الجزائر - A la une


إيقاء المساء ..
إرتياد المقاهي من أرسخ عاداتي... فالجلوس في المقهى صحبة الأصدقاء بعد غياب طويل عن مدينتنا الصغيرة وسط ضجيج رواد المقهى والتلفزيون المعلق على الحائط وصوت النادل متعةٌ كبيرة !.متعة وعادة لم تستطع الشلة أن تتخلص منها ، فبعد كل غياب يتكرر اللقاء... نشرب الشاي والعصير البارد ونفضفض حول الأدب والتعليم والشرق الأوسط .. ودائما يكون علاء هو بطل الجلسة ومُنشطها ، ونتشوقُ نجن الأربعة دائما للقياه والاستماع الى حديثه المسلي والممتع!.أول ما يتحدث فعني يسألني إذ كنت لا أزال أقرأ الكتب وأهتم بالأدب والروايات فلما أهز ّ رأسي بالإيجاب يسألني بجدية إذ كنت أستطيع أن أكون مثل نجيب محفوظ في مستقبل الأيام ؟ فأصفه بالجنون ! من ذا الذي بإمكانه أن يحقق ما حققه نجيب محفوظ ؟... أنا أنشر بعض النصوص والقصص ، لكني سأكون مغروراً ومتفائلا كثيرا اذ أنا حققت ثُمن ما حقق وطار أو مرزاق بقطاش!.ثم يُلقي علينا مقطعا حفظه على ظهر القلب من احد روايات محفوظ قرأها منذ أكثر من خمسة عشر عاما ... جذبني مقهى النجف وأنا في سن يُستهجن فيها ارتياد المقاهي.... بطريقة جميلة!.ويُعيد علي السؤال : - هل يمكن أن تصير أديبا ً مثل نجيب ! ويقرأ أناس مجهولون لا تعرفهم أدبك ، وربما يستمتعون بذلك!فأجيب أنا بتواضع مستحي : - أتمنى ذلك... فأنا أقرأ... وأقرأ.... أما أن يُعجب الناس نصوصي فلا أعرف....أتمنى أن تفعل ذلك... أن تنجح في ذلك فهو شرف عظيم لمدينتنا...ثم ينتقل الى محمد وقادة وعبد الغني فينتقدهم بشدّة لأنهم يدعمون ويشاركون في اضراب الاساتذة ....من حقكم أن تضربوا لكن ليس من حقكم أن تتناقضوا ! تتحدثون عن المثل العليا والتضحية وعن دور المدرسة في نهضة الدول والأمم المتقدمة ، لكن للأسف ثرثرة فارغة ، وأنانية قاتلة... لقد أفرغتم التعليم من محتواه النبيل وجعلتموه صك بريدي!كل معلم ... أو أغلبهم متناقض مع نفسه! لا يفكر إلا في نفسه وعائلته و الدخل ، أما التلاميذ .. . لماذا جعلتموهم ضحايا ؟.... ما ذنبهم اذ أخطأ الوزير أو المفتش!... ما ذنبهم اذ رغبتم انتم في امتلاك سيارات التقسيط الفاخرة !لكن اصدقائي الأساتذة الثلاث لا يقتنعون فيجادلونه ويتعالى الصراخ... فيغير موضوع الحديث الى اعجابه الشديد بالسينما المصرية الكلاسيكية ، وبالأخص رشدي أباضة وشادية و اسماعيل يس ....ويعيد علينا بعض الافلام التي شاهدها في الايام القليلة الماضية! موضحا ومفسرا نقاط القوة في الفيلم. ثم يقول متعجباً :السينما في كل دول العالم تتقدم وتتطور إلا السينما المصرية فهي في تراجع ! الموضوع واحد؛ الحب ، الخيانة ، التضحية والوفاء لكن طريقة المعالجة تختلف.! وما ان يتلفظ بكلمة الحب ، حتى تتغير ملامحه ، ويصمت قليلاً ليستأنف الحديث المتألم عن قصة حبه الموجعة التي كادت أن تدمره ! ونحن لا نعرف للفتاة اسما إلا أنها أخت مسعود ، أحبها من أعماق قلبه ، وهي بالفعل جميلة وفاتنة . والمثير أنه أحبها منذ أن كانت تلميذة تدرس في مدرسة الامير خالد المجاورة لمسكنه ، ,احبها وتعلق بها ، وصار ذاك الاعجاب والتعلق عشقا كاد أن يحرقه ... وطاردها بجنون في الشوارع ... ويدق على باب مسكنها..وكثير هي المرات التي تشاجر مع أعوان الأمن عند باب الثانوية التي تدرس فيها! وفي الطريق كان يُعاكسها بالكلام الحلو الذي يحفظه من الافلام المصرية! لكنها لم تأبه به ، وكان ذلك يثيره ويفقده صوابه ! فيصر أكثر على ملاحقتها ... اما أخوها فقد اعتبره مجنونا رُفع عنه القلم!.ثم يشرع في انتقاد والده ، اذ كان بإمكانه أن يشتري أخت مسعود بالنقود ، و لكانت الآن في البيت ...تنجب الأولاد... وتصنعُ الطعام...ينتقده بشدة لأنه بخل عليه بالنقود ، وهو تاجر خضروات كبير ، وكان بإمكانه أن يزوجه! لكن والده كرهه لأنه لم يرغب في مساعدته في الدكان وفضل الرسوب مرارا وتكرار في معهد الاعلام الآلي والتسيير!.يتنهد ويقول : - ربما والدي على حق ... تخرجت بعد سنوات طوال..لكني عاطل... وأنا أدنو من الاربعين ...يا ليتني ربحت والدي فربما ضمنت مستقبلي...ابن عمي لم يتجاوز الابتدائي .. .متزوج... واستقل ببيته الخاص ، وأيضا دكانه... وله ولدين ... وثلاث سيارات ... والعديد من العاشقات لماله وليس لجماله ... ويتكبرن علي لو اقتربت من احداهن!ويهم بإتمام الحديث... غير أن أذان الغرب يُرفع... الله اكبر..الله اكبر...ننهض... وينادي قادة النادل....- الوقت يمر بسرعة... يقول محمد.- الحديث مع علاء ممتع...يضيف عبد الغني .وعند مدخل المسجد يهمس علاء في أذني : - احسنَ الكاتب الذي قال بأن حياة الانسان طريق لها مرتفعاتها و وهادها !....
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)