الجزائر - A la une

عصرنة آليات التحصيل والرقابة لتجنب الاستدانة



عصرنة آليات التحصيل والرقابة لتجنب الاستدانة
ثمّنت الكتل البرلمانية للأحزاب الممثلة في مجلس الأمة أمس، التدابير المتضمنة في مشروع قانون المالية لسنة 2017، ودعت الحكومة إلى تحسين وعصرنة أدوات تسير الاقتصاد الوطني وجهاز التحصيل الجبائي ومحاربة الغش والفساد، لتمكين خزينة الدولة من موارد إضافية وتجنيب البلاد اللجوء إلى الاستدانة الخارجية لما لها من مساس بالسيادة الوطنية.ختم رؤساء المجموعات البرلمانية النقاش الدائر بالغرفة البرلمانية العليا حول مشروع قانون المالية لسنة 2017، بجملة من الاقتراحات التي من شأنها حسبهم إثراء الخيارات المتبناة من قبل الحكومة ضمن تدابير المشروع محل المناقشة، وإذ برر السيناتور محمد بوزريبة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي بمجلس الأمة، التدابير التي جاءت بها الحكومة في هذا النص بالحاجة الماسة إلى إيجاد بدائل في دعم الموارد الوطنية وتعزيز التنمية الاقتصادية، في ظل التأثير بالظروف الدولية على هذه الإيرادات التي تراجعت من 67 مليار دولار في 2013 إلى حوالي 27 مليار دولار متوقعة لسنة 2016، اعتبر الانتقادات التي صاحبت هذه التدابير ومنها الرفع من الرسم على القيمة المضافة بدرجتين «غير مبررة»، قائلا في هذا الصدد إن «خطاب التغليط والتخويف الذي بلغ حد التخوين، دون اقتراح بدائل يدخل في خانة الشعبوية».وأعرب المتحدث في المقابل عن اعتزاز الأرندي، بالنموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبعه الجزائر، ويعبر حسبه عن حنكة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في التسيير، مثمنا في نفس السياق الإجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية 2017 من أجل دعم الاستثمار وتقوية الاقتصاد الوطني، ولاسيما بالاعتماد على القطاع الصناعي، كقاطرة لمسعى التطوير والتنويع الاقتصادي. كما ثمّن السيناتور تضمين مشروع قانون المالية لأول مرة، التوجه نحو تأطير متوسط المدى للاقتصاد الوطني، من أجل مرافقة النموذج الجديد للنمو، الذي يستفيد حسبه من مؤشرات إيجابية على غرار انخفاض واردات الإسمنت والحديد.وفيما أبرز تمسك الدولة في إطار هذا المشروع ورغم القيود المالية بالطابع الإجتماعي، المتجلي في تخصيص 1630 مليار دينار، ما يمثل أزيد من 23 بالمائة من ميزانية الدولة للتحويلات الاجتماعية، دعا رئيس المجموعة البرلمانية للأرندي الحكومة إلى التمسك بمخطط الميزانية الممتد من 2017 إلى 2019، مع ضرورة إصلاح المنظومة الجبائية، وتطهيرها من الغشاشين والمتهربين عن دفع الضرائب.كما طالب الأرندي على لسان رئيس كتلته النيابية بمجلس الأمة، بتبني الصرامة في مكافحة الفساد بكل أنواعه، وخاصة تهريب الأموال إلى الخارج، محذرا من إتباع الخيارات السهلة لتحصيل الموارد، ومنها الاستدانة الخارجية التي تمس حسبه بالسيادة الوطنية. وشدد على ضرورة السهر على رقابة السوق والأسعار التي تعرف في الآونة الأخيرة ارتفاعا جنونيا، مناشدا الحكومة مرافقة قرارها بتدعيم أسعار الكهرباء في الجنوب، وتدعيم أسعار الغاز في مناطق الهضاب العليا.