الجزائر - A la une

" سمير بوجمعة " للجمهورية





سمير بوجمعة صاحب 26 من عمره راعي غنم تبدو عليه الكثير من علامات الوقار و الطيبة ، صادفناه ببراري منطقة بن فريحة يزاول مهنته ، أين كانت درجة الحرارة في الظل قد بلغت 36 درجة ، بحثنا عن أصحاب المهن الصعبة أولئك الذين تحدَوا صعوبة الطقس في عز قيظه ، بعد سلسلة بحث دامت ساعات في المناطق المعزولة بعيدا عن المدينة بكل من منطقة " حاسي بونيف" بمحاذاة المقبرة باتجاه " حاسي عامر" ، " بن فريحة " و " بوفاطيس" إلى غاية " قديل " صادفنا أكثر من راعي مواشي من غنم و أبقار إلاَ أنهم كانوا منشغلين ولم نستطع رؤيتهم ولا التحدث معهم، ضمنهم من كان يرعى غنمه بالمناطق الوعرة و آخر كان مختف عن الأنظار تاركا القطيع و لربَما كان في حين رفض رعاة آخرين الحديث إلينا و علامات الريبة تلوح على وجوههم ، و أثناء عودتنا صادفنا بمحاذاة الطريق قطيعا من الغنم التي كانت ترعى لوحدها ، توقفنا قليلا ربَما يظهر صاحبها ، لم تمض دقيقة من الوقت حتى ظهر شاب حاملا في يده حجرا كبيرا بعد أن اعتقد أننا نحاول سرقة غنمه ، لكن سرعان ما أوضحنا له الأمر وكشفنا عن هويتنا ، فرحب بنا بعد أن طلب منا وثيقة رسمية تثبت كلامنا ، واسترسل في الحديث قائلا : رعاة الغنم ينشطون على الغالب بمناطق معزولة ولا حاجة لغريب في زيارتهم ، وبدأ يسرد على مسامعنا قصص اعتداءات أضَرت برعاة مثله وعمليات سرقة كتلك التي تعرض إليها والده إثر عملية احتيال قامت بها عصابة تنكرت في ملابس أمنية وطلبت منه الحصول على وثائق بعد أن أبعدته عن قطيعه، وبعد ذهابهم اكتشف والده أنه تعرض لسرقة 5 رؤوس من الغنم .الرعاة لا يملكون وقتا للعيد ولا للعطلوعن حياته الخاصة وكيف يقضي عطلته الصيفية في هذا الحر الشديد أوضح " سمير " أنه توقف عن الدراسة في السنة الثالثة متوسط ، ليتفرَغ رفقة أخيه إلى رعي غنم أبيه الذي بلغ من العمر عتيّا ، ومن باب الواجب و تخفيف العبء عنه وكي يتفرغ في هذه السن للعبادة والصلاة قرر سمير التكفل بالقطيع معتبرا أن رعي الغنم مهنة التأمل في خلق الله و مهنة لا يعرف صاحبها معنى العطلة ، فالمواشي بحاجة للأكل على الدوام كغيرها من الكائنات و عليه فالراعي لا يجتمع رفقة الأهل و الأحباب يوم العيد أو ساعات الأفراح و لا يسكن بالبيت شتاءا و لا صيفا و عليه أن يخرج القطيع من الساعة 8 صباحا و يرجعها ساعة المغرب ، و هناك من الرعاة من يتناوبون في مهنة الرعي فيما لا تسمح الظروف للبعض الآخر من الاستفادة من قسط و لو محدود من الراحة، و قد تعترض الراعي الكثير من الصعوبات من حوادث اعتداءات أو سرقة او مشاكل تأخير نتيجة مرض كبش أو نعجة ساعة الولادة آخر المساء فيضطر لتوقيف القطيع عن السير و متابعته بعد انتهائها من ذلك، كما يؤكَد أنّه إذا حصل نادرا و أن دفعته الرغبة في الاستجمام والذهاب إلى البحر ، فإنّ باله يظل مشغولا عن حال أخيه الذي يرعى القطيع في برَ قد لا يجد فيه صخرة أو شجرة يحتمي بها من لفح أشعة الشمس.، كما أشار " سمير" إلى أن الغنم بحاجة للأكل بشكل يومي ممَا يتحتَم على راعيها تدبير الأمر، ما يستدعي كراء أراض خاصة و دفع المال لأصحابها بعد نفاذ أو ندرة العشب بالمناطق و حواف الطرقات العمومية بالأماكن المعزولة ،مما يكلَف دفع المال و التنقل من منطقة الى أخرى. استئجار أراضي للقطيع ب 2000دج للهكتار الواحد صيفا و أشار محدثنا الذي يقطن ببلدية بوفاطيس أنه تنقل مسافة أكثر من كيلومتر نحو أرض خاصة محصودة حديثا تتربَع على حوالى أكثر من 30 هكتار ببلدية بن فريحة ، تم تأجيرها بسعر 2000 دج للهكتار و بلغ السعر الاجمالي لتأجيرها قرابة 7 ملايين سنتيم مؤكدا أنَ سعر كراء الأرض قد يتجاوز 6 آلاف دج للهكتار ربيعا ، يقول سمير أن الراعي بأي منطقة و أثناء رحلته يربط علاقات صداقة مع الرعاة بالجوار لتأمين الحماية لبعضهم البعض عند الحاجة بالاتصال عن طريق أساليب معينة قد تكون عن طريق اتصال هاتفي أو تصفير ،و يشير أنَ الراعي يضطر إلى شرب الماء الساخن ساعة العطش و يأكل ما قد جلبه معه من أكل في حقيبته ، يحتمي بظل شجرة أو صخرة كانت بالموقع ، او يتحمَل أشعة الشمس إذا لم يتوفر ذلك، يضع قبعته مرات و ينساها مرات أخرى ، فالراعي قد تعلَم الصبر و اعتاد على الامر فلا يضره من ذلك شيئا و يختم كلامه بجملة " اخترت أن أكون راعيا برَا والدي و أنا فخور جدا بمهنتي" ، و قبل أن نغادر طلب منَا سمير أن لا نلتقط صورا تظهر وجهه ليس انزعاجا من نشرها على الجريدة و إنَما احتراما لرغبته لأنَه ينزعج من التصوير و لو كان المصَور من أهل بيته.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)