الجزائر

فتح السمعي البصري يربك السلطة؟ بعد دراسة وتخمين وتدبير وموازنة


فتح السمعي البصري يربك السلطة؟ بعد دراسة وتخمين وتدبير وموازنة
بمنطق تخمين السلطات، لا تختلف قضية الإفراج عن مشروع قانون السمعي البصري الذي ينظم شقا واحدا فقط من الحياة العامة، عن قضية الإفراج عن الدستور الجديد، الذي يحدد هوية بلد بأكمله، من حيث وضع الملفين في خانة واحدة، ترجمت في توجّس وارتباك الحكومة، حيالهما،
فلا الخواص تمكنوا من فتح قنواتهم بموجب القانون ولا الشعب ولا الطبقة
السياسية تمكنا من معرفة تفاصيل الدستور الجديد.
يشير تعاطي وزير الاتصال ومسؤولي مصالحه المركزية، وحتى الوزير الأول، حيال الإفراج عن مشروع قانون السمعي البصري، أنه لا أحد منهم يعرف بالتدقيق متى سيدخل القانون حيز التنفيذ، فعلا، القانون الذي يرتبط رأسا بدوائر صنّاع القرار، تماما كما يرتبط موعد تعديل دستور، صار ''طابو'' لدى الطبقة السياسية، بما يقرره الرئيس بوتفليقة، حيال ''العهدة الرابعة''، وحتى وإن أعلن وزير الاتصال أن قانون السمعي البصري، سيحال على النواب في دورتهم الحالية، فإن المسار الافتراضي الذي عرفه المشروع، من ناصر مهل إلى محمد السعيد، ومنذ أن أعلن عنه الرئيس بوتفليقة في خطابه الإصلاحي الشهير يوم 15 أفريل 2011، والموسوم بالتقدم خطوة إلى الأمام والتراجع بخطوة إلى الوراء، لا ينبئ بأن دخوله حيز التنفيذ سيكون غدا، وأن النداءات المحتملة الداعية لتطبيقه لا يمكن لها أن تصمد أمام خيارات مفترضة ضمن إخراجات الانتخابات الرئاسية 2014، لذلك لا غرابة لدى المختصين في ارتباط المشروع ''الحلم'' الذي أربك المشهد'' الإصلاحي'' باعتباره يضع حدا لاحتكار دام 50 سنة، وفي خمسينية الاستقلال، بما سيستقر عليه الموقف النهائي حيال ترشح الرئيس لعهدة رابعة من عدم ذلك. وتطرح تساؤلات ما الذي يتخوف منه في قانون السمعي البصري، طالما أنه سيحتكم إلى سلطة ضابطة ودفتر شروط، معالم الإبحار فيهما محددة بعلامة حمراء وأخرى خضراء، تماما كعلامات وضعت في القانون الأم ''قانون الإعلام'' وكالعلامتين اللتين وضعتا في قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام وقانون الجمعيات، لكن ما ظهر، يؤكد أن حصة تفكير السلطات في قانون ''التلفزيونات الخاصة'' طغت على مشهد الدراسة والتفكيك والتدبير الموازنة، بالمقارنة مع القوانين المذكورة، مجتمعة، لذلك، اتسم مسار مشروع قانون السمعي البصري ب ''المراوحة'' ظاهريا لكن مبتغاها ''ربح الوقت'' إلى أجل تتجلى فيه كامل المعطيات قبل إطلاق صفارة التنفيذ.
وبين مطالب ''التعجيل'' بفتح القطاع أمام الخواص وإرادة ''ربح الوقت ''تتريّث السلطة، بحثا عن ثغرات ''التمويل الأجنبي'' لسدها، والواقع أن الحكومة لملمت الراهن الكلي لما تمر به البلاد داخليا وإقليميا ''الربيع العربي والإضطرابات الإقليمية'' مع ما يعتقد من مخاطر تمويلات أجنبية لأطراف جزائرية تخدم مصالح وأجندات أجنبية، لذلك ترى السلطة أنه لا ينبغي المخاطرة في بحر من موج لم تجرب الإبحار فيه.
الواقع يشير إلى أن مساعي إلحاق الجزائر بركب البلدان المتطورة في هذا المجال الحساس والحيوي والاستراتيجي، محكومة بمنطق التريث والترقب، ورغم أن وزير الاتصال محمد السعيد يعترف بأنه من مصلحة الجزائر الانفتاح على قنوات خاصة لمواكبة التطورات الحاصلة، وفي ظل زخم إعلامي متدفق من الخارج يقولب تفكير الجزائريين كيفما شاء، إلا أن هذا الداعي، وعلى أهميته، لم يكن الدافع إلى التعجيل بإقرار القانون وإدخاله حيز التنفيذ لتمكين الجزائريين من معلومات جزائرية، صوتا وصورة، ومن مصادر جزائرية، تقي السلطة كما الشعب من تبعات خطر المعلومة الآتية من السماء، مثلما حدث في أوج أزمة اختطاف الرهائن بتيقنتورين، جانفي المنصرم.
وحتى إن كانت الخدمة الإعلامية لا ترتبط أساسا بالتلفزيون المحلي، خاصا كان أم عموميا، فإن المهام المنوطة بقطاع الاتصال في الجزائر، غيّبت ''رد الفعل'' حيال ما يأتي من الخارج، من حيث لا تأكيد ولا نفي رسمي لمعلومات أجنبية حول القضايا الداخلية، ما يفتح الباب واسعا لأخطبوط الإشاعة، وهذه كارثة أخرى.. في انتظار ما سيسفر عنه ملتقى الاتصال المؤسساتي الذي سينظم قريبا، وحينها سيظهر أمل في إرساء سياسة اتصال تحجب الضبابية في علاقة الحكومة بالإعلام؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)