من جهته، أعلن رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني محمد زبيري، مساندة نواب الأفلان بالغرفة البرلمانية العليا لمشروع قانون المالية 2017، وسعى في مداخلته إلى التخفيف من حدة التهويل الذي رافق المصادقة على المشروع في المجلس الشعبي الوطني، متسائلا «هل بإمكان الجزائر الحفاظ على كل المكتسبات التي حققتها على المستوى الاجتماعي ولاسيما منها ضمان مجانية التعليم والصحة والحصول على السكن، في ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد ومن دون البحث عن موارد إضافية، من خلال الضرائب والرسوم.في المقابل، طالب السيناتور زبيري بضرورة مرافقة التدابير المتخذة في إطار مشروع قانون المالية، بجملة من الإجراءات يراها الأفلان مهمة لإنجاح خيار تطوير الاقتصاد الوطني، أبرزها، ضرورة تطوير وعصرنة المديريات التابعة لوزارة المالية، وضع إجراءات واضحة وصارمة لمكافحة التهرب الضريبي وعصرنة جهاز التحصيل. ودعا المتدخل إلى ضرورة تنظيم الاقتصاد الموازي ودمجه في الاقتصاد الرسمي ومحاربة التهريب، لما يمثله من نزيف اقتصادي ينخر جسد الدولة، فضلا عن محاربة التجارة غير الشرعية للعملة الصعبة.كما يطالب الأفلان على لسان رئيس كتلته في مجلس الأمة بتخفيض المنح والعلاوات التي يستفيد منها إطارات بعض المؤسسات العمومية، وفرض ضريبة عقارية على «الفيلات» و«القصور»، وترشيد الدعم العمومي بتوجيهه للفئات الهشة التي تستحقه فعليا دون غيرها..وخلص السيناتور زبيري، إلى أن مراعاة هذه الاقتراحات سيجنب الجزائر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية التي تؤثر على مخططات التنمية الوطنية، وأشار إلى أن المطلوب من الحكومة، وضع إصلاحات تحارب كل مظاهر الفساد وإهدار المال العام، تعزيز الرقابة على أرباح الشركات العمومية والخاصة، مقدرا في نفس السياق بأن تخفيض الرسوم والضرائب من شأنه أن يزيد في وعاء دافعي الضرائب وبالتالي الرفع من حجم العائدات الجبائية.بدوره، برر رئيس كتلة الثلث الرئاسي بالمجلس، الهاشمي جيار، خيارات الحكومة في إطار مشروع قانون المالية 2017 بالظروف الصعبة التي يواجهها الاقتصاد الوطني والاقتصاد الدولي عموما، مشيرا إلى أن ظهور الإكراهات الدولية قلّصت من هامش المناورة لدى الحكومة «ما استدعى إيجاد موارد مالية بديلة».وإذ ثمن السيناتور جيار الخيارات التي تبنتها الحكومة ضمن مشروع القانون محل المناقشة، طالب بضرورة المضي قدما وبالصرامة اللازمة في سياسة تنويع الاقتصاد الوطني، وتحصيل الموارد الوطنية. كما دعا إلى معالجة إشكالية وظيفة الدعم الاجتماعي وجعلها أكثر استهدافا للفئات المعنية، من أجل تحسين وظيفة التضامن الوطني، مبرزا في نفس السياق أهمية عصرنة أدوات التحصيل الجبائي وعلاج العجز المترتب عن الظروف الخارجية من خلال الخطط الاقتصادية الناجعة وعولمة أداء المؤسسات الوطنية.بابا عمي: ترشيد النفقات العمومية لن يمس الدعم الإجتماعيأكد وزير المالية حاجي بابا عمي أن قانون المالية 2017 سيساهم في ضمان ديمومة النمو الاقتصادي مع المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى أن ترشيد النفقات العمومية الذي يكرسه هذا النص لن يمس بالدعم الموجه للطبقات الهشة والمتوسطة ولا بالمشاريع الاقتصادية المهيكلة، التي ستمولها حسبه البنوك بعد الاجراءات الجديدة التي استفادت منها لتعزيز السيولة البنكية.