الجزائر

الإعلام قتل محمد بوليفة وحوله إلى مجرد فنان مناسبات


الإعلام قتل محمد بوليفة وحوله إلى مجرد فنان مناسبات
شكلت أعمال ومسار الموسيقار الجزائري محمد بوليفة محور مداخلات كتاب ومختصين شاركوا في "تأبينية" أقامها المسرح الوطني "محي الدين باشطرزي" للراحل مساء أول أمس في إطار فضائه الأسبوعي "صدى الأقلام". وقال الروائي أمين الزاوي إن بوليفة ظُلم في مساره الفني خصوصا من قبل الإعلام غير المثقف كما سماه الذي أخطأ كثيرا في حقه والذي جعله فنان مناسبات، في حين أنه أكبر من أن يكون كذلك، مضيفا أن "الراحل بوليفة ارتبط اسمه مع المناسبات وكأنه صنع لها وهو أكبر منها وكان هو من يصنع المناسبة وليست هي التي تصنعه.. الإعلام غير المثقف يحيل المثقفين إلى المناسبة لأن ربط المثقفين بالمناسبة هو قتل للمثقف في حد ذاته". حمل المتحدث الإعلام مسؤولية هذا الخلط الذي يعرفه المشهد الثقافي عموما، لدرجة انتصرت خلاله الأغنية الهابطة على الملتزمة، وهو ما حصل مع صاحب رائعة "صفي لي دمي" الذي أحيل إلى الهامش والمناسباتية، وبالمقابل ارتقت أغنية "الراي". ويقول الزاوي إن بوليفة كان حلقة أساسية ومفصلية في تاريخ الموسيقى الراقية، فقد عرف عنه ثقافته الواسعة ومعرفته بالأدب العربي والعالمي ومختلف الفنون لدرجة أصبح منزله ملتقى الشعراء والأدباء الكبار الذين تربطهم به علاقة عمل وثقافة، موضحا أن "بوليفة كان الموسيقي والفنان الذي استطاع أن يصنع اتصالا مع الشعراء والأدباء وكان أحد (الجمَّاعين) للثقافة ككل، خصوصا أنه مثقف عارف للمشهد الثقافي ككل، ويعد معجما للأدب والفنون بمختلف أنواعها، والسفير الحقيقي للمثقف الجزائري". ووصف الزاوي الفنان الراحل ب«الخجول"، بل عدَّه الفنان الأكثر حياء، مشبها إياه بالفنان الراحل عبد القادر علولة في هذه الصفة، داعيا إلى إطلاق صراح أعماله التي بقيت حبيسة جدران الإذاعة والتلفزيون.
في السياق ذاته، تحدث الصديق المقرب للراحل الشاعر سليمان جوادي عن بوليفة بكل حرقة وألم لفراق الرجل الذي عرف عنه الفلسفة والثقافة الدينية التي كانت تميزه، ومعرفته الواسعة في المجال الديني؛ ما جعله يؤمن بالموت ويراه أمرا عاديا. وأكد المتحدث بنبرة شديدة التأثر، أن بوليفة كان يحسن اختيار الأصوات والفنانين الذين يتعامل معهم لأنه فنان يحب الالتزام، وعارف بالفن الحقيقي الأصيل، ومحتك بالمشهد الثقافي العام، مضيفا "كان بيته بيت كل الأدباء والأكاديميين والمثقفين، وكان ذكيا جدا ويمتلك ثقافة واسعة وهو في حد ذاته قاموس ثقافي وفكري كبير". وأكد جوادي أن الراحل يعد من الفنانين القلائل الذين يتركون فجوات كبيرة في المشهد الثقافي ويبقي مكانه شاغرا لأنه متفرد، داعيا إلى ضرورة تحرير أعماله سواء الأشعار أو الأغاني التي لحنها الموجودة في الإذاعة والتلفزيون.
من ناحية أخرى، أكد الملحن والباحث قويدر بوزيان أن بوليفة من الموسيقيين الكبار الذين لا يشق لهم غبار لدرجة عُرف عنه أنه كان ذكيا جدا في المجال الفني ويستطيع أن ينوب عن أي أحد غاب في الفرقة أثناء العزف ويستطيع التأقلم مع الظروف والأوضاع المحرجة نظرا لسرعة بديهته ومعرفته الكبيرة بالفن، مضيفا "كان بوليفة متعدد المواهب وفنانا كاملا لدرجة أنه كان يتعامل مع الأغنية التراثية برزانة وعن معرفة ويسهل عليه التنقل إلى الشعر الفصيح، واستطاع أن يؤديه بكل نجاح وبراعة وكل ذلك يدل على الزخم الفني للراحل وارتقائه الثقافي"، وفق تعبيره.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)