الجزائر - Revue de Presse

الجمعية الوطنية للتبادل بين الشباب ‏تكوين أول دفعة لمرافقي حاملي المشاريع المصغرة




إن أهم عائق يقف أمام الشباب الراغبين في إنجاز مشاريع خاصة، هو الجهل بالإجراءات وحتى بالامتيازات المقدمة من طرف أجهزة التشغيل التي خصصتها الدولة لهذه الشريحة، فكم من شاب يثنيه ذلك عن خوض المغامرة، وكم من آخرين يتوقفون في منتصف الطريق، أو يفشلون أمام أولى العقبات. وبينت التجربة في هذا المجال، أن أهم مطلب لهؤلاء، هو توفير فضاء للمرافقة، وهو ماسعت إليه الجمعية الوطنية للتبادل بين الشباب، من خلال برنامجها ''باب الأمل''، وذلك عبر تكوين أول دفعة من المرافقين الشباب.
اِلتقينا هؤلاء الشباب ومكونيهم والمشرفين عليهم في إحدى قاعات تعاضدية عمال البناء بزرالدة، حيث جرى التكوين لمدة عشرة أيام، عندما وصلنا، وجدناهم منشغلين ضمن مجموعات في إيجاد الحلول لإحدى التمارين المقدمة لهم. وبرفقة السيد عز الدين شيباني مدير برنامج ''باب الأمل''، اطلعنا على مضامين وسير هذه الدورة التكوينية المنظمة، بالتنسيق بين الجمعية ومؤسسة فرنسا.
يقول دليلنا في هذه الزيارة: ''حاولنا عبر هذه الدورة التكوينية، ليس فقط تلقين المتربصين العشرة معنى مرافقة الشباب الحاصلين على قروض مصغرة، ولكن كذلك خلق روابط بين المجموعة، ولهذا، فإننا في بداية التكوين، طلبنا من كل واحد أن يتحدث عن نفسه، وهكذا، حضّر كل متربص صفحة ضمنها لمحة عن حياته وعن تطلعاته أو مايسمى بـ''البروفايل''، باستخدام كلمات وصور''.
وينتمي المشاركون العشرة لـ 5 ولايات هي: الجزائر، بومرداس، بجاية، أدرار وعنابة، كانوا تحت إشراف ثلاثة مكونين، من بينهم السيدان ''توماس خطال'' و''حسين بوكابوس''، وهما من أشهر الخبراء في مجال المرافقة.
ويوضح محدثنا أن المشاركين في الدورة هم في حقيقة الأمر موظفون دائمون، يقدم لهم راتب من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل ومن طرف الجمعية بالمناصفة، قيمته الإجمالية 30 ألف دج، مشيرا إلى أنه راتب جد معقول بالنسبة لشباب مبتدئين، أغلبهم متخرجون جدد من مجال التسيير والمالية. 
يقول عز الدين: ''عملنا يتمثل في الاهتمام بسلوك الفرد، لقد اخترنا أغلب المشاركين حسب تخصصهم الجامعي، أي تسيير وتسيير مالي، الشاب يحتاج إلى تكوين جامعي، لكن نحن نعطيه أدوات خاصة تتعلق بعمل المرافق، وأهمها؛ كيف يتعرف على الشاب صاحب المشروع وينظم أفكاره ويخرجها إلى النور، ثم يساعده على وضع خطة عمل واضحة ومنهجية''.
من أجل ذلك، فإنه قبل الدورة التكوينية، طلب من الشباب المشاركين، القيام بتمرين ميداني تمثل في معرفة أهم الخطوات والإجراءات التي يمر بها الشاب الراغب في الحصول على قرض مصغر لإنجاز مشروع، وهكذا، فإن هؤلاء وضعوا أنفسهم مكان ذلك الشاب، وتعرفوا خصوصا على العراقيل التي يمكن أن تواجه الشاب خلال كل المراحل التي تمر بها العملية. والهدف من هذا التمرين، كما يضيف محدثنا، هو إدراك المرافق لكل تفاصيل هذه الإجراءات، ليتفهم الشاب أكثر، ويعرف كيفية نصحه وتوجيهه. فهو من خلال زيارته لكل الهيئات المعنية مثل؛ أجهزة التشغيل، إدارات الضرائب وغرف الحرف...الخ ''تعرف على نقاط القوة والضعف في هذا المسار، وخرج من الفكرة إلى واقع المقاول، فرأى بأم عينيه المسار، وفي المستقبل، لما يؤدي دوره كمرافق في إحدى نقاط الاستقبال، فإنه سينطلق من معرفة ميدانية للواقع؛ إذا، يمكنه أن يوجه الشاب، وكونه شابا، فإن لغة الحوار ستكون سهلة مع صاحب المشروع''.
وبالنسبة لمضامين الدورة التكوينية، فإن الجمعية بالتعاون مع خبراء فرنسيين، اختارت أن تبتعد عن الأسلوب الكلاسيكي في التعليم الذي عهدناه في مدارسنا وجامعاتنا، وهو يقترب أكثر كما لاحظناه في عين المكان إلى''الاختبارات النفسية'' التي تمكن المتربص من معرفة قدراته واكتشاف نقاط قوته وضعفه. وهذه الطريقة معروفة باسم ''طريقة إدارة سيفي''، وهو برنامج تكويني بخبرة ألمانية، يعتمد على قاعة خالية من الطاولات -إلا استثناء- ومجهزة فقط بالكراسي.
