
في عالم التواصل الاجتماعي المحموم، حيث يمكن للشهرة أن تتفجر بين عشية وضحاها وتنهار بنفس السرعة، تبرز قصة فاروق بوجمعة، المعروف بلقب "ريفكا"، كنموذج دراسي حقيقي. وُلد ريفكا عام 1997 في الجزائر العاصمة، وحوّل شغفه بالفكاهة غير التقليدية إلى إمبراطورية إعلامية وتجارية، مجسدًا مبادئ بناء العلامة الشخصية: صيغة صورة أصيلة، مرنة، وقابلة للتسويق. مع أكثر من 5 ملايين متابع على إنستغرام، يجسد ريفكا ظاهرة المؤثرين في الجزائر، حيث يلتقي العالم الرقمي بريادة الأعمال المحلية. مسيرته، المزينة بانطلاقات مذهلة، جدالات، وتنويع استراتيجي، تقدم دروسًا قيمة حول إدارة الشهرة في سوق متقلب.
فاروق بوجمعة، المعروف بريفكا، وُلد في 20 سبتمبر 1997 بالجزائر العاصمة. حاصل على إجازة في الاقتصاد من جامعة دالي ابراهيم، لكنه لم يسلك الطريق التقليدي، وتوجه نحو الشبكات الاجتماعية عام 2017. بدأت خطواته الأولى على سناب شات، حيث نشر مقاطع فكاهية وتحديات جريئة جذبت انتباه جمهور شاب ومتصل. هذا المحتوى الخفيف، وإن كان تافهًا أحيانًا لكنه قريب من الجمهور، سمح له ببناء مجتمع وفي، مستغلاً خوارزميات المنصات لنمو عضوي.
في عام 2018، وعندما كان في الحادية والعشرين فقط، حقق ريفكا نقلة نوعية: في عيد ميلاده، جمع آلاف المعجبين برياض الفاتح في الجزائر العاصمة، وهو حدث تصدر عناوين الصحف الوطنية والعربية. هذا التجمع العفوي أظهر أسس علامته الشخصية: قرب حقيقي من متابعيه، يحول الفكاهة إلى رابط عاطفي. على إنستغرام، حيث جمع بسرعة ملايين المتابعين (4.5 مليون عام 2022، وتجاوز 5 ملايين اليوم)، يولد كل منشور في المتوسط 400 ألف إعجاب، مما جعله المؤثر الأول في الجزائر من حيث التفاعل. ريفكا ليس مجرد صانع محتوى؛ بل هو علامة حية، تجسد الطاقة والفكاهة الغريبة التي تجذب شباب الجزائر.
هذا الصعود يبرز ركيزة أساسية في ظاهرة المؤثرين: الانتشار الواسع كرافعة أولية. في الجزائر، حيث تنفجر الشبكات الاجتماعية منذ العقد الأول من الألفية، استفاد ريفكا من سوق ناشئ، محققًا أرباحًا من الإعلانات والشراكات. كما يوضح بنفسه، تأتي الإيرادات أساسًا من الإعلانات ومبيعات المنتجات عبر الإنترنت، بأجور قد تصل إلى مستويات كبيرة لأبرز المؤثرين. نجاحه المبكر يظهر كيف يمكن لعلامة شخصية أصيلة - تجمع بين الفكاهة، الجرأة، والقرب الثقافي - أن تحول هواية إلى مهنة مربحة.
لا توجد مسيرة مؤثر خالية من العثرات، وقصة ريفكا مليئة بالجدالات التي اختبرت علامته الشخصية. في عام 2021، وخلال إغلاق الحدود بسبب الجائحة، سافر إلى دبي، مما أثار جدلًا حول الامتيازات و"البيستون". بلغ الأمر ذروته بحكم بالسجن لمدة عامين بتهم النصب، التزوير، واستخدام وثائق مزورة مرتبطة بهذا السفر.
الاختبار الأشد جاء أواخر 2021 مع قضية "فيوتشر غيت": اتهم ريفكا بالترويج لوكالة وهمية نصب على طلاب جزائريين يسعون للدراسة بالخارج. قضى أكثر من ستة أشهر في السجن، حُكم عليه أوليًا بالسجن لمدة عام وغرامة 100,000 دينار جزائري، قبل أن يُبرأ في 2022. هذه الفضائح، التي تم تداولها على نطاق واسع، هددت صورته: من بطل فيروسي إلى رمز للجدل.
