر حسب باسكال جينو''، ''كاريكاتير''، ''الشريط المرسوم، رسالة غير عنيفة حسب ريمكا''، بالإضافة إلى مائدتين مستديرتين، الأولى يوم السادس من نفس الشهر بعنوان: ''بروكسل، كوبا، الجزائر، الشريط المرسوم الحديث''، والثانية في اليوم السابع من أكتوبر بعنوان: ''متاحف، الشريط المرسوم في الحفظ؟''.
وستعرف قاعة ابن زيدون -هي الأخرى- احتضان فعاليات الأسبوع الثقافي الروسي بالجزائر العاصمة،كما سينظم نادي فرانس فانون ملتقى تكريميا لذاكرة الأستاذ محفوظ بوسبسي وسيكون حول موضوع ''الصرع''، وهذا في اليوم الثامن من الشهر الجاري، وملتقى آخر يومي 19 و20 أكتوبر الجاري حول التكوين في مجال مخطط التدخل الداخلي.
عودة إلى قاعة ابن زيدون التي ستشهد تنظيم حفل في الفلامنكو في العشرين من الشهر نفسه، وحفلا آخر من تنظيم وكالة الاشعاع الثقافي يوم 27 أكتوبر، أما يومي 28 و29 فستحتفل وزارة الثقافة وديوان رياض الفتح بالذكرى التاسعة والأربعين للثورة الجزائرية، في حفل كبير تنشطه نخبة من الفنانين الجزائريين، لتكون خاتمة نشاطات الديوان يوم 31 أكتوبر الجاري مع انطلاق المهرجان الوطني الأندلسي: ''الصنعة''.

شمال شرق الجزائر على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالتحديد تقع عنابة أو بونة أو هيبون سابقا، وهو الاسم التاريخي لمدينة تأسست بالأصل على يد الفينيقيين، فعندما نتحدث عن عنابة لا يمكن التغاضي عن تاريخها الذي تشهد عليه الآثار إلى يومنا هذا، طالما كانت مفترق طرق لعدة حضارات تنحدر من الحوض المتوسطي... عدة بنايات وقطع أثرية صامدة أمام عوامل الزمن موقعة بذلك شهادة تاريخ عنابة التي يروي متحف الهيبون تفاصيل كثيرة عنها.
عنابة مدينة العلم والجمال التي تستلقي على حافة المتوسط، تجذب كل من يزورها وتخلق لديه الفضول لمعرفة خبايا تاريخها، نظرا لاحتوائها على عدة معالم أثرية... وهو ما كشفت عنه رحلة استكشافية مؤخرا قادتنا إلى بونة تحت إشراف وزارة السياحة والصناعة  التقليدية والديوان الوطني للسياحة..
ما زالت مدينة عنابة تحتفظ بعدة معالم تاريخية وآثار، منها آثار هيبون التي تحتوي على مساحة تسمى الفوروم، بالإضافة إلى قبور وتماثيل كتمثال القديس أوغسطين في كنيسة توجد على ربوة هيبون.
تفاصيل أخرى عن تاريخ عنابة يسردها علينا متحف هيبون الذي يحتوي على مجموعة من الآثار، منها تماثيل وأواني فضية ونحاسية ولوحات من الفسيفساء لمختلف الحقبات التاريخية التي مرت بها المدينة. وفي قاعة التماثيل بالضبط تنتصب عدة آلهة ترجع بنا إلى القرون الميلادية الأولى، لتعكس الفكر الروماني الذي كان يصنع آلهة لكل الأمور التي يتفاوت فيها البشر كالذكاء والقوة... حيث نجد باكوس إله الخمر، فينوس إله الجمال وإله الحكمة عند الرومان.
على جدار القاعة فسيفساء عن إله البحر والمحيطات يعود بنا إلى القرن الرابع ميلادي، وتحت الفسيفساء قبر يمتد تاريخه من القرن الأول ميلادي مصنوع من الرخام الوردي الذي يدل على أنه ملك للأغنياء، وهو لامرأة تسمى فلافيا بوليس أهداه لها زوجها، وعلى القبر دونت بالإغريقية عبارة ''أرق النساء'' التي تدل على أنها الزوجة المفضلة لصاحب الهدية.
