الجزائر

هكذا "حوكم" بن بلة في بسكرة بسبب العقيد شعباني



هكذا
مرت، الجمعة، ذكرى مولد العقيد شعباني (4 سبتمبر 1934)، ومرت أول أمس الخميس ذكرى إعدامه (3 سبتمبر 1964) في ظروف لا تزال تصنع الكثير من الجدل والنقاش، في ظل تعدد الروايات والمواقف، حول ملابسات مقتل أصغر عقيد في جيش التحرير الوطني، ما جعل القضية لا تزال تصنع الحدث رغم مرور نصف قرن عن الحادثة.وإذا كانت السنوات الأخيرة قد عرفت العديد من التصريحات المتطابقة والمتناقضة بين الموالين للعقيد شعباني وخصومه، إلا أن الشيء الذي يتذكره البعض، هو عدم تفويت سكان بسكرة زيارة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة لعاصمة الزيبان مطلع التسعينيات (منتصف ديسمبر 1991) التي كانت تصب في إطار الحملة الانتخابية تحت لواء حزبه "الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر"، إلا أن الزيارة تحولت إلى محاكمة شعبية داخل قاعة الزعاطشة، من خلال طرح أسئلة مباشرة حول أسباب وظروف وملابسات اغتيال شعباني، محملين إياه دم أصغر عقيد في الجزائر والعالم، باعتبار أن بن بلة كان رئيسا للجمهورية والرجل الأول في البلاد، وهو ما جعل بن بلة يجد صعوبات في مخاطبة الحضور، داعيا الجميع إلى المرونة في التعامل، ولو أن ذلك لم يمنعه من الإجابة على تساؤلات بعض الحضور والفضوليين، كملابسات وفاة مدغري التي أرجعها إلى سكتة قلبية، وقضية وفاة خميستي، وظروف وضع العلامة البشير الإبراهيمي رهن الإقامة الجبرية، وغيرها من القضايا التي أرّقت بن بلة، وفي مقدمة ذلك مسألة إعدام العقيد شعباني.وتعود قضية العقيد محمد شعباني، بعد تحويله من قيادة الولاية السادسة التاريخية (الصحراء) إلى تعيينه نائبا لقائد الأركان، وذكر الرائد عمار ملاح في تصريحات سابقة ل"الشروق" أنه في أفريل 1964 عيّنه بومدين قائدا للناحية العسكرية الرابعة (ورقلة) التي كان شعباني ممسكا بزمامها، وعيّن الشاذلي بن جديد مكانه في قيادة الناحية العسكرية الخامسة (قسنطينة)، وأشار أن العقيد بومدين استدعاه إلى مكتبه بسبب عدم التحاقه بقيادة الناحية العسكرية الرابعة وسأله بغضب، "عيّنتك في ورقلة فلماذا لم تمشي؟"، فرد عليه الرائد ملاح أنه لا يريد أن يصطدم مع العقيد محمد شعباني، فقال له بومدين: "أعطيتك أمرا... يطبّق"، وأكد عمار ملاح أنه ذهب رفقة الرائد عبد الرحمان بن سالم إلى العقيد شعباني وطلبا منه الصعود إلى العاصمة للالتحاق بمنصبه في قيادة الأركان، لكن شعباني رفض، فقال له ملاح على انفراد "إن لم تطبق ما طلبوه منك سيهجمون عليك"، وكانت العملية العسكرية ضد العقيد شعباني قد انطلقت من محورين، الأول من بوسعادة والجلفة بقيادة الرائد سعيد عبيد قائد الناحية العسكرية الأولى والرائد أحمد عبد الغني، أما المحور الثاني قسنطينة باتنة بسكرة بقيادة الرائد الشاذلي بن جديد ومحمد عطايلية، ودخلت هذه القوة مقر قيادة شعباني في بسكرة، وكان الرائد عمار ملاح قد خصص مقالا موثقا حول مسيرة العقيد شعباني بمناسبة خمسينية إعدامه، في الكتاب الذي أصدره مؤخرا حول مجاهدي وشهداء الولاية التاريخية الأولى.وبخصوص مشهد حادثة اغتيال العقيد محمد شعباني حسب رواية مهدي شريف، أول أمين عام بالرئاسة، فقد تم خلط الرصاص بشكل لا يعرف أي منهم طبيعة الرصاص الذي لديه، حتى لا يُعرف صاحب الرصاصة القاتلة، كي لا يشعر بأي عقدة ذنب في حياته، حيث أنفرقة الإعدام كانت مكونة من 12 فردا، اخلطوا لهم الرصاص، بين الحي الصوتي، وقا بصريح العبارة "..كلهم شاركوا في قتله، على الأقل هناك في كل سلاح رصاصة حية، كلهم قتلة، والقاتل الفعلي هو الرئيس بن بلة".ويعد العقيد شعباني من مواليد 20 سبتمبر 1934 بمنطقة أوماش ببسكرة، حيث تعلم في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى مدينة بسكرة لمواصلة تعليمه، وفي سنة 1950 انتقل إلى معهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة، ومع اندلاع الثورة كان من الأوائل الذين دشنوا العمليات الأولى، وأصبح كاتبا مساعدا ل سي الحواس في منطقة الصحراء، ثم تدرج في الرتب المسؤوليات، وبعد استشهاد العقيد سي الحواس خلفه على رأس الولاية السادسة، وكان له دور في توسيع العمليات العسكرية في الجنوب الكبير خاصة بعد اكتشاف البترول وسعي فرنسا إلى سياسة فصل الصحراء، وقد توفي العقيد شعباني بعد أن حوكم ونفذ فيه حكم الإعدام يوم 3 سبتمبر 1964.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)