الجزائر - A la une


بوح أنثوي صاخب
«عرفت الكاتبة الصّحفية والشّاعر سليمة مليزي دؤوبة الكلمة، سبّاقة المعنى، لمّاحة الإشارة لما يدور حولها. تسجّل اللحظة بإحساس غامر ولهفة عارمة بصدق القلب وسمو الروح إلى ما هو أجمل في حياته...». الشّاعر مندوب العبيدي / عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيينهكذا استفتح الأستاذ الشاعر «مندوب العبيدي» عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين قراءته لديوان الشIاعرة سليمة مليزي: «على حافة القلب»، وكيف لا؟ وهي المرأة، الأم، الشّاعرة والإعلامية التي تحمل بين ضلوعها مباهج الحياة، هموم الوطن والإنسان وقيم المحبة والجمال. وبعد غياب دام ثلاثة وعشرون سنة تعود في 2012 بديوان «رماد الرّوح»، تلاه في سنة 2014 «نبض على وتر الذّاكرة»، وفي سنة 2016 تسجّل حضورها في الصّالون الدولي للكتاب بديوان «على حافة القلب». سطّرت فيه روائعا من قصيدة النثر بنفس جديد، وروح متوقدة وفكر نير، تضع نصب عينيها إثبات ذاتها وكينونتها في مجتمع تحكمه الذكورة، ويتجاهل كل تفوّق وإبداع أنثوي، نحتت الشّاعرة بدفق روحها تفاصيل الحب وعذاباته من حنين، فقد وشغف وهجر إلى عتاب وتعلّق في قصائد منها «أشهد عكس الجنون»، «غفوة الأصيل»، «كأنّ الأمس لم يغب»، «أشتهي رؤياه»، وكيف يعدو الحب بردا وسلاما على العشّاق في نص «مطر الصّيف»، «اعتنقت سرّ وجودك»،»سيمفونية عشق»، «لهواك روحي تطرب»، «يا سيدي»، وأحيانا منطقة محرمة لا قرارا، خاصا نابعا من حريتها كمرأة مستقلّة «إلى أين المفر؟»، «مرّ عام وعام»:وردة الصّباحوعطروأغنيةيتبخّر النّدى على مدى الصّبحوتاه عطر الفصول بين الأنا...وأنا...وأنتصفحة 35تفتخر وتعتز بمنبتها الطيب الأصيل في نص «بني عزيز وصباحها العنود»، وقرية بني عزيز الواقعة في أعالي سطيف، ويبقي هذا المكان الخلاّب بطبيعته العذراء وجماله الأسر الأقرب إليها من حبل الوريد والعشق الخالد، الذي لم تنل منه كبريات المدن والعواصم:بني عزيز والحب إليها يذوبتعانق السّماء بسحرها اللّدودتحضن الجبال بصباها العنودفي جمالها عشق كل شاعروتدافع عن جزائريتها ونبلها، عن حريتها وكرامتها، وتحارب بكل ما أوتيت من قوة خفافيش الجهل والظلام وسطوة الذّكورة التي تسعى لقتل روح الأنثى وتقزيمها، وهذا في قصائد «جزائرية الشّموخ» «أنثى بعمر الضياء»، «ام النّضال»:ستبقى يا فكريشامخا في العلى تبنيمعاقل العلم مدى الدّهروقاري وشموخيهيبتي وحبوريورثتها من أجداديغرستها ثمرة في أولاديص 37والجرح الفلسطيني الغائر يشغل حيّزا معتبرا من الديوان في قصائد «عدنا يا سيدة المقام»، «صلبوا دمي»، «صمت آخر يمرّ على جثث غزّة»، يتماهى هذا النزف بكتلة من الحزن والآسى من الرفض والاعتراض على طوق الصمت والتعتيم الدولي والخذلان والتواطؤ العربي إزاء الحرب على غزة، وأيضا حجم المعاناة والقهر الذي يعايشه الغزّاويون، ورغم هذا صامدون واقفون متمسّكون بالأرض إلى الرمق الأخير:نامت أحلامنالم يعد لنا أفقولا ضياء يمنح لنا نورنعيد به دروبنا العطشىونمسح جرح نساء غزة الثّكاليونلملم حزن أمّتناوأيّ جرح؟ فاق وجع الوطنوأيّ وطن؟ يسبح في دماء طاهرةخجل منها وجه العرب ص 56 / 57تكرّم في قصائدها النّساء الجزائريات المكافحات، وتحتفي بمآثرهن سواء من حملن السلاح أو القلم من أجل النضال واسترجاع الحرية والكرامة، كالمجاهدة جميلة بوحيرد وخالتها المجاهدة جميلة شيبوط والأديبة أسيا جبار في قصائد «قطر النّدى»، «أيقونة الحرف والانتماء»:ودّعتك وكنت أنتظرأن يأتي الرّبيع على شفاه الوطنويترك قبلة جميلة من ذاك القلمومواسم الضياعتبحث عن مرفأ ص 100 وخلاصة القول كما أورد الأديب واسيني الأعرج في تقديمه لديوان «على حافة القلب»: «أنّ أجمل ما في قصائد الشاعرة سليمة مليزي هي روحها المتفائلة دائما، فهي دعوة للحلم في عالم ينطفئ ويختفي بهدوء وسكينة في غياب للجهد الإنساني باتجاه الحب والسلام». وفعلا صدق الدكتور واسيني، فالديوان حالة شعرية شيّدت على القيم الإنسانية والحب، كما أتى محتفيا بدفق الحياة والحب والجمال، إنّه بوح الروح الشفاف والصّادق، الذي اقتنصت فيه الشّاعرة سليمة مليزي جمالية اللّحظة ووهجها إلى الغوص في تفاصيل الألم والمآسي، والرفض لكل أشكال الظّلم والقهر المسلّط على الإنسان والأوطان، فهنيئا للشّعر ولعشّاقه بهذا الديوان الآسر الذي يحبس الأنفاس ويبكي الأرواح ثم يبهجها،ويجعلها تحلق في الآفاق العلياء.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)