بشار - Revue de Presse

من عادات البشاريينعقدة في جيب العريس إلى يوم الزفاف!



من أكثر الأشياء التي تشد الزائر لولاية بشار، هو أثارها التي تختفي بين تلك المدن القديمة أو ما يسمى محليا بـ ''لقْصور''، حيث تعود بنا الذاكرة إلى زمن جميل ما زال أريجه يعبق الولاية من خلال باقة العادات والتقاليد الّتي تمسك بها سكان الولاية، فرغم أنّهم هجروا ''لقصور''، إلاّ أنّ إيقاع الحياة في المدن الجديدة لم ينسيهم نكهة الموروث الشعبي..
طلحظات من زمن ولى في بشار عاشتها ''المساء'' عبر رحلة سياحية إعلامية نظمها الديوان الوطني للسياحة لفائدة الصحفيين مؤخرا.. وقد أتاحت الرحلة فرصة قطف بعض النماذج من باقة التراث الذي تزخر به المنطقة.
ما زالت العادات والتقاليد تنتقل من جيل إلى آخر في مختلف مناطق ولاية بشار، ولو أن هذا لا ينفي -حسب بعض أهالي المنطقة- حقيقة أنّ البعض منها سائر في طريق الاندثار في ظل التغيرات الاجتماعية الحاصلة، حيث تنحصر في ذاكرة كبار السن وبعض الجمعيات الناشطة في مجال الحفاظ على الموروث الشعبي للولاية.
ويبدو من الشهادات الشفوية القيمة في هذا المجال، والتي جاءت على لسان بعض أهالي المنطقة، أنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يشكل ببشار مناسبة دينية مميزة دأب السكان على تخليدها من خلال طقوس وتقاليد أصيلة تجذرت بالمنطقة.
فهذه المناسبة التي تعكس مظهرا من مظاهر حب خاتم الأنبياء والرغبة في تسليط الضوء على سيرته الذاتية الحافلة بالعبر والرقي والأخلاق، تكتسي في المقام الأول -بالنسبة للبشاريين- طابعا دينيا واجتماعيا في آن واحد، حيث تلتقي الأسر لإحياء التقاليد الأصيلة ونقلها للأجيال الصاعدة.
وترتبط ذكرى المولد النبوي عند أهل بشار -يروي عضو جمعية أولاد الواحة راشد بن حامد- بعدد من الطقوس ممثلة في جانبين؛ الأوّل ديني والثاني فلكلوري، فمع غروب الشمس، تتعالى الأصوات إلى غاية وقت صلاة العشاء مجارة لعادة ''البردة'' التي تقتضي مدح النبي محمد ''صلى الله عليه وسلم''، كلما توارى قرص الشمس عن الأنظار على مدار 12 يوما..
ويبرز الجانب الاجتماعي للمناسبة، حينما تلتقي الأسر البشارية يوم الذكرى في الساحة القديمة المسماة ''المصرية''، حيث يبدأ الفلكلور بمدح النبي، متبوعا بطلقات البارود الّتي يطلقها رجال يرتدون اللباس التقليدي المتمثل في ''الشاش'' و''العمارة''.. كما يرتبط إحياء المناسبة في الوسط النسوي بممارسة عادة ''الحضرة'' التي تقتضي أيضا مدح إمام الأنبياء.
وللأعراس في بشار نكهة خاصة أيضا، فالعريس البشاري مطالب بممارسة بعض العادات المتوارثة، أبرزها ''كريف الحرمل''، وتعني أن يضع الرجل المقبل على الزواج غطاء رأس معقود، ويحتفظ به في جيبه إلى غاية ليلة الزفاف.. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، إنّما يتوجب عليه أيضا أن ينهض ويجلس سبع مرات أمام جماعة تتكون من نساء متقدمات في السن.
في المساء، يتوجه العريس إلى الحمام.. وبعد أداء صلاة المغرب، يدعو كل معارفه، ليتولوا قراءة القرآن عبر حلقة في وقت تخصب فيه يده بالحناء... وعبر ثلاثة أيام، تستمر بهجة الاحتفال والاستمتاع بلذة الأطباق التقليدية، على غرار ''المدربل''، ''الكسكسي'' و''الحريرة''،علما أنّه يتعين على العريس أن يحلق شعره في اليوم الثالث من العرس، وأن يزور أضرحة الأولياء الصالحين بعد العصر. كما جرت العادة أيضا أن يؤم أصدقاءه وقت صلاة المغرب في اليوم الرابع، ويتناول معهم وجبة العشاء المتمثلة في ''خبزة البصل'' التي تحضرها والدته خصيصا له.. وأخيرا يحين موعد اللقاء مع العروس بعد العشاء، وفي هذه اللحظة بالتحديد، يتعين على العروس أن تستقبل زوجها بكسوة تقليدية مصحوبة بحزام.
وحسب المرشد السياحي ''عبد القادر سهلي''، فإنّ عدة طقوس اندثرت، حيث تقلصت مدة العرس من 15يوما إلى أربعة أيام. وفيما كان الأسبوع الأول من الاحتفالات، يتميز بدعوة كافة الأصدقاء لارتشاف الشاي، للإعلان عن يوم الزفاف.
كانت خصوصية الأسبوع الثاني تتجلى من خلال إحياء أهل العريس لعادة ''المبيتة'' أو الليلة الّتي يقاطع فيها الجميع النوم، ويسهرون على وقع الأغاني الشعبية الفلكلورية. وفي الصباح، يرتشف الكل فناجين القهوة سويا في أجواء يميزها حضور فرقة البارود وتعالي زغاريد النساء، ثم يتجهون إلى بيت العروس مصطحبين المهر، والخروف الّذي يطبخه أهل العروس لتكريم الضيوف به في موعد الغذاء.. وفي الغد، يحين موعد الحفلة الكبيرة التي تكون إثرها الدعوة مفتوحة للجميع، حيث تنطلق الألعاب الفلكلورية وطلقات البارود، فيما يركب العريس الحصان مرتديا زيّه التقليدي، وحاملا السيف.
ويعد رمضان مناسبة مواتية كذلك لتقليد بعض سلوكات الأجداد، إذ ما يزال البشاريون يتسحرون بأكلة ''المسفوف'' التقليدية، ويفطرون على حبات التمر والحليب، ليتناولوا بعد ذلك طبق ''الحريرة'' متبوعا بكوب من الشاي.. وبعد أداء صلاة التراويح، يأتي دور وجبة العشاء الّتي تتمثل عادة في طبق الكسكس بالمرق.. بينما تتميز السهرات الرمضانية في بشار بالتقاء العائلات والتفافها حول صينية الشاي أو القهوة.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)