دلالة المكان في الشعر الجاهلي

يستقرئ البحث سلطة المكان في الشعر الجاهلي ويرصد تحولاته المتواترة في النص الشعري الجاهلي بفعل عوامل مختلفة باتت تشكل منطلقا انطولوجيا ولغويا سعى فيه الشعراء إلى تثبيت دلالات توحي عن رؤية جمالية وفلسفية لهذه الاماكن فانتج ذلك خطابا شموليا خضع لشعرية لغوية وأدبية أبرزت كينونة المكان وفاعليته على مستوى العلاقات التقابلية والضدية في النص الشعري. خاض الشاعر الجاهلي مخاضا عسيرا مع الأماكن، فلم يتقبل التحولات التي طرأت عليها لأنها كانت تنبئ في كل تغيير نفيا وغيابا أبديا لساكنيها وبالتالي اشتداد الحصار على نفسية الشاعر، ولكن رغم ذلك بقي متعلقا بها، متشبثا بعودة الحياة إليها، وهو ما جعله ينشئ دلالات مكانية، بعضها عبر عن ارتباط القبيلة بها، الأمر الذي فتح له الباب بأن يوطدها بالقبيلة، ومن ثم أضحت أسماء هذه الأماكن عالقة بها، سواء في حالة الحرب أو السلم، لحقها القحط والجدب، أو أصابها الغيث والنماء. وعلاقة المكان بالمرأة علاقة اتصال، بحيث في كثير من الحالات تشد المرأة الرحال إلى أماكن بعينها شهدت بروز علامات الحياة مما يفتح المجال أمام الشاعر ليبرز معاني هذا المكان ويظهر عشقه لها، ويأمل أن يتواصل بقاءها لمدة أطول ليعيد تكرار هذه الأماكن في نصه الشعري. فما هي معاني هذه الأماكن وما دلالتها في النص الشعري الجاهلي؟ وهل ذكرها نابع عن تجربة شعرية؟ أم هي عبارة عن معجم شعري يستدعيه الشاعر حين يحتاج إليها؟