الجزائر

المركز الثقافي الإسلامي بقسنطينة.. وضع كارثي يتربص بالعراقة خطر الانهيارات يتهدد الرؤوس


المركز الثقافي الإسلامي بقسنطينة.. وضع كارثي يتربص بالعراقة                                    خطر الانهيارات يتهدد الرؤوس
ندد العديد من عمال المركز الثقافي الإسلامي في مدينة قسنطينة، بالحالة المزرية التي آل إليها هذا الصرح، وضع كارثي يتهدد خلاله خطر الانهيار والسقوط، رؤوس هؤلاء في أية لحظة، الأمر الذي حوله إلى مصدر رعب خاصة بعد حادثة سقوط الأدراج على أحد العمال، وقد برر المتضرر شدة غضبه واستيائه الكبير باعتبار الحاصل عبارة عن مهزلة أخضعت أهم المحطات التراثية العتيقة بالمنطقة لتهميش قاتل، وسط إهمال السلطات الوصية لهذا المجال.
زاد من حدة استياء العاملين الذين أفنوا حياتهم في خدمة المركز الذي يعد المنارة الحاملة لعطر عراقة قسنطينة، صمت سلطات المدينة بالرغم من تقديمهم عديد الشكاوى المتضمنة توصيفا لخطورة الوضع الذي تزيده هشاشة جدران المركز العتيق كارثية وتهديدا، خوفا من وقوع حوادث ستودي بحياة العشرات من الأبرياء إذا لم يتم التحرك في أقرب الآجال، خاصة وأنه يحمل فروعا ويقدم خدمات ونشاطات عديدة نذكر من بينها مكتب جمعية "أطفالنا" التي تقدم شتى المساعدات للأطفال اليتامى في الولاية، الكائن بنفس مبنى المركز، إلى جانب اتخاذه منبرا وملجأ لتقديم أهم المحاضرات والندوات بمختلف توجهاتها العلمية والفكرية، ناهيك عن النشاطات الثقافية المختلفة، كما يحتوي على مكتبة وناد للأطفال وآخر للأنترنت إضافة إلى قاعات لتقديم الدروس التدعيمية. وبالرغم من جملة النشاطات التي تقلصت أدوارها في الفترة الأخيرة بدافع مخاوف الطاقم العامل على سلامة المستفيدين منها، لم تلق الطلبات المتضمنة لانتشال المركز وتخصيص جزء من الميزانية لإعادة الاعتبار لمكانته السابقة عن طريق ترميمه وترقيعه أي أثر رجعي منذ أزيد من عامين.
ويعود أصل المركز الثقافي الإسلامي بقسنطينة، إلى زاوية "علي التلمساني" وقد أحصاه "صالح باي" سنة 1771 ضمن الأوقاف القسنطينية. وبدخول الاستعمار الفرنسي إلى الوطن تحول إلى مركز للدراسات العسكرية، ليستأجر فيما بعد لمجموعة من الراهبات اللواتي يعملن بالكنيسة بالولاية عن طريق 3 عقود ليتحول بعدها إلى معهد للموسيقى لمدة من الزمن ثم يغلق لقترة وجيزة، وبالنظر لكون الإدارة فرنسية آنذاك تحول المركز إلى معبد يهودي، ليطالب سكان حي "الروتيير" حاليا سنة 1968 باسترداد الوقف بحكم امتلاكهم وثائق تثبت الهوية الفعلية للمركز، الشيء الذي جعل المحكمة تصدر قرارا بإخلاء المكان وإرجاعه لأصحابه الأصليين وقد أغلق المركز منذ ذلك العام إلى غاية 1986، أين حول إلى إقامة جامعية تضم أزيد من 50 طالبا من معهد المنصورة بنفس الولاية. وبالنظر لقدمه حيث يعود بأصوله إلى حقب بعيدة، طالب عماله الأصليون سلطات ولاية قسنطينة بضرورة إنقاذ مركزها العريق من خطر الزوال الذي يتهدده حتى لا يصبح نسيا منسيا.
ميزانية ترميم طال انتظارها وابتعد تحقيقها
بعد الزيارة التي قادتها إلى المركز الاسلامي في قسنطينة، واستقصائها عن وضعه الكارثي، رفعت "السلام" تخوف عماله من خطر الانهيار، وسلامة الزوار والمترددين عليه، إلى مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بالمدينة، وقدمت جملة الانشغالات الموصية بضرورة إعادة استقصاء السلطات عن وضع المركز في أقرب الآجال، وقد تلقينا خبر تنقل مديرها لزيارة بيت الله الشيء الذي دفعنا إلى إجراء حديث مطول مع أحد المسؤولين التقنيين بالمديرية، والذي أكد بأنهم قاموا بإحصاء المركز ضمن مجموعة العمليات الإصلاحية المقرر إجراؤها على مجموعة من المساجد والمقرات الهامة بالولاية، ستحظى باستلام مركز ثقافي بالمدينة الجديدة خلال العام المقبل، إلا أنهم بصدد انتظار تسليم الوزارة الوصية لمبلغ مالي بعد تحديد مديرية الشؤون الدينية بالولاية، لميزانية عملية إعادة الاعتبار للمركز الإسلامي العتيق.
شموخ عصور مضت يشهد واقعا مترديا
من خلال المقابلات التي أجرتها "السلام" مع عاملي المركز الثقافي الإسلامي في قسنطينة، ارتأى العمال إيصال رسالتهم المتضمنة إلقاء نظرة فعلية على مقر عملهم المهدد بالانهيار إلا أن البعض الآخر استغل الفرصة لإيصال رسالة أخرى تضمن فحواها ضرورة الاستفاقة على ما تحمله مدينتهم العريقة من تراثيات ومكتسبات مادية قبل استرجاع محلياتهم وطبوعهم الفكرية وذلك بالنظر إلى تراجع القوة السياحية للمدينة منذ سنوات طويلة بررت بالعشرية السوداء آنذاك، إلا أن الوضع استمر ليحول المدينة من منارة للعلم يقصدها الزوار والوافدون بهدف الاستفادة من علمها وتراثها العريق إلى منارة للجهل دفعت بسكانها قبل وافديها لإتباع أساليب متنوعة للجري وراء الماديات، حيث أصبح مجرد التفكير بقسنطينة يرتبط بموضوع الحصول على سكن وعمل.
وطالب العديد من عمال المركز بالزيادة في أجورهم ومنحهم رواتبهم المستحقة، حيث اعتبروا أن ما يتقاضونه غير كفيل بتوفير متطلبات الحياة اليومية، خاصة وأن معظمهم متزوجون وأصحاب مسؤوليات عائلية، وعليه سجلت "السلام" صيحات عمال المركز الداعية للسلطات المحلية والولائية إلى إلقاء نظرة جدية على واقع الوظيف العمومي الذي يتطلب معالجة واقع الشرخ الحاصل بين المنحة الشهرية والقدرة الشرائية للمواطن الذي يبقى ضحية ظروف المجتمع الجامحة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)