فسيفساء أخرى في القاعة من القرن الرابع ميلادي، تروي قصة سيدنا نوح عليه السلام والحيوانات التي رحلت معه في السفينة كالغزالة والثور... كما نجد نصبا تذكاريا لبدلة حربية مصنوعة بالبرونز تنسب إلى الملك يوليوس قيصر صاحب أقصر خطاب في التاريخ وأول من وضع رزنامة. وفي قاعة أخرى، توجد عدة لوحات من الفسيفساء منها واحدة تعود للفترة العباسية، وتدل عليها أشكالها الهندسية، المتحف في مجمله يكشف عن شعاع حضاري وذوق فني مميز لست (06) حضارات ولت: النوميدية، الفينيقية، الرومانية، البيزنطية، الواندالية والإسلامية.. وهو ما يمكن أن يلمسه الزائر من خلال أدوات الحياة اليومية التي اجتمعت في قاعة ثالثة كشاهد عيان على أنماط عيش وثقافات مختلفة، منها مصابيح زيتية، قوارير عطر، علب لمساحيق الزينة ومجوهرات، أدوات جراحة طبية، أنفورة للزيت والماء، مقابض اليد ولعب...إلخ
فهذا المتحف الذي يستقطب حوالي 100 زائر خلال الشهر، يرحل بنا إلى عمق تاريخ مدينة هيبون التي سكنها الفينيقيون منذ القرن السابع ق.م، لتتحول إلى مدينة رومانية سنة 46 ق.م.. وفي سنة431 ميلادي، اجتاحها الواندال لفترة قصيرة، حيث هجم عليها البيزنطيون الذين استقروا بها لمدة قرن. وفي سنة ,706  تداول العرب المسلمون الحكم عليها عقب الفتوحات الإسلامية، حيث حكمها الفاطميون،الصنهاجيون، الحماديون، الحفصيون وقد سماها العرب ''عنابة'' نسبة لأشجار العناب.. ثم حكمها العثمانيون انطلاقا من سنة ,1537 وبقيت تحت الحكم التركي إلى غاية سنة 1832 تاريخ الاحتلال الفرنسي.

مازال عبق التاريخ ولمسات الماضي الأصيل يحوم حول الفنون الشعبية بسوق أهراس، تحملها الجلود، الطين والصوف وتزينها الألوان وعصارة الفكر الفني للحرفيين لتسكن البيوت، فبينما لم تفلح رياح العصر في نسف موروث الأجداد، تطفو بالمقابل عدة مشاكل تهدد مستقبل هذه الصناعات التقليدية التي تبقى بأمسّ الحاجة إلى إعادة الاعتبار.
كان لـ ''المساء'' لقاء مع بعض الحرفيين بمدينة سوق أهراس مؤخرا، خلال زيارة تزامنت واليوم العالمي للسياحة المصادف لـ27 سبتمبر، تحت إشراف وزارة السياحة والصناعة التقليدية والديوان الوطني للسياحة.
وتزامنا مع المناسبة، كان لـ''المساء'' وقفة في معرض السياحة والصناعة التقليدية الذي كشف الغطاء عن المؤهلات السياحية للمنطقة، وواقع الصناعة التقليدية، والعقبات التي تعترضها.
من أشهر الحرف التقليدية في سوق أهراس، صناعة النسيج التي يتصدرها نسيج الزرابي، ومن أبرز أنواعها زربية ''الرقوبة'' بضواحي مداوروش التي تتميز  بألوانها الكثيرة ورموزها الإيحائية التي تمثل إسقاطا للحس الفني.
وتعرف الولاية أيضا بفن الطرز، فبالخيط والإبرة تبدع حرفيات سوق أهراس في نسج قطع مختلفة لتزيين الأفرشة والمناديل وغيرها. وفي الولاية نفسها، يتحول الفلين إلى قطع فنية تزخر بالإبداع، خاصة عندما يتم مزجها بالقصب الذي يمنحها طلة مميزة. لكن هذه الصناعة الفنية التي تعد مرادفا للتراث العريق والابداع الإنساني، تسير اليوم بخطى متثاقلة في وجود عقبات تؤثر على المنتوجية.
فهذا النشاط التقليدي مهدد بالزوال في المستقبل، إذا لم تتخذ الجهات المعنية التدابير اللازمة لذلك، حيث دق بعض الحرفيين ممن تحدثت ''المساء'' معهم، خلال زيارتها للمعرض، ناقوس الخطر بسبب المشاكل التي تقلص درجة الإنتاج المحلي.
وحسب شهادة بعض الحرفيين، تعرف المنتجات الحرفية  الفنية بمدينة سوق أهراس تراجعا مستمرا على مستوى المبيعات، مما يشكل خطرا على هذا الموروث الذي طالما اشتهرت به الولاية..
