الجزائر

مواطنون منشغلون بالحليب والحفرة وغير معنيين بالتشريعيات



مواطنون منشغلون بالحليب والحفرة وغير معنيين بالتشريعيات
نشرت : المصدر جريدة الشروق الخميس 24 نوفمبر 2016 12:22 قد لا يصدق المتتبع ليوميات المواطنين والمستمع لأحاديثهم في المقاهي أو المطلع على منشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، أن الجزائر على موعد هام وحساس خلال الأشهر القليلة القادمة، ويتعلق الأمر بالانتخابات التشريعية، والتي لم تتمكن لحد الآن من شد انتباه المواطنين وحجز مكان في يومياتهم ومشاغلهم، فبعضهم لا يعلم أصلا ببرمجة انتخابات السنة القادمة."كيس الحليب"، "زيادة الأسعار"، "حفرة بن عكنون".. وغيرها من الأمور التي باتت تشغل حيزا كبيرا من حياة المواطن اليومية واهتماماته، وقد حولوها لمادة دسمة في أحاديثهم اليومية أو حتى تعليقاتهم على صفحات "الفايسبوك"، فالبعض منهم حاول معالجة الواقع المرير وتسليط الضوء على المعاناة الحقيقية التي يعيشونها بصبغة فكاهية طريفة، غير أن القضايا المصيرية لا وجود لها في أجندتهم.يقول "س، إسحاق" طالب في السنة الأولى ماستر بكلية الحقوق، أعلم بوجود انتخابات في عام 2017 لقد قرأت عنها في إحدى الجرائد اليومية، لكني لا أعرف موعدها أو ماهيتها، فكما تعرفين السنة المقبلة تحمل العديد من الأمور أهمها قانون المالية الجديد والزيادات في الأسعار، قانون الصحة، قانون التقاعد وغيرها من الأمور المرتبطة مباشرة بحياة المواطن، أما الانتخابات فليست من أولوياتنا.في حين أكد لنا موظف في قطاع حساس، لولا واجبه المهني الذي يحتم عليه المشاركة والعمل في مثل هذه المواعيد الرسمية لما علم بها أصلا، ولم يمتلك حتى بطاقة الناخب، مستطردا لكوني مواطن بسيط بعيدا عن وظيفتي فأنا مهتم أكثر بالزيادات كبقية الجزائريين فمرتبي الشهري لن يتحمل أعباء الزيادات المرتقبة وسأضطر لإعادة إعداد ميزانية جديدة.أما السيد ولد علي حبيب متقاعد التقيناه بالبريد المركزي، فيرى في حصوله على كيس حليب وتأمين قفة الخضر لعائلته أولوية وأهمية أكبر من الركض وراء التشريعيات، والتي لن تختلف عن سابقاتها ولن تضيف له شيئا، فما يعنيه مباشرة هو التوجه مباشرة بعد صلاة الفجر للانتظار في طابور طويل، لعله يظفر بكيس حليب أم سيعود خالي الوفاض، متسائلا ماذا قدم لنا الذين انتخبناهم على مدى أعوام، لا شئ نحن على مشارف 2017 ومازلنا نقف في طوابير لشراء حاجياتنا مثل سنوات السبعينات.وإن كان غالبية من تحدثنا إليهم يفضلون الانشغال بالأوضاع الراهنة وما يمسهم ويعنيهم مباشرة، فإن بعض البطالين يجدون فيها فرصة للعمل، ولو ليوم واحد في السنة والحصول على مصروف يومهم، فمثل هذه المواعيد قد تنتشلهم من فقر الجيوب لأيام لذا يتهافتون على مقرات البلديات للتعجيل بإدراج أسمائهم. وحول الموضوع، أرجع المختص في علم الاجتماع يوسف حنطابلي، هذه الظاهرة لانشغال المواطن بالجزئيات دون الأمور الكلية، وما يفترض أن يهم المواطن فقد أصبح إنسانا يوميا تشغله حياته البسيطة أكثر من القضايا الكبرى والهامة كالإيديولوجية، التاريخ ... وقد رسخت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الفكرة.واستطرد المختص بأن السياسة لم يعد لها مكان عند المواطنين، وحتى وإن تابعوها فسيترصدون الجزئيات فقط وينتظرون هفوات الشخصيات السياسية ليصنعون منها أحاديث، فالقضايا الكبرى أصبحت ترهق الفرد وتجعله يشعر بمستقبل باهت تجلب له الاختناق، فهذه الأسباب المتداخلة شجعته على الركض نحو الواقع الحافي المباشر بدون تعقيدات فكرية، كرسته الثقافة السائدة في المجتمع وهي ثقافة الاستهلاك حتى أصبحت خياراتنا مرتبطة بها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)