ومن هذا المنظور، فإن البرنامج -كما يوضح السيد شيباني- تمت صياغته على شكل ''كلمات بسيطة؛ هي المفاتيح'' التي تشير إلى أهم المواضيع المطروحة في الدورة التكوينية المتعلقة بالمشروع، مخطط العمل، تقييم المرافق ودوره. يقول: ''لقد نظمنا عملنا في إطار مجموعات، وفي الجلسة التدريبية، نتعرف على الموضوع ونستوعبه، لكن مع الوقت، تظهر احتياجات جديدة، فنضيفها... بهذه الطريقة، يشارك المتكون في البرنامج، نحن شبهنا ذلك بكون كل مشارك أحضر معه حقيبة فيها أدوات عمل، والسؤال المطروح؛ هل سيستعملها أم لا؟ وهل سيضيف إليها أشياء أم لا؟ مايمكنني قوله بعد مرور فترة من التكوين، هو أن الشباب اعترفوا بأن حقيبتهم أصبحت أثقل، وهذا مايعني أن الأدوات التي كانوا يملكونها، لم تكن كافية لأداء عملهم كما ينبغي، وأنهم أدركوا أنه عليهم القيام بالمزيد من الجهد''.
وخروجا من الطريقة الكلاسيكية، تم وضع نظام تقييمي يومي للمشاركين، يقيمون من خلاله ذاتهم ومكونيهم، وحتى المحيط الذي يعملون فيه، كما يتم نشر إنتاجهم اليومي. وما لوحظ من خلال هذا التقييم، كما يوضح محدثنا، هو ''أنه مع الوقت، بدأ يحدث انسجام بين المجموعة، بعد التذبذب الملاحظ في الأيام الأولى.... وبفضل طريقة لعبة الأدوار التي استخدمناها، خلق كل واحد شخصيته وعرف حدوده، وهكذا تغلب الاندماج وتغلب الإطار العام على الإطار الشخصي. كما تطور التركيز في العمل، وأدرك المشاركون أنهم فريق واحد، فشكلوا صفحتهم على الفيسبوك، باعتبارهم أول دفعة ستخلق ممارسة عملية لتجسيد مشروع باب الأمل''.
وتعطي الجمعية الوطنية للتبادل بين الشباب أهمية بالغة لهذه الدفعة، كونها الأولى، وهي بالتالي ستساهم في إنجاح الدورات المقبلة التي تعد نتاج عملية شراكة بين الحكومة والمجتمع المدني، في إطار سياسة التشغيل وإقامة المشاريع المصغرة للشباب.
البحث عن التكامل، من الأهداف التي تطمح إليها الجمعية عبر هذا المشروع، حيث يعبر عز الدين عن اقتناعه بأهمية وضع أجهزة مرافقة ميدانية تتابع الشاب المقاول من بداية الفكرة إلى إنجاز المشروع، وذلك بتبسيط الأشياء له، فالمرافق في حقيقة الأمر له دور مسهل.. وتعد الدورة جزء من تكوين يدوم تسعة أشهر، يختتم بمنح شهادة للمشاركين، تمكنهم من العمل كمرافقين، وفتح فضاء لاستقبال الشباب على مستوى دور الشباب. وتبحث الجمعية، حاليا، عن شريك لمنح شهادات معترف بها، إما على مستوى مدرسة تكوين خاصة أو جامعة التكوين المتواصل.
المرافقة بالنسبة للشاب الحامل لمشروع، لاتعني فقط إخراج فكرة ووضع مخطط عمل، ولكن كذلك، تسيير وقت الفراغ بين وضع الملف واعتماده من طرف البنك، والذي يمكن استغلاله بمساعدة المرافق في تحديد الممونين والزبائن، حتى لايبدأ الشاب من الصفر حين منحه القرض، وهو مايحدث للأغلبية، كما يشير محدثنا الذي يثير الانتباه إلى مسألة هامة أخرى، وهي غياب فكرة ''شبكات للمؤسسات العاملة في نفس المجال''، حيث مازالت الأخيرة تعمل ببلادنا بمبدأ ''المنافسة''، بدل التكامل الذي يمكنها من الحصول على امتيازات، لاسيما في أسعار المواد الأولية، وفي إيجاد الأسواق.
ولمعرفة رأي المشاركين في الدورة، تحدثنا مع ''زهيرة'' من الجزائر العاصمة، وهي عضو في الجمعية، قررت أن تشارك في الدورة، بعد ما أظهرت لها تجربتها في الجمعية أن هناك صعوبات تعترضها في مرافقة الشباب، تقول؛ ''واجهتني صعوبات في المشروع الذي أنجزته الجمعية مع السفارة البريطانية، والذي شاركت فيه، فلم تكن لي الخبرة اللازمة، لاسيما وأنني خريجة معهد العلوم السياسية، وليس لدي معطيات كافية عن التسيير والمناجمت... هذه فرصة لأحسّن معرفتي في مجال المرافقة، لذا، قمت بتسجيل كل النقائص التي أعاني منها وأحاول أن أستفيد بقدر الإمكان، لقد اقتحمت ميدانا جديدا وهو التسيير والمحاسبة، تعمقنا في مجال تجهيزات التشغيل... في بداية التكوين، كنت متخوفة، لكن مع قدرات المكونين، أحسست بتحسن كبير وسريع... في هذه الأيام، تعلمنا كيفية وضع خطة عمل، وفي الأخير، أعتقد أنه سيكون لدي الزاد الكافي لأكون مرافقة جيدة''.
وينتظر هؤلاء المتربصين في مجال المرافقة، امتحان كبير اسمه ''العمل الميداني'' الذي يتطلب إلى جانب المعارف النظرية لكل الإجراءات الخاصة بالتشغيل، فهم وإدراك شخصية الشاب الجزائري، وكيفية التعامل معه وإقناعه بأهمية تنظيم عمله وأفكاره، والصبر لإنجاز مشروعه، وهي مهمة صعبة لكن غير مستحيلة.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)