ومع ذلك، عاد ريفكا بقوة، مجسدًا الصمود الجوهري للعلامة الشخصية. بعد إطلاق سراحه، عاد إلى عائلته - والديه ماليكوس وإل بادري، وأخيه رشدي - وأعاد استثمار رأسماله الاجتماعي. أفعال إيجابية، مثل تحقيق حلم إيفواريين بلقاء رياض محرز خلال كأس أمم إفريقيا 2023، أعادت بناء سمعته. هذه الاختبارات تبرز درسًا أساسيًا: في عالم المؤثرين، الشفافية وإدارة الأزمات حيوية. حول ريفكا السقوط إلى فرص، معززًا علامته ك"ناجٍ" أصيل.
بعد السجن، نفذ ريفكا تحولًا استراتيجيًا: من مؤثر بحت إلى رائد أعمال. أطلق "إل بادري"، سلسلة مطاعم للوجبات السريعة مستوحاة من المطبخ العائلي الجزائري، بافتتاح فروع في الجزائر العاصمة (موقعان)، بومرداس، وشلف عام 2024. ثم جاءت "لا مادري" في الجزائر عام 2023، تكريمًا لمطبخ الأمهات الجزائريات. في 2024، حقق نجاحًا كبيرًا مع "ريفكوس"، علامة رقائق البطاطس التي حققت 208,000 متابع على إنستغرام خلال أسبوع، بفضل حملات غريبة وشراكات.
هذا التنويع يبرز الانتقال من العلامة الشخصية إلى نظام تجاري بيئي. يستخدم ريفكا اسمه كأصل استراتيجي: مطاعمه ومنتجاته تحمل أسماء عائلية ("إل بادري"، "لا مادري")، مؤسسًا العلامة في الأصالة الثقافية. جمهوره الهائل يضمن رؤية مجانية، محولًا المتابعين إلى زبائن. كما يشير، النجاح يعتمد على استراتيجية: عمل متواصل، تنظيم، وحماية الصورة. في الجزائر، حيث سوق الوجبات السريعة والرقائق تنافسي لكنه ناشئ، يملأ ريفكا فراغًا بالجمع بين الابتكار والتقاليد.
مسيرة ريفكا هي دليل حي لبناء العلامة الشخصية. أولاً، الأصالة: فكاهته "التافهة" تستهدف جمهورًا محددًا ووفيًا، متجنبًا العمومية المفتعلة. ثانيًا، الصمود: الجدالات، التي أُديرت بشفافية، عززت روايته ك"طفل العودة". ثالثًا، التسويق الاستراتيجي: إلى جانب الإعلانات (حيث يكشف أن الأرباح تأتي من الإعلانات والمبيعات)، يبني أصولًا ملموسة، متجنبًا مصير المؤثرين العابرين.
في السياق الجزائري، يجسد ريفكا تطور ظاهرة المؤثرين: من المسلين إلى رواد أعمال اجتماعيين-اقتصاديين. على عكس أولئك الذين يتوقفون عند المحتوى الفيروسي (مثل بعض نجوم تيك توك الجزائريين)، يدمج فريقًا من المديرين والمسوقين لحماية صورته. نجاحه يلهم جيلًا، مؤكدًا أن الشهرة، مع استراتيجية (عمل متواصل، إدارة العلامة)، يمكن أن تولد تأثيرات دائمة - وظائف عبر المطاعم، إلهام لرواد الأعمال الشباب.
ريفكا لم يعد مجرد "ريفكا إنستغرام"؛ بل هو علامة عالمية، يثبت أن بناء العلامة الشخصية يحول الحظ إلى إمبراطورية. مسيرته، من شوارع الجزائر إلى رفوف المتاجر مع ريفكوس، تعلم أن الشهرة الدائمة تتطلب رؤية، صمود، وتنويع. في جزائر متصلة، حيث يشكل المؤثرون الثقافة والاقتصاد، يبقى ريفكا دراسة حالة: دليل على أن الاستراتيجية الصلبة تحول الفيروسي إلى حيوي.
مضاف من طرف : webmaster
صاحب المقال : Rédaction