وجدد الوزير في رده على الانشغالات التي طرحها أعضاء مجلس الأمة خلال مناقشة المشروع تأكيده بأن عقلنة النفقات العمومية لن تمس بما تقدمه الدولة كنفقات اجتماعية موجهة للطبقات الهشة، بدليل المبلغ الهام الذي خصصته الدولة للتحويلات الاجتماعية سنة 2017 والذي يقارب 1631 مليار دينار (24 بالمائة من الميزانية و8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام)، مشيرا إلى أنه بالرغم من الانخفاض الذي عرفته ميزانية التسيير في مجال نفقات الموظفين، إلا أن المشروع ينص على فتح 10232 منصب شغل جديد، منها 6000 منصب في قطاع التربية الوطنية و4000 منصب في قطاع الصحة. ولفت في نفس الإطار إلى قرار إلغاء 225 منصب تعاقديا تم توظيفها في إطار منح جوازات السفر البيومترية بالتمثيليات الدبلوماسية في الخارج.وردا على الأسئلة المرتبطة بقرار الحكومة، تجميد المشاريع بسبب نقص الموارد المالية، أوضح ممثل الحكومة بأن هذا القرار لن يمس المشاريع ذات الأولوية وتلك التي تم الانطلاق فيها، مشيرا في نفس الصدد إلى أن المشاريع الاقتصادية ستحظى بتمويل من البنوك التي استفادت مؤخرا من قرار بنك الجزائر بإعادة تنشيط عملية تمويل البنوك وتوفير سيولة إضافية تقارب 350 مليار دينار، تضاف إلى حوالي 320 مليار دينار تم تحريرها بعد إجراء تخفيض نسبة الاحتياط البنكي الإجباري من 12 إلى 8 بالمائة.وذكر الوزير بأن بناء مشروع قانون المالية 2017 على أساس سعر مرجعي ب50 دولارا للبرميل والذي يهدف إلى تمويل عجز الخزينة، تم اعتماده انطلاقا من معدل السعر المتوقع من قبل الخبراء والهيئات الوطنية والدولية المتخصصة، مؤكدا في نفس الصدد بأن الحكومة ستتابع بدقة وضعية الخزينة لمواجهة أي طارئ ضمن إطار ميزانياتي متناسق.وردا على السؤال المتعلق بمراقبة ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع والتي تعرف ارتفاعا رهيبا في الفترة الأخيرة، ذكر السيد بابا عمي بأن مهام مراقبتها ترجع لمصالح وزارة التجارة التي من صلاحيتها فرض احترام الأسعار ومعاقبة القواعد التي تنظم السوق.أما بخصوص الضرائب غير المحصلة، والمقدرة حسبه ب7000 مليار دينار، فأوضح الوزير بأنها تعود إلى عدة سنوات، وتضم 5000 مليار دينار تعتبر ديون إفلاس بنكي «الخليفة» والبنك الصناعي والتجاري، فيما تمثل 1000 مليار دينار الصكوك بدون رصيد لأشخاص ليس لهم القدرة على التسديد وال1000 مليار المتبقية ناجمة عن عدم التحصيل. وبخصوص الاجراءات التي اتخذتها الإدارة الجبائية قصد استرجاع جزء من هذه المبالغ، أوضح الوزير أنها تتمثل في الحجز على الممتلكات وعلى الحسابات البنكية وتفعيل البحث والتحري بالتعاون مع المصالح الأمنية، إضافة إلى رفع شكاوى ضد المخالفين والمتهربين وذلك موازاة مع تبسيط الإجراءات الجبائية وتقريب الإدارة من المكلف بالضريبة.وحول ضرورة إدماج النشاط الموازي في القطاع الاقتصادي الرسمي، أشار السيد بابا عمي إلى أن الحكومة تصر على إدخال هذا النشاط ضمن النشاط الرسمي من خلال وضع إطار يسمح للتجار خارج الدائرة الشرعية ولاسيما الصغار منهم بالنشاط داخل أماكن مجهزة من طرف الجماعات المحلية على أن يستفيدوا بصفة مؤقتة من الإعفاء من الضريبة الجزافية الوحيدة خلال السنتين الأوليين من بداية النشاط. كما ذكر في نفس السياق بالإجراء الذي اتخذته الحكومة لتمكين الناشطين في القطاع غير الرسمي من الدفع الإيرادي للضريبة مقابل الاستفادة من القنوات البنكية الرسمية.وفي رده على الانتقادات التي وجهها أعضاء مجلس الأمة للمصالح والمديريات التابعة لقطاعه والتي تعاني حسبهم من التأخير في إدخال طرق التسيير العصرية والتكنولوجيات المتطورة، ذكر الوزير بشروع مختلف هذه المصالح على غرار الجمارك والضرائب وأملاك الدولة في رقمنة الأرشيف والسجلات التي تعتمدها في تسيير عملها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)