الجزائر - A la une

انتهاء علاقة الود بين المجلس الوطني الليبي والمليشيات



بدأ عقد علاقة الود بين الحكومة الليبية والمليشيات المسلحة التي انتشرت في المشهد الأمني الليبي بعد سقوط النظام الليبي السابق تسير بوتيرة متسارعة نحو الانفراط التام على خلفية الهجوم المسلح الذي تعرض له أول أمس مقر الحكومة في العاصمة طرابلس وخلف مصرع عوني أمن.
وكانت هذه الحادثة بمثابة القطرة التي أفاضت كأس العلاقة بين الجانبين وبعد أن تيقنت السلطات الليبية أن هذه المليشيات ستتحول إلى لوبيات ضغط ستنقلب ضدها في أي لحظة وستفرض منطقها على الحكومة وربما الوصول إلى حد ابتزازها للحصول على امتيازات مادية ومهنية على خلفية دورها في الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.
وأكدت حكومة عبد الرحيم الكيب أنها لن تتوانى من الآن فصاعدا في استعمال القوة ضد عناصر هذه المليشيات التي نعتتها ب ''الخارجة عن القانون'' والمسلحة بأقوى الأسلحة.
وهو رهان سيضع هيئات الدولة الليبية لما بعد ثورة 25 فيفري أمام امتحان صعب قد يؤدي إلى زعزعة استقرارها، خاصة وأنها حديثة العهد ولم يسبق لها تسيير أوضاع حرجة بمثل تلك التي أصبح يشكلها ''الثوار'' الذين شكلوا مليشيات مسلحة للمحافظة على تلك الامتيازات.
وجاء إعلان الحكومة الليبية عن تغيير لهجتها إزاء هؤلاء الثوار بعد اضطرارها أول أمس إلى استعمال القوة لطردهم من مقر الحكومة الذي حاصروه وقتلوا اثنين من حراسه من أجل المطالبة برواتبهم الشهرية المتأخرة.
ويكشف هذا الإعلان أن طرابلس لم تعد تحتمل المطالب المتزايدة لجناحها العسكري ضد نظام العقيد القذافي بعد أن استغلوا الأوضاع الأمنية التي أعقبت عملية التحرير شهر أكتوبر الماضي للمطالبة بمزيد من المزايا وفضلت حينها استعمال الأساليب الدبلوماسية لإقناعهم، لكنها بعد حادثة أول أمس وصلت إلى قناعة أن القوة تبقى أفضل سبيل لفرض سلطتها وهيبتها حتى على الثوار أنفسهم.
وقال عبد الرحيم الكيب بعد مقتل مسؤول سام في اللجنة الأمنية العليا إن الحكومة لن ترضخ لأساليب المساومة التي ينتهجها الخارجون عن القانون وأنها لن تتفاوض تحت تهديد الأسلحة في إشارة إلى الترسانة الحربية التي حافظ عليها الثوار ورفضوا إلى حد الآن إرجاعها رغم مطالب سكان المدن التي سيطروا عليها بإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.
وهي نفس اللهجة الصارمة التي خاطب بها فوزي عبد العال وزير الداخلية الليبي عناصر هذه المليشيات، متوعدا بفرض الصرامة اللازمة في تطبيق القانون ''وأن وزارته ستحمي مقار الهيئات الرسمية بكل الوسائل بما فيها استعمال القوة إذا استدعى الأمر ذلك''.
ولم تتأخر قوات الوزارة فجر أمس في مهاجمة عناصر إحدى المليشيات التي حاصر عناصرها مقر شركة النفط الليبية في مدينة بنغازي منذ أيام وحالوا دون وصول موظفيها إلى أماكن عملهم.
ويبدو أن قبضة حديدية ستندلع بين الجانبين على ضوء الأحداث الأخيرة ما لم تمتثل هذه المليشيات لسلطة الهيئات الأمنية والسياسية الرسمية على اعتبار أن تعاون الجانبين يبقى ضروريا من أجل إنقاذ الثورة وتحقيق أهدافها.
وتأزمت العلاقة بين الجانبين رغم قرار المجلس الوطني الانتقالي بإدماج الآلاف منهم في الهيئات الأمنية من شرطة وجيش، لكن ذلك لم يرق لعناصرها الذين أبدوا رغبة ملحة في أن يتم إدماجهم ليس بشكل فردي ولكن ضمن مليشياتهم وبأسلحتهم وهو الشرط الذي رفضته السلطات الليبية الجديدة على اعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى تشكيل لوبيات عرقية أو قبلية داخل أجهزة الأمن والتي قد تنعكس سلبا على وحدة الجيش الوطني الليبي أو أجهزة الأمن الأخرى لمجرد وقوع أزمة مهما كانت بسيطة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)