الجزائر - Fêtes Religieuses


ظل الاحتفال بعيد الفطر، في مدينة تلمسان في عهد بني زيان امتدادا لما سبق، فقد جرت العادة، على أن يبدأ الاحتفال به منذ أوائل شهر رمضان، الذي يكثر فيه القيام وتتوزع فيه الصدقات، وتتعدد الزيارات بين الأقارب والجيران والأصدقاء، وتزين فيه المساجد والزوايا بالشموع والقناديل، وبأنواع البخور والعود والعنبر، وحتى النصارى واليهود، كانوا يهدون للمساجد بهذه المناسبة، مختلف أنواع الطيب من بخور وعود وعنبر(99)، ويحرص الناس على حضور صلاة التراويح، حتى في وقت القر والقيظ وشدة البرد بالجامع الأعظم بمدينة تلمسان(100)، وخاصة عندما يؤم الصلاة الشيخ الإمام أبو العباس الزواوي، الذي كان يتميز عن المقرئين بآداء التلاوة، وحسن الصوت(101).

كما كان سلاطين بني زيان الأوائل، يحرصون على إحضار مصحف عثمان إلى مجالسهم، أثناء ليالي رمضان والتلاوة منه، على عادة الموحدين، ويستصحبونه في كل حركاتهم للقتال تبركا به(102). وحدد يوم عيد الفطر بانتهاء شهر رمضان ودخول أول يوم من شهر شوال، ويستمر الاحتفال به- فيما يبدو- في أغلب الأقطار الإسلامية ثلاثة أيام، عندما تثبت رؤية الهلال بشهادة الشهود أمام قاضي الجماعة بتلمسان، الذي يعلن بدوره عن حلول عيد الفطر للمسلمين(103).

يدفع الصائمون عن أنفسهم، وعن أفراد عائلتهم صدقة ''الفطرة''، ليلة العيد أو قبل ذلك بقليل، ويجوز دفعها قبيل صلاة العيد، في أواخر شهر رمضان، لشراء ما يحتاجون إليه، من ملابس ومؤن وصناعة أصناف عديدة من الحلوى والكعك، وشراب الفواكه لتقديمها للزائرين(105).

وكانت صلاة العيد، تقام في الملعب، الذي يقع خارج أسوار المدينة، أمام باب القرمادين، يحضرها المسلمون من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، يتقدمهم السلطان الزياني، في موكب حافل(106)، ويشترك فيه الحرس والجيش بزيهم المميز، ويخرج الناس لرؤية الموكب، بلباس جديد وقلوب فرحة، ولاسيما الأطفال، مبتهجين بالعيد السعيد وباللباس الجديد، يلعبون ويمرحون باللعب المصنوعة من الخشب وبالصور والدمى، وهو الأمر الذي جعل بعض الفقهاء يتصدون لهذه الظاهرة بتحريم صنعها واللعب بها(107).

ويقوم الناس في صبيحة هذا اليوم بزيارة المقابر، وأضرحة الأولياء الصالحين، مثل أبي مدين الغوث بالعباد، وغيره من الشيوخ والأولياء المدفونين بالقرب من أبواب المدينة(108)، وفي المقابر الخاصة والعامة، وكان التلمسانيون يقومون بختن أطفالهم في السابع والعشرين من رمضان، وكذلك في اليوم السابع من ولادتهم(109).
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)