الحرفية ''الحمرة قروي''، مختصة في صناعةالزرابي، واحدة من نساء المنطقة ممن تداعب أناملهن الصوف والألوان لتنسج الزربية الشاوية التي تحكي عن التقاليد وعن الأصالة برموز وأشكال مختلفة... وبالنسبة لـ''الحمرة'' التي ترعرعت في وسط محافظ على التقاليد، فإن تحويل خيوط النسيج إلى زراب موروث لا غنى عنه، وهي الفكرة التي تعتنقها العديد من نساء المنطقة اللواتي يقبلن بدرجة ملحوظة على تعلم هذا الفن اليدوي.
ورغم وجود الإقبال على تعلم فن صناعة الزربية التقليدية وكذا التهافت على شرائها من قبل السياح المحليين والأجانب، إلا أن صناعة الزربية الشاوية تبقى مهددة بالزوال.
وعن السبب، تقول الحرفية ''الحمرة'' ''تعترضني مشكلة قلة الإمكانيات، مما يحول دون تمكني في العديد من المرات دون التنقل لشراء مادة الصوف من ولاية بسكرة، ولهذا فإن إنتاجي متذبذب، حيث أصنع الزرابي عندما يتوفر لدي رأسمال، في حين أنقطع عن العمل حينما تخونني الإمكانيات المادية''.
ليست هذه العقبة الوحيدة التي تعترض هذه الحرفية وغيرها من الحرفيات ممن يجدن صعوبة بالغة في تصريف منتوجاتهن التقليدية، بسبب الافتقار إلى محل لعرض البضاعة.
ومن جانبه يقول صانع الفخار السعيد نصبيبي، أن سوق أهراس مازالت متمسكة بالحرف اليدوية خاصة فيما يتعلق بصناعة الفخار، الزربية والجلود والرخام... فأدوات هذه الصناعات حاضرة في العديد من بيوت سوق أهراس، كونها أدوات محببة، إلا أن السؤال المطروح هل سيتواصل استخدام سكان الولاية لهذه الأدوات في السنوات المقبلة..؟ وهو سؤال يتبادر بسبب تراجع اهتمام شباب اليوم عن تعلم فن الصناعات التقليدية.
ويضم صوته إلى الحرفية ''الحمرة قروي'' ليشير إلى أن مشكلته مثلما هو الحال بالنسبة للعديد من الحرفيين، تكمن في غلاء المواد الأولية علاوة على صعوبة التسويق، حيث تبقى المعارض الفرصة الذهبية لبيع القطع التي تنتجها أنامله، نظرا لعدم توفره على محل.
اقتربت ''المساء'' أيضا من الحرفية '' فضيلة تلغمني'' التي ذكرت أن سكان سوق أهراس لم ينسوا صنعة الأجداد، فظلوا متشبثين بالعادات والتقاليد.
أما هي، فقد اختارت فن الحياكة منذ خمس سنوات، غير أنها غير مستقرة في عملها نظرا لتذبذب مداخيلها.. والسبب نفسه، تسويق البضاعة الذي لا يتاح إلا خلال المشاركة في المعارض. 
ويتحد هذا المشكل مع عدم وفرة المواد الأولية -تتابع المتحدثة- التي تدعو السلطات إلى النظر في هذه العوائق التي تقف حجر عثرة في طريق الصناعة التقليدية من خلال توفير المحلات وتقديم الدعم للحرفيين، مضيفة أنها تطمح رغم كل شيء إلى تعليم الفتيات لهذا الفن، إذ أن الرغبة الموجودة وما ينقصها إلا الإمكانيات.
هذه الشهادات باختلافها تدل على أن الصناعة التقليدية التي كانت تمثل المصدر الأساسي لعيش الأسلاف تعاني اليوم  من الإهمال، مما يهدد باندثارها نظرا لتقلص عدد الصناع التقليدين، فالبعض ممن لا يزال يمارس هذه المهن رغم الصعوبات التي تقف أمامهم، يدفعهم الوعي بالقيمة التاريخية لمنتجاتهم التي تحافظ على تراث المنطقة وتضمن للأجيال الصاعدة التشبث بالتقاليد والتراث.
ونظرا لهذه القيمة، لن يكون من المنطقي أن تعرض منتجات الصناعة التقليدية أحيانا بالمعارض في مختلف المناسبات فحسب، وأن تكون محطة لمعاينة المسؤولين دون اتخاذ إجراءات الدعم اللازمة لضمان استمرارية المنتجات التقليدية المحلية، لاسيما وأنها تتعرض لمنافسة كبيرة من طرف المنتجات المستوردة.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)