الجزائر

"الحراقة" تناولها الإعلام العمومي والخاص بطريقتين مختلفتين



أوضح الإعلامي عبد الرحمان خلاص، أن الإعلام في الجزائر تناول ظاهرة "الحرقة" بطريقتين مختلفتين، دون المساس بجوهرها الحقيقي، لإيجاد حلول فعالة لها، استنادا إلى الخط الافتتاحي لكل قطاع. مشيرا إلى أن القطاع العمومي يسير وفق خط إعلامي محدد، على عكس القطاع الخاص، لاسيما بعض القنوات حديثة النشأة التي تحاول هي الأخرى تناول القضية بوجه من الإثارة، لاستمالة الجمهور بطريقة عادة ما تكون سلبية، تبعث في بعض الأحيان إلى خلق الفتنة دون تهدئة الأوضاع.أشار المتحدث إلى أن "الحرقة" ظاهرة مشينة في المجتمع، تتواجد في الجزائر منذ سنوات عديدة، لكن لا تخصها لوحدها، إذ أنها توجد في العديد من الدول الأخرى، إلا أن حدتها في الجزائر اشتدت خلال السنوات القليلة الأخيرة، لتبرز بشكل غير مسبوق خلال السنتين الأخيرتين، وهي تعكس وضعا معينا داخل المجتمع، لكن تفاصيل تلك الأوضاع أسبابها وخلفياتها، عادة ما يهمشها الإعلام العمومي، حيث ينظر إلى هذه الظاهرة من منظور آخر وهو أنها واقع خطير، تم إدراج "الحرقة" في درجة الجريمة، ووصل البعض إلى تحريمها عبر فتاوى تؤكد أنها تندرج وفق "إلقاء بالنفس إلى التهلكة"، فهذه الظاهرة تجلب الخطورة، لا يجدي نفعا فيها المجازفة والمغامرة الكبيرة التي يقوم بها الإنسان، خاصة الشباب، دون أية ضمانات على حياته، لكن الإعلام العمومي بشكل عام يغض النظر على الخلفيات والدوافع التي أدت بهؤلاء الشباب إلى القيام بها، رغم المجازفات الكبيرة التي قد يكون القائم بها على علم واسع بكل تلك الخطورة.
من جهة أخرى، قال المتحدث بأن الإعلام العمومي دائما ما يستند إلى الخطاب السياسي، ويعتمد على تصريحات المسؤولين، وكان آخر تصريح للوزير الأول الذي وصف الظاهرة على أنها ذات خلفيات "نزوية" وبررها بأنها ملتصقة بأصحابها، وما يبحثون وراء هجرتهم هو الهروب من مسؤولية الحياة الجدية للبحث عن حياة بلا قيود وحرية مطلقة، مما يتنافى حسب المسؤول والقيم الجزائرية، لكن في حقيقة الأمر قد تكون دوافعها حالات اجتماعية أكثر مرارة من ذلك، يضيف الإعلامي.
لم ينكر المتحدث أن ظاهرة الحرقة ظاهرة خطيرة، دوافعها هي تراكمات اجتماعية خطيرة كان من المفروض التحليل فيها وليس التحليل في الحرقة كفعل إجرامي يعاقب عليه القانون، لإيجاد حلول مستعجلة من أجل الحد منها أو على الأقل التخفيف منها، وليس فقط بإلقاء اللوم على الشاب الذي يلجأ إليها، لأنه حتى وإن كانت هناك حالات مرتبطة بنزوات شباب طائش، إلا أن هناك في حقيقة الأمر، حالات راجعة إلى اختناق الأوضاع المجتمعية وتراكمات الأوضاع مزرية، وهناك بحوث علمية ورسائل جامعية جادة تحدثت بشكل دقيق عن الشرخ الاجتماعي الموجود في الجزائر، شخصت أسبابه ووقفت عن المرض الحقيقي بشكل علمي وأكاديمي دقيق، تطلب من الباحثين سنوات من البحث، وعليه لابد من الرجوع إلى تلك البحوث الأكاديمية بكل ما تحمله من خبرات للوصول إلى حلول لمثل هذه الأزمات.
حسب عبد الرحمان خلاص، فإن الإعلام العمومي لا يزال يتناول موضوع "الحرقة" من جانب أحادي فقط.
على صعيد آخر، تحدث عبد الرحمان خلاص عن الصحافة الخاصة قائلا: "هذا الموضوع لم يتم تناوله بالشكل اللازم، لاسيما ما يتعلق بالقنوات التلفزيونية الخاصة الجديدة التي ظهرت في السنوات القليلة الأخيرة، والتي ما زال يكتنفها الغموض من ناحية القانون، ومن ناحية خضوعها لقانون الإعلام الجزائري، بالتالي تنظر إلى الظاهرة من زاوية أخرى لا ينظر إليها الإعلام العمومي. فنظرتها تكون بشكل مختلف لكن بشكل "متهور" تركز على بعض الخلفيات وتظهر الوضع المزري لوضعية عائلات الحراقة"، تبحث في الجذور والخلفيات، كأنها تعطي الحق المطلق للمغامر بنفسه، ولا تشير إلى الأوضاع التي يمكن أن تجلب المذلة للمواطن في الضفة الأخرى من القارة المجاورة، ولا تعبر على أن واقع اختراق الحدود لدولة أجنبية يعتبر جريمة، وهذا ما يضل بالقارئ أو متتبع البرنامج، فغياب الموضوعية في هذا النوع من المقالات، أو البرامج الوثائقية خاطئ، وما هو إلا تضليل للرأي العام ومحاولة لاستمالة القارئ والمتتبع على حساب مبادئ إنسانية وضمائر مهنية.
أضاف قائلا: "إن تناول موضوع حساس مثل موضوع "الحراقة" لابد أن يتم من كل الزوايا، بهدف علاج الظاهرة وليس فقط لخلق موضوع حديث الساعة، فالمطلوب ليس تحويل الرأي العام خلال تحرير مقال أو القيام بتحقيق أو تسويق صور وفيديوهات، وإنما الأهم هو الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن وتجاه أبناء الوطن بالتحلي بأخلاقيات المهنة والتزام الحياد والموضوعية.
❊نور الهدى بوطيبة
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)