نقلت اللغة العربية المجتمع العربي من مجتمع بسيط ساذج بدوي، إلى مجتمع غاية في الرقيِّ الفكري والحضاري مذ أزمنة غابرة، فهي وعاء الأدب شعرا ونثرا، وحاملة آخر الرسالات السماوية، إضافة إلى كونها وسيلة التعارف وتبادل الحاجات بين العرب وغيرهم من الأمم، فقد كرَّس علماؤنا الأجلاء كلَّ ما أوتوا من جهود للحفاظ على هذه اللغة المقدسة؛ ولعلَّ أُولى جهودهم تمثلت في محاربة اللحن الَّذي تسرب للألسن بدخول الأعاجم واعتناقهم الإسلام فوضعوا ضوابط ومعايير نحوية تلجم اللِّسان من الزلل والخطأ، وكان لأبي الأسود الدؤلي، والخليل بن أحمد الفراهيدي وسيبويه، وابن جني وغيرهم الفضل للتنويه بمجهوداتهم وآثارهم الخالدة؛ حتى تتبوأ اللغة العربية مكانة مرموقة من خلال حبهم لها وكل ما تركوه لنا، ينضاف إلى ذلك قوة شخصيتهم وتمسُّكهم بدينهم، وعقيدتهم والمحافظة على أصالتهم وعراقتهم، وفي عصرنا الحاضر أصبحت العولمة هاجسا يتوجس منه كل محب للغة الضاد أن تتماهي ويشوبها ما لا يحمد عقباه، وهنا نطرح الإشكالات التالية: ماذا نقصد بالعولمة؟ وما مدى خطورتها على اللغة العربية بل والهوية العربية بصفة عامة؟ وهل الابتعاد والانغلاق أحسن أم الاحتكاك والاستفادة أفضل؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - دلال عـودة - بن فريحة الجيلالي
المصدر : المعيار Volume 8, Numéro 1, Pages 160-175 2017-06-30