الجزائر - A la une

"الملاية" .. هل من طريق إلى اليونسكو؟




أشارت حليمة علي خوجة، المهتمة بالشأن الثقافي والتراث القسنطيني، إلى أنّ موروث المنطقة حري به أن يصنّف وطنيا أولا حتى يجد له طريقا ليصنّف دوليا من خلال منظمة اليونسكو، وهذا التصنيف بإمكانه تعزيز عوامل الحفاظ وتثمين كنوز سيرتا العتيقة. وأكّدت علي خوجة في حديث ل"المساء" أنّ كلّ هذه التقاليد مصنفة في المجتمع وتسعى رفقة عدد من المهتمين في الشأن لتصنيفها وطنيا ثم الذهاب بها إلى اليونسكو، وكمواطنة بسيطة لا يمكنها اقتحام عالمية اليونسكو، ولابد من الذهاب مرحلة بمرحلة، بداية بأن تقوم الوصاية بتصنيف هذا الموروث كتراث وطني وتقوم الدولة بمؤسساتها لتكون مصنّفة دوليا. وكشفت المتحدثة أنّ هناك مساع لإبراز الصناعة التقليدية القسنطينية عالميا، وأفضت أنّه لابد على الدولة الجزائرية أن تعطيه القيمة المضافة له، وتوصله لليونسكو، وأبدت تأسفها لعدم تصنيف جزء من هذا التراث وطنيا في وقت سابق، لكنها سرعان ما تداركت بأن الأمل قائم لتجديد المساعي جديا لتثمينه والاهتمام به ويكون مفخرة لكل الجزائريين والقسنطينيين على الخصوص.وأضافت أنّها تصبو إلى هذا الهدف لأسباب عديدة وليس فقط الملاية والقندورة القسنطينية بجمالها وأكسسواراتها وحليها وطريقة لباسها ووصفته بالملكي والراقي، لكن لابد من ترويجه عالميا وكذلك صنعة تقطير الورد التي تختص بها مدينة قسنطينة. ولعلّ من بين الأشياء التراثية التي تمثّل رمزا لمدينة الصخر العتيق، اللباس التاريخي النسوي المسمى "الملاية"، إذ قالت المتحدثة إن الملاية قسنطينية و"الحايك" أيضا قسنطيني وتم سحبه من التراث القسنطيني ونسبوه إلى تلمسان والعاصمة، موضحة أن "الحايك المرمة" لا يصنع في قسنطينة وإنما في تونس، وهناك "حايك المرمة" الذي لونه وردي وهناك الذي لونه يميل إلى الذهبي بخطوط ذهبية أو فضية، وتلبسه العرائس والعازبات ويذهبن به إلى الأعراس، أما النساء الكبيرات في السن فيذهبن بالملاية.والعجار (النقاب) فيه أيضا سر، فهناك القصير والطويل، فالمرأة لما تقصد وليمة أو تذهب في زيارة أو لتقديم التهاني تلبس العجار القصير، أما إذا خرجت إلى السوق - وكانت النسوة قليلات الخروج إلى الأسواق إلا إذا اقتضى الأمر- تخرجن وتلبسن العجار الطويل الذي يغطي وجهها وصدرها، حتى تبقى المرأة القسنطينية محافظة على وقارها وحشمتها وبهائها. أما الملاية، فتقول الأسطورة الشهيرة أن قسنطينة حزنت على وفاة صالح باي، وهذه حقيقة، تقول المتحدثة، ولكنها دخلت مع الفاطميين إلى قسنطينة، وذاع صيتها بسبب بيت شعري معروف "قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد"، استعمله أحد التجار في المدينة المنورة، ليروج قماشا أسودا بقي مكدسا في محله، فراج هذا اللباس الأسود لأنه يعطي للمرأة الأناقة والفخر والشرف ويزيد من قوتها، جمالها ورونقها أيضا.وبذلك دخل الخمار في عهد الدولة الفاطمية، وكسبته القسنطينيات. والملاية كانت تلبس في عدة مناسبات، وقماشها يختلف، فالمرأة لما تقصد عرسا تلبس ملاية لامعة، ولما تذهب لجنازة تلبس ملاية غامقة اللون، ولما تخرج للسوق تلبس ملاية رمادية قاتمة اللون قريبة من اللون الأسود. وأضافت حليمة علي خوجة أن الملاية كان لها وظيفتها الاجتماعية، أما الحايك فهناك المخصص للأعراس، وهناك المخصص للشابات، حيث لم تكن تخرجن بدونه وكانت ترتدي الحايك، وإن كانت هذه المرأة تنحدر من عائلة شديدة الالتزام ومحافظة فإنها ترتدي الملاية، وكان أسلوبا أنيقا في اللباس. وأردفت "يحز في نفسي ومتشوقة لأرى النساء يلبسن الملاية كما في الماضي، وتضعن ذلك العجار، بلمسة أنيقة وهو ما يزيد فيها حلة وجمالا".والملاية لا تلبس بالبشماق (الخف) وإنما بحذاء جلدي أسود خفيف ليكون منسجما مع الملاية السوداء، وتوقفت النسوة عن ارتدائه بسبب الغزو الثقافي الذي فعل مفعوله، ذلك أن القسنطينيات لم تكن تسافرن خارج أسوار المدينة، موضحة أن إشعاع الثقافة ورونقها كان في محيط محدد، ثم مع دخول المحتل الفرنسي الذي بدأ في هدم الثقافة وتدمير اللغة العربية والدين الإسلامي والزوايا والمساجد واللباس وبدله بالمعاطف والفساتين وروج لثقافته الغربية، ومعظم القسنطينيات استغنوا عن الخمار واتجهوا للباس الغربي الذي حمله المحتل. ولما خرج الاحتلال الفرنسي بقيت الطباع راسخة في حياة الجزائريين والقسنطينيين كذلك بسبب تقاطع الثقافات فكان هناك التقليدي والعصري الكولونيالي، ثم مع استفحال العولمة وبروز التكنولوجيات الحديثة، تفتح الناس على حضارات أخرى وأخذوا منها وأصبحت النسوة يلبسن الجلابة المغربية والعباءة الخليجية وغيرهما، لكن السؤال المطروح هل أوصلنا اللباس التقليدي الجزائري، الملاية والحايك أوالقندورة إليهم؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)