الجزائر

الحائط الأوطأ!




بقلم: خيري منصور
لو كرس باحث سياسي ساعات قليلة من وقته في رصد تناقضات الرئيس الأمريكي ترامب لقدم نموذجا غير مسبوق لخطاب اقل ما يمكن أن يقال عنه انه شبيه بالجبنة السويسرية المليئة بالثقوب وإذا كانت السياسة بمعناها البرغماتي قد أتاحت للكثير من الرؤساء أن يغيروا من مواقفهم تبعا للمصالح والمتغيرات فقد كان لذلك التغيير حدوده ومنطقه وسياقاته ايضا لكن ترامب الذي لا يتردد في شيطنة أي زعيم او نظام سرعان ما ينقلب مئة وثمانين درجة ومثال ذلك تلك الأوصاف الهجائية القاسية التي الصقها بالزعيم الكوري الشمالي فهو طاغية وديكتاتور ثم يصبح زعيما شريفا يستحق ان يؤدي له ترامب التحية العسكرية بالبدلة المدنية ويعلن عن سعادته بلقائه ويتحول من عدو الى صديق وتكرر الأمر مع ايران فهو منذ انسحابه من الاتفاق النووي صور إيران نموذجا للشر في عصرنا وقال أن نظامها يجب إن يغير لتكون الحياة أفضل ليس في ايران فقط بل في العالم كله وبعد ذلك يغرد الرئيس ويردد الصدى وزير دفاعه ان امريكا لا تسعى الى تغيير النظام في طهران بل إلى إجراء تعديلات عليه.
وكما حدث مع الزعيم الكوري الشمالي أعلن ترامب انه لا يمانع في لقاء الرئيس الإيراني تبعا لما يسمح به وقت الرئيس الإيراني وليس وقته وفوجىء بالرد الإيراني المشحون بالتوتر والوعيد!
وحدث ذلك أيضا مع تركيا التي هددها ترامب بعقوبات شديدة ثم تراجع عن هذا التهديد وكان رد اردوغان أن بلاده عضو مهم في حلف الناتو وان واشنطن بحاجة إليه أكثر مما هو بحاجة إليها!
الوحيدون الذين لم يتراجع ترامب قيد أنملة عن تهديدهم وابتزازهم حتى آخر قطرة هم العرب لهذا أسال استسلامهم لعابه على المزيد فهل هم الحائط الواطىء في هذا الكوكب!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)