الجزائر - A la une

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يؤدي اليمين الدستورية




الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يؤدي اليمين الدستورية
أدى المشير عبد الفتاح السيسي، أمس، بمقر المحكمة الدستورية العليا اليمين الدستورية ليصبح الرئيس السابع لجمهورية مصر، منذ الإطاحة بالنظام الملكي شهر جويلية 1952، ضمن ما عرف بثورة الضباط الأحرار التي كرست حكم الجيش على مقاليد السلطة في هذا البلد. ولم يكن أي من المتتبعين الى غاية عزل الرئيس محمد مرسي، قبل عام يعتقد أن عسكريا في الظل سيصبح رئيسا للبلاد بالنظر الى الوجوه السياسية والعسكرية التي شغلت المشهد السياسي المصري بعد الإطاحة بنظام الرئيس محمد حسني مبارك، بحكم حضورهم الإعلامي وأيضا بالنظر الى مناصبهم ورتبهم العسكرية التي كانت ترشحهم لأن يكونوا حكاما لمصر ما بعد مبارك.وصعد نجم المشير السيسي في البورصة السياسية المصرية بعد تنحية المشير محمد حسين الطنطاوي، قائد القوات المسلحة المصرية من طرف الرئيس المعزول محمد مرسي، بعد ان رأى في الجنرال السيسي العسكري الذي بإمكانه أن يشكل نقطة انتقال سلس في قيادة الجيش من حكم العسكريين الذي كرسه نظام الضباط الأحرار، الى نظام الحكم الديمقراطي الذي كرسته ثورة الشباب المصري ضد الرئيس مبارك.وأصبح المشير السيسي، في منصبه الجديد كقائد للجيش المصري بمثابة رجل ثقة الرئيس الإخواني، قبل أن تنقلب مفاهيم معادلة الحكم في القاهرة رأسا على عقب في أحداث ما أطلق عليه الإعلام الرسمي بثورة 25 جوان 2013، التي كرست القطيعة بين الرجلين وسرعت برحيل الرئيس مرسي.وكان خروج الشارع المصري وعمليات الشحن الإعلامي ضد حكم الإخوان، وأخطاء إدارة الشأن العام التي وقع فيها هؤلاء بمثابة الثالوث الذي غير ميزان القوة لصالح السيسي، الذي أصبح الرجل القوي في البلاد بعد أن هتف مئات الآلاف باسمه، وهو ما أعطى شرعية عملية عزل الرئيس مرسي بمبرر أن شرعية الرئيس المنتخب لا يجب أن تقف في وجه إرادة الشعب.ووجد الرئيس المصري الجديد هذه الذريعة أفضل طريق يسلكها من اجل تولي مقاليد السلطة الفعلية في مصر، بعد أن شكل حكومة انتقالية كان من بين أولوياتها صياغة دستور جديد، وتنظيم الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها المشير السيسي وفاز بها بنسبة فاقت 96 بالمئة من الأصوات المعبّر عنها أمام منافسه اليساري حمدين صباحي، الذي لم يستطع الحصول سوى على 3 بالمئة من الأصوات.وبأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية أمس، تكون مصر قد دخلت تجربة سياسية جديدة انقسم بشأنها الشارع المصري بين مؤيد ومعارض. فبينما يصر الإخوان وشباب الثورة على رفض ما أسموه بمنطق العسكر واتهامهم بالاستحواذ على مكاسب ثورة جانفي 2011، راح مؤيدو الرئيس المصري الجديد يؤكدون أن هذا الأخير خلصهم من نهم حركة إسلامية هدفها الخفي تقويض التجربة الديمقراطية في مهدها من خلال بسط هيمنة "إخوانية" على دواليب السلطة في مصر.ومهما كانت مبررات هذا الجناح أو ذاك فإن مصر وضعت على سكة تجربة جديدة سيكون الرئيس عبد الفتاح السيسي، ربان سفينتها في بحر مصري متلاطمة أمواجه بعد أن هبت رياح مشاكل البلد ودخل حلّها مرحلة الاستعصاء.وهو الوضع الصعب الذي سيجعل الرئيس المصري الجديد أمام امتحان عسير، ويتعين عليه أن يجد مفاتيح تفكيك ألغازه في مجتمع لم يعد يقدر على الانتظار أو حتى الوقوع تحت تأثير وعود لا تتحقق في كثير من الأحيان.فقد استلم السيسي البلاد وهي تواجه أصعب أزمة مالية زادها تعقيدا الوضع الاقتصادي العام الذي دخل مرحلة ركود ضمن تبعات ثورة ميدان التحرير، ولم يتمكن من تحقيق إقلاع جديد.وكان من تبعات ذلك انهيار الصناعة السياحية المصرية أكبر مصدر للعملة الصعبة في هذا البلد في وقت لم تعد الوجهة المصرية تستقطب سيول السياح الأجانب المولعين بخلجان الغطس في الغردقة، أو الآثار الفرعونية في الأقصر والجيزة، ورحلات التنزه على طول نهر النيل.كما أن طارئ الهاجس الأمني وبروز تنظيمات إرهابية سيكون بمثابة أكبر تحد يتعين على الرئيس الجديد مواجهته، والأكثر من ذلك القضاء عليه على اعتبار أن استفحال هذه الظاهرة لن يزيد الأزمة المصرية إلا تعقيدا بالنظر الى الأموال التي يتعين تخصيصها لمواجهتها وأيضا لآثارها السلبية على الاستثمارات الأجنبية في مصر، وهي كلها ستشكل أعباء إضافية ستثقل كاهل ميزانية عامة بلغت الخط الحمراء.فهل يملك الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسائل مواجهة هذه الأزمات وسط تزايد مطالب ثمانين مليون مصري تعيش غالبيتهم العظمى في مستويات معيشية صعبة؟.ويدرك الرئيس الجديد صعوبة مهمته ويكون ذلك هو الذي جعله يرفض طيلة حملته الانتخابية تقديم وعود ستتحول الى "مقصلة" ضده في حال فشل في الإيفاء بها.ومهما يكن فإن المائة يوم الأولى من عهدته ستكون بمثابة "بارومتر" حقيقي لتقييم مدى نجاحه في تضميد جراح مصر، التي أثخنت منذ أن هبّت عليها رياح "الربيع العربي".




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)