الجزائر

مرصد ضد الوعود والتجارة الفوضوية



في الولايات المتحدة الأمريكية استحدث زملاؤنا الصحفيون موقعا يرصد التصريحات الكاذبة والمغلوطة والإخلال بالالتزامات والمواعيد من قبل الوزراء والمسؤولين فيما يتعلق بالمشاريع وقضايا الشأن العام، يسجل الموقع وعود المسؤولين وينتظر إلى التوقيت المحدد ليعلن عما إذا كان هذا الوزير أو المسؤول قد التزم بما وعد به أم لا.
بتنا في الجزائر أحوج ما نكون إلى مرصد كهذا، وبات لزاما علينا وضع لائحة بأسماء الوزراء والمسؤولين الذين يخلون بالتزاماتهم المعلن عنها والمتصلة بقضايا الشأن العام فيما يتعلق بإنجاز المشاريع وطرح القوانين وتنفيذ قرارات، والحكومة بكل مفاصلها ومستوياتها تمارس ''التجارة الفوضوية''.
وعد الرئيس بوتفليقة بإنعاش الاقتصاد الوطني والانتقال من اقتصاد يعتمد على ريع النفط إلى اقتصاد منتج، والتحول من دولة تمثل مبيعات النفط 29 بالمائة من مجموع مداخيلها، إلى دولة منتجة للصناعة والمنتجات الزراعية، لكننا وصلنا، على العكس من ذلك، إلى مرحلة استيراد البطاطا، ومن بلد يعتمد في مداخيله على 92 بالمئة من مبيعات النفط، إلى بلد يعتمد بنسبة 98 بالمئة على مبيعات النفط - وعلى فكرة، هذه الأرقام رسمية أصدرها الديوان الوطني للإحصائيات - وأصبحت الجزائر بلدا يستورد البطاطا بدلا من أن يورد القمح.
ووعد وزير الاتصال في الحكومة السابقة ناصر مهل بأن قانون السمعي البصري سيكون جاهزا في شهر جانفي 2012، ثم أعلن أنه سيكون جاهزا في مارس 2012، ثم أعلن أنه سيكون جاهزا في جوان 2012، ثم في جويلية 2012 لكنه كان يمارس التجارة الفوضوية، تماما مثلما يفعل باعة الخضار في سوق العقيبة في بلوزداد وسط العاصمة، ومع ذلك مازلنا ننتظر القانون إلى الآن.
وقبل سنوات كان وزير التضامن يمر على الديار محملا بكاميرا التلفزيون، يعد أطفالا ذوي احتياجات خاصة ومصابين بأمراض بالعلاج والتكفل بهم، مرت الشهور والسنوات، وبقي المساكين ينتظرون رحمة الله، بعدما تيقنوا أنهم كانوا ''كمبارس'' في مسرحيات يؤديها الوزير بامتياز.
وقبل أسبوعين صرح ل''الخبر'' رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، محمد الصغير باباس، بأن ''الخطة التفصيلية'' حول التنمية المحلية وفقا للجلسات الوطنية للشباب، التي جرت عقب احتجاجات جانفي 2011ستكون جاهزة بعد أسبوعين، مر الأسبوعان ولم يصدر شيء، وكان لزاما علينا أن نسجل للرجل إخلاله بالالتزام.
تدخل في هذا الإطار أيضا الأحزاب السياسية، 14 حزبا وعدوا بإنجاز برلمان شعبي عقب تشريعيات ماي الماضي، لكن عقدهم انفرط كأنه سراب.
زملاؤنا في صحيفة ''الغد'' الأردنية استحدثوا أيضا مساحة يومية توضع عليها لائحة بأسماء الوزراء والمسؤولين ''أعداء الصحافة'' الذين لا يلتزمون بتقديم المعلومات للصحفيين وتسهيل مهامهم، وبتنا في الجزائر أيضا بحاجة إلى أن نضع أيضا لائحة يومية بأسماء الوزراء والمسؤولين الذين لا يقدمون المعلومات الصحيحة، ولا يسهلون للصحفيين الحصول على المعلومة في توقيتها المناسب، ناهيك عن وعودهم التي لا تتحقق.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)