ذكر محمد مشاطي، عضو مجموعة الـ 22 ، أن الطموحات المفرطة، أدت إلى الابتعاد عن روح الثورة. بينما اعتبر عبد المجيد عزي، أن كثير من الجوانب المهمة في حرب التحرير لم تكتب بعد، وهو ما أكده المجاهد جودي عتومي، وهو يتحدث عن تجربته في كتابة تاريخ الثورة في الولاية الثالثة بالتركيز على شخصية العقيد عميروش. فيما قدم جنديان سابقان في الجيش الفرنسي، وهما كلود جوان وألبير نالي، رؤيتهما بخصوص رفض فكرة الحرب على الشعب الجزائري.
أوضح ألبير نالي، وهو جندي فرنسي سابق، استدعي لأداء الخدمة العسكرية بين ماي 1957 وأوت 1959، بمنطقة الأربعاء ناث ايراثن بتيزي وزو، أن مشاركته في الحرب ضد الجزائريين، تركت لديه أثارا عميقة، مما أوصله إلى تأليف كتاب صدر بعنوان “لا يمكن محو الحقائق”. وقال نالي أول أمس، خلال مشاركته في ندوة “الجزائر بين الذاكرة والخيال”، ضمن نشاطات المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب، أنه يكشف عن “لحظة الخوف من الموت التي كانت تسكنه، إضافة إلى الخوف من قتل الجزائريين”. وقال : “أخبرونا أننا متوجهون لاستتباب الأمن، فوجدنا أنفسنا في قلب معركة دموية”. ويعتقد نالي أن فرنسا خاضت حربا في الجزائر، ليس من أجل القيم المؤسسة للجمهورية الفرنسية، بل من أجل خدمة المثال الاستعماري، وهو ما أوصله إلى الالتزام ضد الحرب التي فرضت عليه، وقال: “كان يصعب علينا المشاركة في عمليات حربية ضد الأبرياء”. موضحا أن جل الجنود الذين شاركوا في هذه الحرب عادوا منها “مجروحين، مصابين بآلام واضطرابات نفسية، لأنهم في العمق لم يؤمنوا بجدوى الحرب ضد الأبرياء في الجزائر”.
ومن جهته أبرز كلود جوان، صاحب كتاب “جنود مارسوا التعذيب خلال حرب الجزائر” ظاهرة الجندي الجلاد ذي الوجه الإنساني. وقال إن كتابه يعدّ بمثابة تكملة لأطروحة دكتوراه ناقشتها الباحثة الفرنسية ‘’شارلوت لاكوست’’، تطرقت فيها إلى محاولات النصوص الروائية الفرنسية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، لنزع الإثم واللوم الذي علق بالجندي الفرنسي الذي شارك في ‘’حرب الجزائر’’. وقال جوان: ‘’لا يمكن أن نكون أمة لحقوق الإنسان ونعترف في الوقت ذاته بأن تاريخنا ملطخ بالدماء. وعندما يتخلص المؤرخون من الهيمنة المباشرة أو غير المباشرة للوبيات، في هذه الحالة يمكـن لـنا أن نقـول بأن الاستعمـار مصدر للعنف وأن التعذيب الذي تمت ممارسته ضد الجزائريين خـلال حـرب الجزائر جزء من هذا العنف’’.
وبخصوص كتابة تاريخ حرب التحرير، أوضح محمد مشاطي، أن المؤرخين الجزائريين يركزون كثيرا على المسائل الثانوية، ويهتمون بقضايا جانبية على غرار ما اعتبره “العضو الزائد أو الناقص في المجموعة التي فجرت الثورة”، وأوضح أن مجموعة قسنطينة التي ساهمت في الإعداد للثورة تعرضت للإقصاء والتهميش عقب الاستقلال بسبب مواقفها من كيفية قيام الثورة.
ومن جهته، قال عبد المجيد عزي، إن كتابة المذكرات والشهادات بإمكانها أن تساهم في تقريب التاريخ للجيل الجديد. موضحا أن دور الأطباء والممرضين خلال الثورة، ما يزال بحاجة إلى من ينقب فيه، ويقدم مكانة المستشفيات التي أوجدتها الثورة. وكشف عزي بالمناسبة أن مؤتمر تنظيم عمل الأطباء والممرضين خلال حرب التحرير تأخر إلى ما بعد مؤتمر الصومام. وركز عزي على تقديم مذكراته الصادرة بعنوان “مسيرة كفاح في جيش التحرير”، واعتبر أنه لم يكتب سوى عن الأحداث التي عايشها شخصيا”، وهو ما أكده المجاهد جودي عتومي، مؤلف عدد من الكتب حول العقيد عميروش والولاية الثالثة، بحيث استنتج بدوره أن انتقال المجاهدين إلى التأليف بإمكانه أن يساهم في كتابة تاريخ حرب التحرير بشكل أوفى وأشمل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : الجزائر حميد عبد القادر
المصدر : ندوة “الجزائر بين الذاكرة والخيال” بمهرجان أدب الشباب الخبر الاثنين 17 جوان 2013