الجزائر

حرفيون يدعون إلى تكثيف التكوين



حرفيون يدعون إلى تكثيف التكوين
أوضح الحرفي سفيان شاكري المختصّ في صناعة النحاس، أنّ مصير هذه الحرفة لايزال مجهولا، في ظلّ تراجع العديد من أبناء الحرفيين القدامى الذين امتهنوا هذه الحرفة لعقود من الزمن، للتخصص في هذه الحرفة التي كانت تُعد مكسب الرزق الوحيد للكثير من العائلات، إلا أنها اليوم مهددة بالزوال لولا إصرار البعض على المحافظة عليها بامتهانها على أصولها التي كانت عليها منذ القدم.عن أسباب "تراجع" مهنة صناعة النحاس يقول سفيان إنّ عزوف العديد من الشباب عن الإقبال على هذه المهنة اليدوية، يعود إلى المجهود العضلي الكبير الذي تتطلبه، ليفضّلوا عليها مهنا أقل تعبا وتدرّ أموالا أكثر في وقت قصير. وأضاف المتحدّث أنّ "ندرة المادة وارتفاع تكلفتها وعدم اهتمام بعض المواطنين باقتناء القطع التقليدية، من الأسباب الأخرى المفسرة لهذا الوضع".وأكّد الحرفي الذي امتهن صنعته طيلة 20 سنة وهو يستذكر الماضي بحنين، أنّ العديد من العائلات امتهنت هذه الحرفة، وكانت هي مصدر الرزق الوحيد لها. وهناك عائلات معروفة ولها سمعة تجارية كبيرة، كانت من الطبقات الراقية في المجتمع لشهرتها بالتخصّص في مادة النحاس. وأشار المتحدّث إلى تلك الورشات الصغيرة المنتشرة عبر الأحياء القديمة، خصوصا في أعالي القصبة، مما كان يدل على ازدهار المهنة. أضف إلى ذلك الطلبات العديدة عليها، حيث كان الزبائن يتوافدون عليها من مختلف الولايات.وقال الحرفي إنّه من المعروف أنّ ولاية قسنطينة تشتهر بصناعة هذه المادة إلى حدّ اليوم، وتنتشر بها المحلات كون تلك الحرفة تجذّرت لدى العائلات القسنطينية، هذا ما يدفع بعض تجار تلك القطع النحاسية التقليدية العاصميين، يقتنون بضاعتهم منها لإعادة بيعها بدون تكبّد عناء صناعتها، كما كانت عليه الورشات العاصمية سابقا، حيث كان بإمكان المواطن أو الزبون أن يميّز بين القطع العاصمية والقطع القسنطينية، فلكلّ قطعة ميزتها الخاصة تتحدّد حسب انتماء الحرفي لولايته، إذ كان يضع عليها لمسته الخاصة التي تعطي الطابع الأصيل للولاية. ومن المعروف أنّ العادات والتقاليد تختلف من منطقة إلى أخرى، إلاّ أنّ هذا لم يكن يمنع حرفيي الولايتين من تبادل خبراتهم فيما بينهم بتنظيم لقاءات مهنية، يتم فيها تبادل الأفكار للتطوير والإبداع أكثر في صناعة النحاس.وأضاف سفيان متأسّفا عن الوضعية التي آلت إليها هذه الحرفة، "مهنة صناعة النحاس لم تعد كما كانت في السابق، كما أنّ عدد الحرفيين تضاءل مقارنة بما كان عليه سابقا". واستطرد يقول: "لقد تمّ استبدال العمل اليدوي لصناعة النحاس بالآلات، ناهيك عن نقص الإمكانيات التي زادت من الطين بلة، فلم تعد لدينا نفس الإمكانيات التي كنا نتوفّر عليها في السابق. كما أنّ الحرفيين توجّهوا نحو مهن يدوية أخرى، علما أنّ ثمن المادة الأولى في ارتفاع مستمر، الأمر الذي يجعل السوق الجزائرية معرّضة لغزو البضاعة الصينية، التي تصنع نسخا مقلدة للقطع التقليدية التي تعكس جانبا من تراثنا الثقافي". وأوضح قائلا إنّه بهذه الوتيرة وهذا التراجع المستمر، سوف نجد أنفسنا غير قادرين على المحافظة على تراثنا الذي يعكس هويتنا، وهذا يضعنا أمام عجز في نقل تلك الحرف إلى الأجيال الصاعدة، الوسيلة الوحيدة التي سوف تكون فعّالة للمحافظة على هذه المهنة التي وصفها الأجداد بالشريفة والمباركة.وبنبرة من الحزن، أعرب الحرفي عن تخوّفه الشديد من زوال هذه الحرفة بسبب كلّ تلك العوامل التي تدفع إلى ذلك، داعيا الحرفيين إلى تعليم حرفتهم لأولادهم وكذا لمختلف الشباب الراغبين في ذلك.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)